وجع الحروف

الحياة... «ورشة عمل»!

تصغير
تكبير

أثارتني - كما أثارت غيري - مواقف? مواضيع? قرارات? سلوكيات... هكذا هي الحياة منها نتعلم، وقليل منا يعلم غيره!
كنت أشرت - في مقال سابق - إلى أن صناعة التاريخ والاحتفال بيومي الاستقلال والتحرير لا تكون عبر «رشة» ماء في مسيرة ولا أغنية... وذكرت المطلوب ونسيت أن أحدد المطلوب الأول وهو التوجه بالحمد والشكر لله عز وجل على نعمة الأمن والامان تأسيا بقوله تعالى: «اعملوا آل داوود شكراً وقليل من عبادي الشكور»... والقلة التي تفهم نعم الله عليها موجودة منذ الأزل.
وقبل أيام أثارني بيت شعر للزميل حمود البغيلي يقول فيه:


كبرت ما جمعت لعيالي فلوس
كبرت ما كونت غير القصايد
وحمود البغيلي إعلامي وشاعر مخضرم أذكر بعيداً عن صلة القرابة لقاء جمعني به وزملاء آخرين في عام 1986 يعني قبل 33 عاماً، وله بيت آخر يقول فيه:
يا كثر ما قلت أبا سوي وأبا أسوي
ولا فيه شي من اللي قلت سويته
الشاهد أن البعض منا يملك خبرة? معرفة? حكمة و«حسن دبرة» وبعده عن محيط اتخاذ القرار لا يفسح المجال للاستفادة من كفاءاته وتذهب لمن يجيد النفاق? التطبيل? الترويج للسفاهة المغلف بالتنظير المجافي للواقع ولا يلامس حقيقة توقعات الشارع الكويتي.
وهناك جانب الإخلاص بالعمل، ولنا في القول المأثور «قل لمن لا يخلص... لا تتعب»، دلالة على أهمية الإخلاص في العمل... وهنا نتذكر قول علي بن أبي طالب: «قيمة المرء ما يحسن»!
السؤال... هل إخلاصنا في القول والعمل وتوجيه النصيحة، يشترط أن يكون له مقابل مادي «فلوس»... طبيعي: لا وإلا كان كثير من «القلة» المستبعدة من الكفاءات أصبحت من عداد المليونيرات.
صح لسان البغيلي... يكتب ملحوظة? بيت شعر وبيوت شعر لا يبحث عن مقابل مادي لها، وكثير من هم على شاكلته ممن ظلوا على وضعهم المالي، وبعضهم على «طرق المعاش»، لأن الإخلاص هدف سامٍ والنصيحة رسالة لا يبتغون من ورائها كسباً مادياً.
كان داوود عليه السلام «يأكل من كسب يده»... أما من يروج للسفاهة وتقديم اقتراحات بأن من شأنها إحداث طفرة تنموية وهو «فارغ» فكرياً? علمياً? ولا يملك الخبرة والمؤهلات، التي تجيز له ذلك، فهؤلاء - وإن كسبوا المال - فإنهم يدمرون المجتمع ومؤسساته ولا يصنعون التاريخ.
قلة فقط هي من تتوجه لله شكراً في مناسبتي «الاستقلال والتحرير» ? وهذه القلة لا تجيد «النفاق»، ولهذا السبب لا تجد لمساهماتها من نصائح على مختلف أشكالها، قد أخذت حيزاً من الاهتمام من قبل أصحاب القرار.
لهذه الأسباب نرفع أيدينا في الدعاء: «اللهم هب ولاة الأمر البطانة الصالحة»... والبطانة متى ما صلحت فسنجد للقلة الصالحة مكاناً تستطيع من خلاله رسم الخطط الاستراتيجية، التي تصنع تاريخاً تنموياً يعود بالنفع إلى البلد والعباد.
الزبدة:
الحياة «ورشة عمل»، لا تختلف عن مقالات وملتقيات ومشاركات، تكتب وتنقل عبر وسائل الإعلام، وأبيات تذكر لحمود البغيلي وغيره... قد لا تتحقق منها «الفلوس»، لكنها تفوح بأجمل معاني الإخلاص في العمل عبر عبارات ترسل كتابة أو قولاً على هيئة نصيحة لا تصل إلى صناع القرار.
إن كنا نريد صناعة التاريخ، فلنحمد الله ونشكره عز شأنه على نعمة الأمن والامان، وأن نقرب الصالحين للاستئناس برأيهم فالـ«الفلوس» ليست في مقدمة أولويات «رجال الدولة».
ورغم قسوة الظروف المعيشية ومتطلبات الحياة? تبقى «القلة» من الكفاءات في مختلف الميادين متمسكة بمدأ أخلاقي لا يجيز لها ما يطرح من سفاهة وسطحية في حلول ترقيعية لمعالجة كثير من القضايا، التي يتناقلها الجموع عبر عقود من الزمن (تعليم? صحة? طرق? اقتصاد? تنمية... إلخ).
ابتعدنا عن «الأخيار»... وهذه هي النتيجة كما ترونها في كل مؤسسات الدولة... الله المستعان.


[email protected]
Twitter: @Terki_ALazmi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي