جرثومة الصمت والصدمة لا تقوى على خرق أسوار الحزن التي تعلو مبناها... وزميلاتها تأبين تصديق خبر وفاتها

مدرسة بدرية ومقعدها... قصة فاجعة

تصغير
تكبير
|كتب نواف نايف|
عندما تطأ قدماك أرض مدرسة صفية المتوسطة للبنات وتبادر بالسؤال: هذه مدرسة الطالبة المتوفية بدرية الشمري التي نشرت «الراي» امس «مآساة وفاتها»؟، سرعان ما يتسلل الى أذنيك جواب احدى زميلاتها همسا ثقيلا: نعم انها في الداخل!.
ترد على اجابة زميلاتها الغريبة كغرابة الجرثومة التي أودت بحياتها بسؤال: أين في الداخل؟ فتومئ اليك احداهن باشارة هزيلة الى صفها، تتقدم واياهن بخطوات كئيدة وسط سكون ثقيل يلف ارجاء المدرسة، تفتح احداهن باب الصف بهدوء خشية ان تعكر الصمت المطبق الذي يسيطر على المكان، قبل ان يخرقه صوتها الذي لا ينازعه شيء سوى صوت حشرجة الموت، وتقول: انها هناك على مقعدها، فتلتفت يمينا ويسارا علك تجدها فيقع نظرك على دمية أُجلست في مكانها لتبقى بدرية حاضرة بين زميلاتها واسرة مدرستها يأبون ان يصدقوا انها أسلمت الروح الى خالقها.
رائدة الفصل 6/4
وبصوت تخنقه الغصة وآلم الفراق تسترجع مديرة المدرسة امل المطلق ذكريات الطالبة بدرية الشمري مع المدرسة التي احتضنتها والتي باتت خيوط الحزن تعلو اسوارها فتقول: «صباح ذلك اليوم لحظة اعلان وفاتها في الطابور الصباحي، كان يوما «مفجعا» تقاطرت دموع زميلاتها ومعلماتها وبدت ساحات واروقة المدرسة موحشة لفراق بدرية».
وتروي المطلق لـ «الراي» ان فقدان الطالبة بدرية «خلف حزنا كبيرا بين اعضاء اسرة المدرسة وزميلاتها، لكنها مشيئة الله وقضائه وقدره»، مؤكدة ان بدرية «كانت من خيرة الطالبات لاسيما وانها كانت رائدة الفصل 6/4 وتتمتع بصداقات كبيرة بين زميلاتها ومحبوبة من الجميع».
اضافت المطلق بعد ان ابلغنا بوفاتها «جاء افراد الصحة الوقائية وقاموا بتطعيم جميع الطالبات في الفصل كإجراء احترازي، الا ان شهادة الوفاة الصادرة من وزارة الصحة تؤكد انها توفيت نتيجة «تسمم في الدم»، ولا توجد اي عدوى او مرض في المدرسة».
وقدمت المطلق العزاء لذوي المرحومة بوفاه فقيدتهم، سائلة الله ان يصبرهم على هذه الفاجعة لا سيما وانها وحيدة والديها.
واكدت المطلق «ان اسرة المدرسة حريصة كل الحرص على جميع طالباتها والتأكد من سلامتهم، لافتة الى ان «المدرسة سليمة والطالبات بخير ولا توجد اي مشاكل حول هذا الموضوع».
حيوية ونشاط
من جهتها قالت المديرة المساعدة في المدرسة امال العبد الغني «التقيت بالطالبة بدرية الشمري كونها زميلة ابنتي في الفصل ذاته، وانا اعرفها جيدا فهي تمتاز بالهدوء وكانت مثال الطالبة المجتهدة والمجدة، وكانت تتمتع بعلاقات واسعة مع زميلاتها وتتسم بالحيوية والنشاط، وفراقها أثّر كثيرا في نفوسنا».
واكدت العبد الغني انه «لا توجد جرثومة او عدوى في المدرسة، وابنتي تجلس بجانبها في الفصل، والمدرسة نظيفة وما اصاب الطالبة بدرية قضاء وقدر ونحن جميعا «فجعنا»، وان القلب ليحزن وان العين لتدمع وان على فراقك يا بدرية».
«وايد طيبة»
وعبرت زميلات الفقيدة بدرية عن بالغ حزنهن، حيث اجمعن على حبهن لبدرية، واكدن ان فراقها «ترك اثرا كبيرا فينا».
وقالت الطالبة ثريا «أحببت بدرية لانها «وايد طيبة» وصديقتي منذ اربع سنوات، وانا «للحين مو مصدقة» انها ما راح «تجي» المدرسة بعد ولن تقعد بالكرسي «الي يمي» لانه «فارغ» وكل ما اشوف مكانها «ما اتحمل».
واضافت «أذكر آخر مرة كنا نركض في ساحة المدرسة، وكانت تقول لي اني أعز صديقاتها، رحلت بدرية ورحلت معها الذكريات الجميلة ولن اصدق خبر وفاتها».
وختمت الطالبة ثريا بالقول: «عند سماعي خبر وفاتها ونحن في طابور الصباح لم اصدق وسقطت «شنطتي» لانني بالفعل احبها واميزها وانا احتفط بكتاب استعرته منها في احد الايام»


الجدة استبعدت تقصير إدارة المدرسة

أم بدرية: سيئ
تعامل «الصحة» مع حالة ابنتي


كتبت فوز الظاهر:
استبعدت جدة الطفلة بدرية الشمري أن يكون سبب وفاتها هو تقصير الإدارة المدرسية، مؤكدة ان الفتاة وقبل وفاتها بيوم كانت طبيعية جداً وارتدت ثياب العيد مبتهجة بها، إلا ان القدر أخذها قبل أن تفرح بما ارتدته.
ومن جانبها، أشارت والدة الفتاة بأن اللوم لا يقع على عاتق إدارة المدرسة وإنما هو قدرها، مشيرة إلى ان وزارة الصحة كانت «سيئة في التعامل مع حالة ابنتي عندما تم نقلها لتلقي العلاج».
واستغربت والدة بدرية الشمري من «تأخير تحليل الزراعة الذي لم يظهر حتى هذه اللحظة».
وأشادت أم الفتاة بدور ناظرة المدرسة والوكيلة واللتين حرصتا على حضور العزاء والثناء على الطالبة المتوفاة.
وكان عدد من أولياء الأمور في مدرسة الطالبة المتوفية تساءلوا «عن سبب تطعيم فصل الطالبة بدرية فقط دون تطعيم بقية المعلمات والطالبات، وكذلك المكان الذي تعيش فيه وهو بيت والدها على الرغم من ان بدرية كانت تقضي معظم وقتها في أكثر من منزل لدى أقاربها، ما يثير تساؤلات كثيرة حول ماهية هذا التطعيم وإجراءات وزارة الصحة تجاه هذه الحالة».

الغانم لفتح تحقيق في الحادثة
وإحالة المسؤولين إلى الجهات المختصة


وصف النائب مرزوق الغانم حادثة وفاة الطفلة بدرية الشمري بـ «مأساة تعكس حقيقة الوضع الصحي المتردي في بعض قطاعات وزارة الصحة».
وأكد النائب الغانم في تصريح صحافي تعليقا على الحادثة التي نشرت «الراي» روايتها أمس ان «على وزير الصحة ومسؤولي الوزارة فتح تحقيق فوري في هذه القضية ومعرفة ملابسات الوفاة وتحديد المسؤولين عن الاهمال في مواجهة هذه الحالة وفي جميع الادارات والأقسام التي تعاملت معها».
وأكد النائب الغانم انه سوف يتابع هذه القضية حتى النهاية وسيتقدم بأسئلة برلمانية في هذا الموضوع، ويجب على الوزارة ألا تخفي أي معلومات تتعلق بحالة وفاة الطفلة بدرية الشمري، داعيا «احالة المسؤولين عن أي اهمال الى الجهات المختصة لمحاسبتهم».


ناشد الأمير عقد مؤتمر صحي ووجه سؤالا إلى البراك

قويعان: جريمة المطالبة
بعدم الإبلاغ عن الحادثة حماية للموظفين


 كتب فرحان الفحيمان:
اعتبر رئيس اللجنة الصحية البرلمانية حسين قويعان وفاة الطفلة بدرية الشمري «مؤشرا كبيرا على تدهور الملف الصحي، ودق أجراس الخطر بقوة أمام كل من يريد اصلاح الوضع الصحي الذي يسير من سيئ إلى أسوأ».
وناشد قويعان بـ «عقد مؤتمر لانقاذ الوضع الصحي تشارك فيه القطاعات الصحية كافة، ويكون تحت رعاية صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وسمو رئيس الوزراء، فلا بد من رسم سياسات جديدة تنتشل الوضع الصحي من السوء الذي غطى قطاعاته». وبين قويعان ان ما حدث للطفلة «يؤكد مدى تدهور الوضع الصحي في البلد ووصولنا الى هذه الدرجة من الاهمال في الرعاية الصحية»، مبينا ان المطالبة بعدم الابلاغ حتى نحمي بقية الموظفين هذا أمر بحد ذاته «جريمة».
ووجه قويعان سؤالا الى وزير الصحة علي البراك حول الحادثة جاء فيه: «طالعتنا جريدة «الراي» بعدد الاثنين 15 ديسمبر بخبر وفاة الطفلة بدرية الشمري بجرثومة غامضة، حيث ان تفاصيل الخبر قد تنم عن حدوث اهمال طبي، يرجى افادتي على التالي:
- ما تفاصيل وفاة الطفلة بدرية الشمري في مستشفى الصباح؟

الملا استغرب الصمت الحكومي:
لا بد من محاسبة كل مقصر

استغرب النائب صالح الملا: «الانهيار الصحي الذي لم يعد مكترثاً بأرواح البشر».
وقال الملا في تصريح لـ «الراي»: «من غير المعقول ان الحكوم تلوذ بالصمت، ولا تحرك ساكناً امام الاهمال الطبي الذي استشرى في الجسم الصحي».
وافاد الملا ان «روح الطفلة بدرية الشمري التي ازهقت، ولا بد ان تكون هناك محاسبة لكل مقصر، نحن نؤمن بقضاء الله وقدره، ولكن الاهمال عنوان كبير للملف الصحي، وعلينا ان نقلب صفحاته المتبعثرة».

العبدالجادر: صرخة في وجه
الإهمال الصحي والملف المتخم بالتردي

اعتبر النائب محمد العبدالجادر ان قضية الطفلة بدرية الشمري وملابسات وفاتها «صرخة في وجه الاهمال الصحي»، داعياً إلى «نفض الملف برمته».
وأكد العبدالجادر في تصريح لـ «الراي» ان الوضع الصحي «بات متخماً بالتردي وعلينا كنواب ان نسلط الضوء على مثل هذه الأمور التي بلغت اقصى درجاتها».


مصادر طبية شبهت أعراض إصابة بدرية بـ «فيروس النيموكوكال»

العبدالهادي أعلن فتح تحقيق مزدوج:
محاسبة المقصرين... وعدم التهاون في حياة المرضى


 كتب سلمان الغضوري:
فيما أعلن وكيل وزارة الصحة الدكتور ابراهيم العبدالهادي فتح تحقيق في قضية وفاة الطفلة الطالبة بدرية الشمري نتيجة اصابتها بجرثومة غامضة في الدم، والتي نشرت «الراي» احداثها امس رجحت مصادر طبية ان تكون بدرية قد اصيبت بفيروس «النيموكوكال»، الذي يسبب نوبات من الحرارة المرتفعة وقد يؤدي إلى وفاة المصاب خصوصاً الأطفال.
وقال العبدالهادي في تصريح لـ «الراي» ان التحقيق «جار وسيكون على خطين متوازيين: الأول يتحقق من طريقة العلاج التي اجريت للطفلة المتوفاة والثاني الاجراءات الوقائية التي اتبعت لمعالجة تداعيات الحادثة».
وشدد وكيل الوزارة على ان وزارة الصحة تولي الموضوع اهتماماً جاداً، مؤكداً انها لا تتهاون بحياة وارواح المرضى.
كما اكد العبدالهادي على «محاسبة المقصرين في حالة ظهور اي تقصير في متابعة علاج الطفلة بدرية والإجراءات الوقائية المتبعة في مثل هذه الحالات».
إلى ذلك اعتبرت مصادر صحية ان اجراءات الصحة الوقائية في مثل تلك الحالات «تقليدية وتتمثل في اعطاء التطعيمات المضادة لأفراد الأسرة الذين يعيشون معها، وكذلك لزميلاتها في الصف ولسكان الشارع الذي تقيم فيه».
وشددت المصادر على اهمية اتباع هذه الاجراءات في حالة اكتشاف مرض ينتقل بالعدوى أو امراض غريبة مثل حالة الطفلة بدرية الشمري.
وفي المقابل حذرت مصادر طبية اخرى من ان الاجراءات العلاجية والوقائية التي اتبعت في حالة بدرية «غير صحيحة»، وأوضحت انه كان على الاطباء اجراء اكثر من تحليل بحيث يتم اكتشاف اسباب المرض ونوع وحقيقة الجرثومة التي اصابتها لاعطائها المضاد المخصص.
وشبهت المصادر اعراض حالة الطفلة المتوفاة بأعراض «فيروس النيموكوكال» وهو مرض يسبب نوبات من الحرارة المرتفعة للمصاب، وقد يؤدي إلى الوفاة، مبينة ان الأطفال يمكن ان يكونوا عرضة له.
يذكر ان وزارة الصحة أدخلت «تطعيم النيموكوكال» أخيراً ضمن برنامج تطعيم الأطفال، وقد اعطي لبعض الأعمار، بعد ان اعلنت الوزارة عنه ودعت اولياء الأمور إلى تلقيح اطفالهم به.

جناح للعلم
... وسبيل ماء


قالت مديرة مدرسة صفية المتوسطة للبنات امل المطلق ان ادارة المدرسة قررت ان تطلق اسم «بدرية الشمري» على جناح في المدرسة.
اضافت «كما قررت الادارة وضع سبيل ماء خارج المدرسة باسمها، لانها ابنتنا وابنة المدرسة رحمها الله».


الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي