للأوطان مكانة في نفوس أبنائها، وقد تكلم عن حبها الأنبياء، والصحابة والأولياء.
وكم أثار حب الأوطان قريحة الشعراء، ومحابر الأدباء.
إن للأوطان فضلا كبيرا على أبنائها وكما قال الشاعر:
وللأوطان في دم كل حُرٍّ
يدٌ سلفت ودَيْنٌ مستحق
وتبقى الأوطان عزيزة على أهلها وإن لم تنصفهم أو تعطيهم حقهم.
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة
وأهلي وإن ضنّوا عليّ كرام
الكثير من الناس يدّعي حبه لوطنه، لكن هذا الادعاء يحتاج إلى إثبات بالأفعال قبل الشعارات والأقوال.
فمن علامات حب الأوطان الدفاع عنهاعند تعرضها للخطر وفداؤها بالروح والنفس والمال:
ومن كانَ في أوطانهِ حامياً لها
فذكراهُ مسكٌ في الأنامِ وعنبرُ
ومن لم يكنْ من دونِ أوطانهِ حِمى
فذاك جبانٌ بل أَخَسُّ وأحقرُ
حب الوطن يكون بالمحافظة على أمواله وممتلكاته، وبحفظ أماناته سواء كانت أموالاً أو ثغوراً أو أسراراً.
حب الوطن يتحقق بنشر الهدى والفضيلة، ومحاربة الفساد والرذيلة، فالأوطان إنما تعمر بالفضائل وتخرب بالرذائل.
وكما قال عمر بن الخطاب: «توشك القرى أن تخرب وهي عامرة، قيل: كيف يا أمير المؤمنين؟ قال: إذا علا فُجّارُها على أبرارها، وساد القبيلةَ منافقها».
إن الوطن كالسفينة تحمل الصالح والطالح، والمعمِّر والمُخرِّب، ومن علامات حب الوطن منع المفسدين من المضي في مخطط تدمير الوطن سواء كان فسادهم فكرياً أو اجتماعياً أوأخلاقياً.
ففي منعهم وإيقافهم نجاة للجميع، وفي تركهم وما يريدون هلاك الجميع.
من علامات حب الوطن اجتناب الظلم، والأخذ على يد الظالم، جاء في الحديث: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره».
حب الوطن يتمثل بالحرص على جمع الكلمة والائتلاف، ونبذ الفرقة والاختلاف، وبعدم إثارة النعرات: الطائفية أو المذهبية أو الطبقية أو القبلية أو...
لقد كذب في ادعاء حب الوطن من يرى فيه أنه «بقرة حلوب»، متى نفد ضرعها تركها وبحث عن غيرها.
وكذب في الادعاء من لا يعرف وطنه، إلا في الرخاء فإذا جاء وقت الشّدة تخلى عنه!
وكذب في الادعاء من يخون وطنه فيكشف أسراره، ويتآمر عليه مع أعدائه.
وكذب في المحبة من يختار شخصا لمنصب - لقرابة أو مصلحة - وهو يعلم أنه غير كفؤٍ له.
وكذب في ادعاء المحبة من قدّم مصالحه الخاصة على مصلحة الوطن العامة.
أخيراً ينبغي أن ينتبه المسلم إلى أن حدود وطنه لا تقف عند تلك التي رسمها الاستعمار، وإنما هي كما قال الشاعر:
وحيثما ذكر اسم الله في بلد
عددت ذاك الحمى من لب أوطاني
Twitter:@abdulaziz2002