فيلم الرحمة

لا تتردد رؤوس الأموال المستثمرة في صناعة السينما، من خلال البحث عن أماكن الاستثمار، التي تقدم فيلماً مميزاً يحصد الأرباح المادية المرضية، وهذا ما قامت به شركة انتاج سينمائية بريطانية، من خلال إنتاج فيلم بريطاني الهوية يحمل اسم «الرحمة» وقد طرح إلى الأسواق الأميركية في عام 2018م.
والفيلم من إخراج جيمس مارش، الذي ولد في عام 1963م ودرس في كلية القديسة كاترين، وقد سبق وأن حصل على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي في عام 2009م، وجائزة نقابة المخرجين الأميركيين في عام 2012م، كما سبق وأن حصل على جائزة «البافتا» لأفضل فيلم بريطاني، وله أفلام عدة منها «نظرية كل شيء، ورجل على الواير والظل الراقص، وملك اللصوص والملك»، ويمتلك سمعة مميزة في بريطانيا.
وقد كتب السيناريو سكوت بورنس وقام بتأليف الموسيقى يوهان يوهانسون، والفيلم من بطولة كولين فيرث وريتشل وايز وديفيد ثيوليس وكين ستوت وجوناثان بيلي ومارك جاتس وادريان سشيلر وجينيفيف جانت واخرين. وفيلم «الرحمة» هو توثيق لقصة حقيقية باتت جزءاً مهماً من الاحداث المأسوية لبعض البحارة، تنافسوا في سباق صنداي تايمز غولدن غلوب في عام 1968م، حيث يقوم البحار بالإبحار حول العالم لوحده، والذي فاز بها بحار واحد، وفشل الباقون، بينما كانت المأساة مع بطل قصة الفيلم، الذي لم يعد في الوقت الذي عانت زوجته وأبناؤه الكثير من المصاعب، بدءاً بمحاولة العيش في أوضاع لم تكن سهلة، مروراً بالضغط الإعلامي، الذي سلط الضوء على تفاصيل حياتهم وانتهاء بانتظارهم قرب المرسى كل يوم إلا أنه لم يعد.

نعم إن قصة الفيلم غريبة، تعكس مدى قدرات النفس البشرية، وإن كانت تختلف من شخص لآخر، إلا أنها حتماً تنطبق لدى الكثير من الناس، خصوصاً عندما تواجه ظروف غير عادية، وهذا ما واجهه البحار دونالد كوروهورست، الذي ترك أسرته ليعيش تجربة تحد كبيرة، عايش خلالها فترات صعبة، وهو يتنقل بين موانئ العالم، بينما تعيش أسرته واقعاً مؤلماً، بسبب غيابه الذي لم تكن نهايته معروفة.
وقام الممثل كولين فيرث بدور البحار كروهورست، بينما قامت الممثلة ريتشيل وايز بدور زوجته كلير كروهورست، والممثل كولين ولد في عام 1960م في بريطانيا وهو ممثل مسرحي في الأصل، الأمر الذي جعل اداءه مميزاً في السينما والتلفزيون، لأن المسرح يصقل الممثل الموهوب بشكل كبير، كما أن له مشاركات في أفلام سينمائية عدة مثل «مذكرات وعودة ماري والحب الحقيقي وخطاب الملك» وغيرها من الافلام والمسلسلات.
وكذلك الممثلة ريتشل وايز وهي مولودة في عام 1970م في بريطانيا، ولها أفلام عدة مثل «المومياء والمفضل وعودة المومياء وقسطنطين وجراد البحر»، ولها دور مميز في فيلم «البستاني المخلص»، الذي جعلها مادة إعلامية واسم فني كتب عنه الكثير من النقاد، إضافة إلى أنها قامت بالحصول على بعض الجوائز مثل جائزة الأوسكار في عام 2006م كأفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم البستاني المخلص، وحصلت في الدور نفسه على جائزتي الغولدن غلوب ونقابة ممثلي الشاشة.
إن صناعة السينما البريطانية كانت - وما زالت - مميزة، وهي تمتلك إنجازات كبيرة، كما أنها تمتلك أسماء لامعة من المخرجين والممثلين من كل الاجيال، وبالتالي فهم قادرون على لفت الانتباه اليهم، وحصد الجوائز والحصول على إطراء النقاد والجمهور عالمياً من خلال إبداعاتهم.

* كاتب وفنان تشكيلي كويتي