الحريري: «ذبحتْني» زيارة دمشق في 2009 فمن الصعب على المرء مصافحة قاتِل والده
العلولا في بيروت... الرياض ترْفع حظْر السفر إلى لبنان
... المنطقةُ «على الطاولة»، من وارسو الى سوتشي، وفي لبنان «دفْنٌ للرؤوس في الرمال» عبر خطاباتٍ «انغماسية» في شؤونٍ «بحت محلية» ذات صلة بالفساد والواقع المالي - الاقتصادي تطغى على جلسات الثقة بالحكومة الجديدة التي تُعتبر في تركيبتها «ميني برلمان» ما يجعل كلمات الغالبية الساحقة من النواب وكأنها في سياق إما تسجيل مواقف «على الكاميرا» أو تصفية حسابات بين المكوّنات الحكومية.
وفي حين فَرَضَ التهافُت على الكلام تمديد جلساتِ الثقة التي كان يفترض أن تنتهي أمس أقلّه الى الجمعة (اليوم تستريح الجلسات لمناسبة ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري)، فإن المناقشات التي لا تخلو من كشْف وقائع «فضائحية» - دعائية لم تحجب الأنظار عن الزيارة البالغة الأهمية التي يقوم بها المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا لبيروت حاملاً رسالة دعم للبنان وتهنئة بتشكيل الحكومة. وبدت زيارة العلولا الذي التقى أمس رؤساء الجمهورية العماد ميشال عون والبرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري وشخصيات سياسية صديقة للمملكة، في سياق تجديد الثقة السعودية بلبنان من خلف كل محاولات تظهير وجود «غلَبة» إيراني في الوضع اللبناني بدءاً من نتائج الانتخابات النيابية وصولاً الى الحكومة الجديدة وتوازناتها، وتالياً تأكيد ان الرياض لم «تسْحب يدها» من «بلاد الأرز».
وإذا كان «حزب الله» عبر اندفاعة أمينه العام السيد حسن نصرالله بالدعوة الى تعاوُن عسكري واقتصادي مع طهران ثم إيفاد إيران وزير خارجيتها محمد جواد ظريف الى بيروت وفق هذه «الأجندة» اعتُبر في إطار الرغبة في توجيه رسالة «إمساك» بالورقة اللبنانية، فإنّ خروج رئيس الديبلوماسية الإيرانية «خالي الوفاض» من زيارته بدا مؤشراً الى أن التوازنات في الواقع اللبناني لا تتحكّم بها فقط «الأرقام» بل الالتزامات العربية والدولية التي لا تحتمل بيروت الخروج عنها، وهو ما يجعل موقع لبنان «محروساً» الى حدّ ما بـ«كوابح» يصعب تجاوُزها.
وكان معبّراً ان العلولا وبعيد وصوله الى لبنان ولقائه مساء الثلاثاء مع الحريري (قبل ان يستقبله رسمياً أمس) شدّد رداً على سؤال حول أي علاقة لزيارته بزيارة وزير الخارجية الإيراني على أن «المسار الإيراني يختلف تماماً عن مسار السعودية وبالتالي ليس هناك من تَنافُس ولكلٍّ مساره»، مذكّراً بأن هناك «أكثر من 20 اتفاقاً مع الحكومة اللبنانية تحتاج الى تفعيل، ونراهن على إرادة اللبنانيين وذكائهم ولديهم القدرات والعلم والتراث والثقافة ولا ينقصهم سوى التفاهمات وحينها يحكمون العالم»، ومؤكداً «زيارتي مرتبطة بتشكيل الحكومة ونتمنى ان تكون فال خير على اللبنانيين والعرب لأن نهوض لبنان يعني نهوض العرب»، ومضيفاً: «انتهى الحديث عن الحكومة وبدأنا الحديث مع الحكومة (...)».
وفي سياق ترجمة الدعم السعودي، أعلن السفير وليد بخاري في اللحظة التي كان العلولا يلتقي الحريري انه بناء على التطمينات من الحكومة اللبنانية على استقرار الاوضاع الأمنية في «بلاد الأرز» فإن المملكة «ترفع تحذيرها الى مواطنيها المسافرين الى لبنان سواء كان من المملكة أو من أي وجهة دولية أخرى».
وفي لقاءاته الرسمية، حمل العلولا رسالة دعمٍ للبنان وحكومته من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، اللذين نقَل الموفد الملكي تحياتهما الى رئيس الجمهورية وتهانيهما لمناسبة تشكيل الحكومة، مؤكداً «وقوف السعودية الى جانب لبنان ومساعدته في المجالات كافة بهدف تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين».
