قبل أمس الجمعة في جريدة «الراي» لفت انتباهي مانشيتين? الأول يقول: (الأمطار «تجرف» 12 شركة ومسؤولين في «الأشغال» و»الطرق») والثاني (الشعلة يضبط «الشللية» والتنفيع في المهام الرسمية لـ«الأوقاف»).
أعجبني استخدام فعل: «يجرف» و»يضبط»... فما الذي شعرت به وتمنيت لحظة قراءة الخبرين؟
تخيل لو أن هذا الفعل تم تعميمه على جميع المؤسسات ومكونات مجتمع الكويت: فماذا سنجني؟
طبعا أعني «لو» بأفعال يقوم بها أصحاب القرار عن قناعة ورغبة في الإصلاح ومكافحة الفساد... !
تقول القاعدة الإدارية الثابتة إنه «الأمر الذي تستطيع قياسه? لا تستطيع إدارته»، ومفهوم آخر يقول: «لا يقدم من القوم إلا خيارها» ومن هنا تبدأ ملامح سبب استحساني وإعجابي بفعلي «تجرف» و»يضبط»!
على مستوى العمل المؤسسي? أي قيادي يجب أن يكون من «الأخيار»/ «النخبة ـ الخبرة الصالحة»، وهنا نقصد القيادي «الصح» الذي يملك العلم/ المعرفة? الخبرة? النزاهة? الرشد? سجل حافل بالإنجازات وهي سمات تحدد القيادي المؤثر من غير المؤثر.
عند اختيار «القياديين» توضع المعايير بعيدة عن الشكليات والمعايير السائدة عند تعيين القياديين... يعني ليس بالضروري أن يكون القيادي الكفاءة محسوباً على كتلة أو مجموعة أو «خوش ولد» أو «محترم» أو «جاي من طرف شخص عزيز»... فالكفاءة والجدارة عادة يملكها أشخاص لا يقبلون «الواسطة»، ولذلك فهم بعيدون عن محيط الاختيار وعوامله.
إذا أردنا «الإصلاح» وبلوغ «التنمية المستدامة» والوصول إلى مركز مالي وتجاري عالمي مرموق بين الدول المتقدمة، فهنا تستدعي الضرورة أن «نجرف» كل المفاهيم المغلوطة عند اختيار القيادات ونتجرد من عامل «تطابق الكيمياء الشخصية» أو «توافق المصالح»، ونستبدلها بمعايير «صح» للاختيار.
إن حصل هذا? وهو ما نتمناه? فيعني أن كل المؤشرات العالمية التي على أساسها يتم تقييم الأداء وقياس وضع البلد بين بلدان العالم، التي شهدت تقدماً ملحوظاً وحققت أعلى المؤشرات في «السعادة»، لأنها نصبت القياديين من «خيار القوم»... هم - أي «خيار القوم» - فقط من يستطيعون قياس الأمور ومجمل القضايا وبالتالي يستطيعون إدارتها وإجراء التغييرات اللازمة.
وعلى الصعيد الاجتماعي? نجد فعل «يضبط» ماثلاً !
لو أمعنا النظر في مجمل القضايا العالقة وضعف الرقابة والتشريع? لوجدنا السبب يعود لسوء «الاختيار» من قبل قاعدة الناخبين، التي قدمت نواباً... وضعوا «حسابات» معينة تخدم مصالحهم، ولا تراعي احتياجات المجتمع ومكوناته وتركت المؤسسات تعج بالفساد.
نريد من أحبتنا - جميع الناخبين - أن يستوعبوا الدرس جيداً? فما نتابعه من قصور إنما هو محصلة لسوء الاختيار؟
لو سألت أي ناخب: لماذا «صوّت» للمرشح ؟ ستجد الإجابة غير مرتبطة بأي معيار من معايير الاختيار الصحيحة (بعضهم يصوت كرد جميل لخدمة? والبعض الآخر لصلة القرابة? وآخر لأنه «يمرنا بالديوانية» و ...).
لهذا السبب نطالب بـ«تنظيف» عقولنا من شوائب أضرّت بالبلد والعباد، سواء على مستوى المجتمع ومكوناته أو المؤسسات العام منها والخاص.
الزبدة:
نحتاج من «يجرف» كل قيادي هبط عبر الباراشوت? أو كان طرفاً في تجاوز ما إداري أو مالي... ونحتاج كذلك إلى من «يجرف» كل فاسد أو مفسد وتقديم مصلحة البلد وفئات المجتمع ومكوناته ومؤسساته على أي جوانب آخرى.
إنني على علم يقين بأن الإصلاح يأتي من «الفرد» ثم «البيت» ثم «المنطقة» ثم المحافظة ثم البلد ومؤسساته.
إنها ثقافة الإصلاح التي تتطلب تعديلاً في التركيبة الثقافية، والأسس المتبعة عند اختيار القياديين.
فهل حان «وقت الإصلاح»...؟
العلم عند الله عز شأنه، لكن الثابت أنه وإن طال انتظار الإصلاح، فهو قادم لا محالة وإلا فإننا «سنهلك» و»يهلك» الجميع.
نحتاج فهم كلمة «الوقاية» وتقديم «خيار القوم»، ونبذ كل معيار آخر هو سبب لما حصل من تجاوزات? وهو المغذي للفساد? وهو المؤسس لشرعنة القصور المستمر، الذي يفصل بيننا وبين التنمية المستدامة والوصول إلى مركز مالي وتجاري عالمي... الله المستعان.
[email protected] Twitter : @Terki_ALazmi