كسرت قيودها وتسلّحت برؤية المجدّد محمد بن سلمان لتصبح قبلة سياحية وموقعاً للتراث العالمي

«العُلا»... مدينة الحب والتاريخ

تصغير
تكبير

تطوير المحافظة  كان ضمن خطة  ولي العهد السعودي  للاستفادة السياحية  من أكبر تراث أثري

المنطقة تضم أكبر تجمّع لآثار أقوام وحضارات سابقة لتشكل قاعدة خصبة لخطة سياحية واعدة

الحب ترعرع في جنبات وادي القرى بالمنطقة مع جميل بن معمر ومحبوبته بثينة

العلا لعبت دوراً تاريخياً كملتقى للحضارات ومحطة لطرق التجارة العالمية منذ القرن الأول قبل الميلاد

من المواقع التاريخية في المنطقة موقع مملكة «دادان» الذي استوطنه اللحيانيون والأنباط

 «مدائن صالح» موقع أثري استراتيجي على طريق يربط جنوب الجزيرة العربية ببلاد الرافدين والشام ومصر

 في مشهد خلاب يقع «جبل الفيل» وهو صخرة ضخمة تتميز بشكلها الفريد الذي يشبه الفيل


بجمالها الذي لا يوصف، وسحر رمالها الذهبية وجبالها المنيفة، كسرت «العلا» أغلالها لتنطلق إلى العلا، متسلحة برؤية المجدد محمد بن سلمان الذي ينفذ خطة اقتصادية طموحة غير مسبوقة في المملكة، واستحداث مصادر جديدة للاقتصاد السعودي، ومنها تطوير محافظة العلا التي تضم أكبر تراث أثري وثروة وأكبر تجمع لآثار أقوام وحضارات مدينة خصبة للسياحة.
قناص الاقتصاد العالمي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، بدأ وضع أولى خطوات الخطة الاقتصادية الطامحة لتغيير الشكل الاقتصادي العام وطور المدينة التاريخية. ونجح بدفع عجلة التنمية السياحية من خلال تشغيل آلاف الشباب والشابات السعوديين في قطاعات مختلفة، بالتعاون مع كل الأطراف المعنية والجهات والهيئات الحكومية، بما يساهم في زيادة العمالة الوطنية في المجال السياحي وتشجيع الاستثمار في العديد من القطاعات الاقتصادية الاخرى وجذب رؤوس الاموال للاستثمارداخل المملكة.
وحققت المملكة بفضل رؤيته الثاقبة منجزات وخلق قيمة مضافة جديدة للاقتصاد، وتوليد فرص عمل منتجة تستوعب الشباب السعودي وتزيد من معدلات مشاركته في قوة العمل. وحظيت المرأة السعودية التي كانت من ضمن اهتمامات هذه الرؤية بمشاركتها في سوق العمل، والاستمرار في تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها، وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة للإسهام في تنمية المجتمع والاقتصاد.