وحمل عون، العلولا تحياته الى الملك سلمان وولي العهد، مؤكداً «حرص لبنان على تعزيز التعاون في المجالات كافة». وبعد لقاءات مع بري والحريري شارك العلولا في «منتدى الطائف... إنجازات وأرقام» الذي أقامتْه السفارة السعودية بالتعاون مع مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة في الذكرى 14 لاغتيال رفيق الحريري والتي حضرها رئيس الحكومة عشية إحياء «تيار المستقبل» هذه المناسبة تحت شعار «البلد مكفّي بشغلك».
في مشهديةٍ سياسية يجري رصْدها بدقة ولا سيما لجهة كلمة الحريري الابن الذي يفترض ان يتطرق الى ثوابت تياره في العناوين الوطنية كما السياسية، من المحكمة الدولية، ومهمات الحكومة، الى الطائف والدستور والعلاقات مع العرب واحترام الشرعيتيْن العربية والدولية.
وعشية ذكرى 14 فبراير 2005 التي سيشارك فيها العلولا، أطلّ الحريري عبر منصات جريدة «النهار» الالكترونية في حوارٍ بين «ابن الشهيد» و«ابنة الشهيد» رئيسة التحرير نايلة جبران تويني، تناول فيه الواقع اللبناني من الحكومة وتحدياتها وعلاقاته مع مختلف القوى السياسية إضافة الى جوانب شخصية وعائلية أدمعتْ خلال حديثه عنها عيناه أكثر من مرة بينها حين عُرضت عليه صورته بينما كان يحمل نعش والده، كما عندما قرأ رسالة من نجله حسام وصف فيها والده بـ«الجبل الشامخ».
ولم يتوان الحريري عندما وُضعت أمامه صورته وهو يصافح الرئيس بشار الأسد خلال زيارته لدمشق في ديسمبر 2009 عن القول: «من الصعب ان يصافح المرء مَن قتل والده، كانت تلك من أصعب اللحظات في حياتي، وقمتُ بتلك الزيارة لمصلحة لبنان (...) أما على المستوى الشخصي فـ«اندبحت»، مؤكداً حول «هل يمكن ان نراك تصافح الأسد مجدداً»: «لا أبداً no way».
صواريخ أميركية للجيش اللبناني
سلمت الولايات المتحدة صواريخ موجهة بالليزر تزيد قيمتها على 16 مليون دولار للجيش اللبناني، أمس، لتبرهن على ما وصفته «بالتزام قوي وراسخ» تجاهه.
وأفاد بيان للسفارة الأميركية بان الصواريخ، مكون رئيسي في أسطول طائرات «إيه-29 سوبر توكانو» الهجومية الذي تم تسليمه في وقت سابق.
يعقوبيان على دراجة نارية
على هامش جلسات الثقة بالحكومة اللبنانية الجديدة، برزتْ مجموعةُ مفارقاتٍ لنواب حضروا الى مقر البرلمان بطرق «غير مألوفة» حملتْ رسائل عدة.
وسُجّل أمس وصول النائبة بولا يعقوبيان على دراجة نارية صغيرة في تطور رُبط برغبتها في التعبير عن رفضها للإجراءات الأمنية المشددة المتخذة في محيط البرلمان منذ الصباح مواكبةً لجلسات الثقة، الأمر الذي تسبب بإعاقة حركة المواطنين في بيروت.
وقبلها فاجأ النائب هاغوب بقرادونيان الموجودين أمام مقرّ مجلس النواب بوصوله مستخدماً دراجة هوائية في «رسالة بيئية»، وكان يضع خوذة واقية على رأسه مطبقاً القوانين وكل شروط السلامة العامة.
واعتُبرت خطوة بقرادونيان «مزايدة ايجابية» على خطوة وزير البيئة فادي جريصاتي الذي كان حضر أول من أمس مستخدماً سيارة صديقة للبيئة قادها بنفسه من دون مرافقة أمنية أو شخصية.
سجال بين الموسوي ونديم
أعلن نائب «حزب الله» نواف الموسوي «ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصل إلى قصر بعبدا ببندقية المقاومة التي تشرّف كل لبنان ولم يصل عبر الدبابة الاسرائيلية» غامزاً من قناة الرئيس بشير الجميل الذي انتُخب العام 1982 واغتيل بعد 21 يوماً.
وجاء كلام الموسوي في معرض سجال دار بينه وبين رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل خلال جلسات الثقة بالحكومة، اذ اعتبر نائب «حزب الله» أن «كل شخص يريد ان يسلط الضوء على نفسه يتهجم على حزب الله».
وتوجّه الموسوي الى بري بالقول: «لنا الحق في الرد على كل من يتهجم علينا»، فردّ عليه النائب نديم بشير الجميّل قائلاً: «الرئيس بشير الجميّل انتُخب في البرلمان اللّبناني وهو رئيس لبنان وكفى تخويناً، وهذا الكلام لم يعد مسموحاً»، ليبادره نائب «حزب الله» قائلاً: «حجمكم دبابة اسرائيلية».