ونجحت المملكة في كسر قيود المرأة، من خلال تشجيع الحكومة إجراءات تسمح لها بالالتحاق بالعمل، لتقف صفا إلى صف مع الرجل لخدمة وطنها بدلا من الاستعانة بالنساء الاجنبيات. وتمنح رؤية 2030 للسعوديات الفرصة، بأن يتبوأن مواقع قيادية مهمّة في الدولة خلال السنوات المقبلة، مع النسبة الكبيرة من إجمالي المتخرجات من التعليم الجامعي، لتمكين المرأة من الحصول على الفرص المناسبة في سوق العمل.
وبدعوة من الهيئة الملكية لمحافظة العلا التي تأسست عام 2017، حضرت «الراي» في مدينة الحب والتاريخ، لتوثيق لحظات البناء والتحرر والاطلاع على المواقع الاثرية، ومتابعة فعاليات مهرجان «شتاء طنطورة» الذي شمل أيضا تكريم الفنان عبدالكريم عبدالقادر تقديرا لمسيرته الفنية الزاخرة بالعطاء.
وفي الرياض المحطة الاولى لرحلة العلا، أمضى الوفد الاعلامي ليلة في فندق ماريوت، تجول في العاصمة «المنفتحة» على العالم بعصريتها وتحررها وأسواقها الجميلة ومطاعمها التي تعج بالشباب، الذي يرتدي الازياء العصرية دون قيود. ويمتاز أهل الرياض بالانفتاح وإقبالهم على العالم، وارتفاع نسبة المتعلمين والمثقفين، كونها الواجهة الأولى للسعودية والعاصمة السياسية والإدارية لها، وهي واحدة من أهم مدنها، وهي مقر الهيئات الحكومية المركزية، فهي المقر الرئيس للديوان الملكي السعودي، ورئاسة مجلس الوزراء والوزارات المختلفة، ومعظم الهيئات الحكومية المركزية العسكرية والمدنية، وهي أسرع العواصم نمواً في عدد السكان، ويقيم فيها مجموعات متنوعة من السكان من أماكن مختلفة، وتشكل نسبة السعوديين ما يقارب 70 في المئة.
وفي محافظة العلا المدينة التاريخية، التي تبعد عن الرياض ألف كليومتر، حطت الطائرة في مطار عبدالمجيد بن عبدالعزيز الذي يضج بالحيوية والنشاط، حيث يتواجد عشرات الشباب السعودي العاملين في داخل ومحيط المطار، ومن بينهم نسبة كبيرة من النساء العاملات. ونتيجة الطموح الكبير والرغبة الجامحة لولي العهد الامير محمد بن سلمان في تطوير المملكة اقتصاديا وعالميا، دشن مهرجان شتاء طنطورة الثقافي في محافظة العلا بالمملكة العربية السعودية، على مدار 8 أسابيع، حيث ضم فعاليات تراثية وأنشطة تفاعلية، ومناسبات ثقافية وفنية، استوحى فقراته من تراث العلا التي تعتبر موطن الآثار في شمال شبه الجزيرة العربية، وملتقى العديد من الحضارات على مر عصور متعاقبة، حيث يأتي برنامج مهرجان شتاء طنطورة انعكاسا لهذا الإرث العريق والممتد لآلاف السنين، وليستعرض أمام العالم عمقها التاريخي والحضاري الذي يقف شاهدا على تطور مجتمع العلا منذ القدم في العديد من المجالات التي ارتبطت بالزراعة والفلك والعمارة.
وتجمع محافظة العلا بين ثنايا دروبها تراثا أصيلا وعراقة تاريخية وثقافية لا مثيل لها، وتتميز بيئتها بثرائها الطبيعي، حيث تحتضن وادي القرى، وهو واد خصب يجري في منتصف العلا، ويمتد من الشمال إلى الجنوب تحيطه الجبال والسهول. وكان الوادي موطنا للعديد من الحضارات المتعاقبة التي ما زالت تمتلك لها شواهد أثرية على امتداد الوادي، وفيه قصة الشاعر جميل بن معمر مؤسس الغزل العذري، وهو أحد أنواع الغزل الذي شاع في البيئة الأمويّة، في نفوس أهل البادية، وفتن الشاعر جميل ببثينة بنت حيان من فتيات قومه، وهو غلام صغير، ولما كبر خطبها من أبيها، فرده وزوّجها من رجل آخر، فازداد هياما بها، وكان منزلها في وادي القرى حيث يأتي جميل لزيارته فتناقل الناس أشعاره.
ومن بين المواقع التاريخية أيضا مملكة «دادان» حيث استوطن اللحيانيون والأنباط، ولعبت العلا دورها عبر التاريخ كملتقى للحضارات والثقافات، وكانت محطة مهمة على طرق التجارة العالمية بداية من القرن الأول قبل الميلاد.
تقع العلا على طريق التجارة القديم «طريق البخور» الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية بشمالها، وبالحضارات التاريخية المجاورة في كل من مصر وبلاد الشام وبلاد الرافدين. وكانت مدنها وواحاتها بمثابة محطات عالمية للتبادل التجاري لمختلف السلع. وتمتاز العلا بجمالها ورسمها التاريخي بكل شموخ للمعابد التي تنتشر بكل مكان، وماضي المعابد بأحجام مختلفة على جبالها تلال تمثل أطلالا متراكمة من المباني الحجرية.
وتعتبر الطنطورة بشكلها الهرمي «ساعة شمسية» مهمة يعتمد عليها أهالي المنطقة للتعرف على دخول موسم الزراعة وكذلك تغير فصول السنة، وخصوصاً مربعانية فصل الشتاء، حيث أقصر يوم وأطول ليلة في السنة. وترتفع الطنطورة على أسطح أحد الأبنية وسط بلدة العلا الأثرية، كجزء أصيل من البناء، كما كان أهالي المدينة يعتمدون عليها قبل مئات السنين.
واكتسبت الطنطورة على مر العصور أهميتها كنقطة يجتمع عندها أهالي البلدة للاحتفال بموسم الزراعة وبدخول فصل الشتاء، والذي يعود معه مجدداً النشاط في الحقول. وهكذا أصبح الحدث تقليداً سنوياً يجمع أهل المدينة للاحتفال بعودتهم إلى حقولهم وفرصة للابتهاج وتبادل التهاني.
وفي إطار جهودها المتواصلة لتعزيز مكانة العلا، الجوهرة الأثرية الثمينة في شمال غرب المملكة، كوجهة سياحية استثنائية للتراث والفنون والثقافة والرياضة، نظمت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، البطولة الدولية لسباق القدرة والتحمّل على كأس خادم الحرمين الشريفين بإشراف الاتحاد السعودي للفروسية.
 وفي قلب العلا يقع مسرح «مرايا» للحفلات الغنائية الفنية، يعكس جمال الطبيعة، وقام بتصميمه المهندس المعماري «ماسيمو فوغلياتي» والمصمم الإيطالي «فلوريان بوجي» من فريق استوديو «جيو فورما» العالمي، اللذين قالا إنه لا يوجد أفضل من منظر جبال العلا لتعكس روعة الطبيعة المجردة والخلابة من حوله، وفضول الإنسان عبر التاريخ لاستكشاف الطبيعة من حوله، فمن أعماق طبيعة العلا ينبثق مبنى معاصر يعكس جمال الجبال الشاهقة في العلا.
وزار الوفد الاعلامي مدائن صالح أو قرى صالح، وهو موقع أثري يحتل موقعاً استراتيجياً على الطريق الذي يربط جنوب الجزيرة العربية ببلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر، ويستمد شهرته التاريخية من موقعه على طريق التجارة القديم الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية والشام، ومن أصحابه المعروفين بقوم ثمود الذين جاء ذكرهم في القرآن بأنهم لبوا دعوة نبي الله صالح، ثم ارتدوا عن دينهم، وعقروا الناقة التي أرسلها الله لهم آية. وحسب علم الآثار، فقد سُكنت مدينة الحجر من قبل المعنيين الثموديين في الألفية الثالثة قبل الميلاد، ومن بعدهم سكنت من قبل اللحيانيين في القرن التاسع، وقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة أن مدائن صالح موقع تراث عالمي، وبذلك يصبح أول موقع في السعودية ينضم إلى قائمة مواقع التراث العالمي.
وفي مشهد خلاب، يقع جبل الفيل المحاط بالمطاعم العالمية والجلسات الجميلة، وهو عبارة عن صخرة ضخمة تتميز بشكلها الفريد الذي يشبه الفيل، ومنه اكتسب هذا المسمى وتحيط بالصخرة مجموعة من الجبال ذات الألوان الفاتحة تكسوها الرمال الذهبية. واطلع الوفد الزائر على قصر الفريد، وهو أشهر المقابر النبطية في الحجر، ومن أجمل المقابر النبطية عامة، إذ يتميز بواجهة شمالية كبيرة جداً، وسمي بالفريد لانفراده بكتلة صخرية مستقلة، وكذلك لاختلاف واجهته الكبيرة عن المقابر الأخرى في مدائن صالح، ويلاحظ دقة النحت وجماله في الواجهة، وتقع محطة سكة حديد الحجاز على مقربة من المدائن.?
 وقال الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمحافظة العلا، عمرو المدني، إن «مهرجان شتاء طنطورة حقق نجاحاً ملحوظاً، فمن خلال مجموعة متنوعة من الفعاليات التراثية والثقافية والفنية والطبيعية المستوحاة من تراث العلا الذي يعود إلى آلاف السنين، سلطت الهيئة الملكية لمحافظة العلا الضوء على أهمية المنطقة التي تعتبر موطن الآثار في شمال شبه الجزيرة العربية وملتقى العديد من الحضارات على مر العصور».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي