خلال افتتاح فعاليات مؤتمر وملتقى «الكويت الصناعي»
الروضان: اقتصادنا سيكون أقوى كلما زاد عدد المصانع... وليس كلما ارتفع إنتاج النفط
تقي: رؤيتنا أن تكون الكويت مركزاً عالمياً للصناعات الابتكارية
زيادة حجم رأس المال المستثمر إلى 11 مليار دينار حتى 2035
البراك: ليس لدينا قطاع خاص حقيقي بل قطاع يقتات على الدولة
السعدون: الاقتصاد الكلي في الكويت يعاني من 4 أمراض حقيقية
الخالد: لا خطة بديلة لتعويض العجز لكون النفط الدخل الوحيد
اعتبر وزير التجارة والصناعة، وزير الدولة لشؤون الخدمات خالد الروضان، أن «الاقتصاد المحلي سيكون في أقوى حالاته كلما زاد عدد المصانع، وازدهرت الصناعة وزاد حجم الصادرات، وليس كلما ارتفع إنتاج النفط».
وأكد الروضان إيمانه التام بالصناعة كقطاع اقتصادي إستراتيجي، مشدداً على التزام «التجارة» والحكومة بالعمل الجاد لتوسعة رقعة الأراضي والمساحات المخصصة للصناعيين، وتجهيزها بأفضل البنى التحتية.
وفي كلمة التي ألقاها نيابة عنه مدير عام الهيئة العامة للصناعة، عبدالكريم تقي، خلال افتتاح فعاليات مؤتمر وملتقى الكويت الصناعي، أمس، أشار الروضان إلى تسهيل الإجراءات إلى مستوى مثالي من المرونة، وتحقيق الانفتاح اللازم لجلب التكنولوجيا التي تخدم طموحات الصناعيين، واستغلال القسائم الصناعية.
وشدّد على أن الصناعة مقبلة على عهد جديد من الرؤية والشراكة في الطموح والتطلعات ومواجهة التحديات، بهدف دعم وتعزيز مسيرته والارتقاء به نحو آفاق جديدة وطموحة، تناسب تطلعات المرحلة المستقبلية وتحدياتها.
وأكد الروضان البدء في خطوات جادة نحو الارتقاء بقطاع الصناعة، عبر رؤية عصرية ستكون نواة لمستقبل مشرق لهذا القطاع الحيوي بمنتجاته وإمكاناته، منوهاً إلى أن «التجارة» تضع نصب أعينها وضمن اهتماماتها، الارتقاء بجودة مكونات الاقتصاد المحلي، وأبرزها القطاع الصناعي.
وذكر أن «جملة المبادرات التي ترجمناها على أرض الواقع لتحسين بيئة العمل، تؤكد عزمنا الأكيد على المضي قدماً في مسيرة التنمية المستدامة».
وأكد أن الجولة الثانية للمبادرات تستهدف التوسع في مجالات صناعية متطورة، وتشمل صناعات تكنولوجية وبتروكيماوية وغيرها من الصناعات الحديثة والصناعات المعرفية والغذائية وصناعة المحفزات الكيميائية والمعادن الأساسية، والأدوية، وصناعة المعادن الفلزية غير الحديدية.
وقال إن الدولة تستهدف تغييرات ملموسة في هيكل الناتج الصناعي، وزيادة معدل النمو الحقيقي للقطاع الصناعي العام، ليبلغ أكثر من 8.3 في المئة سنوياً حسب ما ورد في خطة التنمية، وزيادة حجم الاستثمار الإجمالي الصناعي ليصــل إلى 1.7 مليار دينار بحلول 2020.
بدوره، قال تقي، إن الهيئة معنية بكل ما يتعلق بالأنشطة الصناعية والأنشطة المساندة لخدماتها، بهدف إيجاد تنوع للقاعدة الاقتصادية بالبلاد، إذ إن الهدف الآن هو إيجاد رافد جديد للقطاع الأساسي لاقتصاد الدولة الذي يتمثل في القطاع النفطي.
وأكد أنه لا شك أن القطاع الصناعي من أفضل البدائل المستقبلية الواعدة لتحل محل القطاع النفطي، أو المساعدة في إثراء الناتج القومي، مبيناً أن القطاع الصناعي يحتاج إلى بنية تحتية سليمة وقاعدة تشريعية تسهل إجراءات ممارسة النشاط.
ونوه إلى أن الهيئة بالتعاون مع «الاستثمار المباشر» تطمح إلى استقطاب الصناعات العالمية من الخارج، الأمر الذي يتطلب تعديلات في القاعدة التشريعية والهيكل التنظيمي والهيكل العام للقطاع الصناعي، ووجود بعض المحفزات في المرحلة المقبلة لكي تصبح الكويت دولة جاذبة لهذا القطاع. وقدّم تقي عرضاً مرئياً بعنوان «عهد صناعي جديد... رؤية وشراكة»، موضحاً أن القطاع لم يأخذ دوره الأساسي سابقاً، ولذلك يركز في الوقت الحالي على «الرؤية والشراكة» بحيث كان ينظر للقطاع الخاص في السابق على أنه عميل وليس شريكاً، بينما تغير هذا المفهوم بعد إدخاله في صنع القرار.
وأشار إلى أن مساهمة القطاع في الناتج القومي تبلغ 5.6 في المئة مقارنة بـ4 في المئة خلال السنوات الأربع الماضية، في حين يبلغ حجم الاستثمار في هذا القطاع 5.2 مليار دينار حالياً، وهي أرقام متواضعة، منوهاً إلى أن نسبة العمالة الوطنية في القطاع الصناعي تبلغ 6.1 في المئة. وذكر أن القيمة المضافة للقطاع تشكل 1.8 مليار دينار، من إجمالي حجم الاستثمارات في القطاع الصناعي وهي قيمة متواضعة، معتبراً أن حصة القطاع الخاص في الصناعة تشكّل 96.8 في المئة، ما يعتبر نسبة مرتفعة، ولكنها غير مرضية. وتابع أن تلك الحصة تمثل 54 في المئة من الاستثمارات، وأن نسبة الـ46 في المئة المتبقية، عبارة عن استثمارات لـ14 ترخيصاً لمصانع حكومية مقابل 800 ترخيص للقطاع الخاص.
وذكر تقي أن ما ينفق على جانب البحث والتطوير الصناعي، يبلغ نحو 14 مليون دينار سنوياً، من بينها مليونان لجميع المصانع الخاصة و12 مليوناً للمصانع الحكومية، أي أن نسبة إنفاق القطاع الخاص على ذلك الجانب هي 0.28 في المئة. وأوضح أن قيمة الصادرات الصناعية التحويلية السنوية، بلغت 1.67 مليار دينار، بما فيها قطاع البتروكيماويات وهو رقم متواضع مقارنة بصادرات الدول المجاورة.
وكشف تقي أن رؤية الهيئة العامة للصناعة المستقبلية، تركز على أن تكون الكويت مركزاً عالمياً للصناعات التنافسية الابتكارية والمستدامة، مبيناً أن فكرة التنافسية الابتكارية، قد تكون من خلال إنشاء مصنع واحد ناجح.
وأفاد أن الأهداف تتضمن أيضاً إنشاء 4 مدن صناعية ذكية خلال المرحلة المقبلة، مؤكداً البدء في إبرام اتفاقيات مع دول ومع شركات القطاع الخاص، لإنجاز وإدارة هذه المدن بحيث تكون التكلفة على الحكومة صفراً.
وذكر أن تلك المدن تتضمن الشدادية الصناعية على مساحة 4.5 كيلومتر، وتضم 700 منشأة صناعية، ومدينة النعايم الصناعية على مساحة 6 كيلومترات، ومجمع الحديد والصلب على مساحة 1.5 كيلومتر، والمدينة الاقتصادية الصناعية على مساحة 79 كيلومتراً، ومدينة الشقايا جنوب السالمي على مساحة 2 كيلومتر وتضم 250 منشأة صناعية خاصة بتدوير النفايات.
وأضاف أن هذه المدن ستتضمن مساحات للتخزين على امتداد 6 كيلومتر، وستوفر 25 ألف فرصة عمل للعمالة الوطنية حتى عام 2035، فيما تبلغ المساحات الصناعية نحو 94 كيلو متراً، ما من شأنه أن يرفع قيمة الصادرات الكويتية من 1.6 مليار دينار حالياً إلى 4.6 مليار دينار كرقم مستهدف.
الجلسة الأولى
شهد الملتقى جلسات حوارية بتنظيم من شركة «لاين»، إذ ترأس الجلسة الأولى وزير التجارة والصناعة السابق الدكتور يوسف العلي، الذي أكد ضرورة وضع إستراتيجية صناعية واضحة المعالم.
بدوره، قال نائب رئيس مجلس الإدارة في الصندوق الوطني لدعم وتنمية المشروعات الصغيرة، الدكتور سعد البراك، إن الصناعة في كل العالم تبدأ بالصناعات الصغيرة، وإن التطوير الحقيقي يأتي بتوفير الدعم للمشاريع الصغيرة الجادة، مشيراً إلى طبيعة المجتمع الكويتي المبادر، ولافتاً إلى أن الكويت في الماضي كانت بقيادة القطاع الخاص إلى أن جاء النفط.
وبيّن أن صندوق المشروعات هو أكبر مبادرة في العالم برأسمال بملياري دينار، وهو أكبر مبلغ مقارنة بالدول الأخرى، والتي تتراوح صناديقها التمويلية من 20 إلى 100 مليون دولار حول العالم.
وأكد البراك عدم وجود قطاع خاص حقيقي بل قطاع يقتات على الدولة عن طريق المشاريع المقاولات، مبيّناً أن الصندوق الوطني هو الخطوة الجادة لصناعة قطاع خاص حقيقي، يستطيع خلق قيمة مضافة من خلال الابتكار. وذكر أن الصندوق وافق على تمويل 1000 مشروع إلى الآن، وأنه في أول 3 سنوات وافق على 500 مشروع، كاشفاً أنه في أقل من 6 أشهر من عمر مجلس الإدارة الجديد، تمت الموافقة على 500 مشروع.
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة بنك الكويت الصناعي، مصعب النصف، إن القطاع الصناعي يتأثر بإنجازات وإخفاقات الاقتصاد الوطني ككل، مبيّناً أن مؤشرات الصناعة التحويلية لا تزال متدنية، ولم تبلغ المستهدف منها، إذ إن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي لا تتعدى 4.8 في المئة.
وذكر أن معدل النمو على مدى السنوات الأربع الماضية، بلغ 1.6 في المئة فقط، وأما من جانب حجم الاستثمار، فإن نسبة مساهمة تكوين رأس المال الثابت للصناعة بلغت 5 في المئة من إجمالي تكوين رأس المال الثابت لجميع القطاعات، وهي الأدنى مقارنة مع القطاعات الأخرى.
الجلسة الثانية
خلال الجلسة الثانية التي ترأسها رئيس اتحاد الصناعات حسين الخرافي، قال رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية، جاسم السعدون، إن القطاع الصناعي في الكويت يتألف من 21 نشاطاً رئيسياً، بخلاف الأنشطة الفرعية الأخرى، ويمثل نحو 4.3 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي.
وأشار السعدون إلى أن الاقتصاد الكلي في الكويت يعاني من 4 أمراض حقيقية، وهي الخلل الإنتاجي والمتمثل في أن ثلثي الناتج المحلي يعد تابعاً للقطاع العام، والخلل المالي والمتمثل في أن 90 في المئة من مصروفات الموازنة تمول من قبل بيع النفط الخام، والخلل في ميزان العمالة التي تشكّل 80 في المئة من وظائف الكويتيين في القطاع العام (بطالة مقنعة)، فضلاً عن خلل هيكلي في التركيبة السكانية التي تشكل العمالة الوافدة نحو 70 في المئة منها، مع وجود نسبة عالية من العمالة الهامشية رديئة التعليم والخدمة.
من جانبها، رأت نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة «أسيكو»، المهندسة غصون الخالد، أن ميزانية الكويت شهدت عجزاً منذ عام 2015، وأنه منذ بداية ذلك العجز بدأ الجميع يفكر في حل لهذه المشكلة. وأوضحت أنه ليس هناك خطة بديلة لتعويض ذلك العجز، نظراً لكون النفط هو الدخل الوحيد للدولة، متسائلة في الوقت ذاته «ماذا يمكن أن نفعل لو هبط سعر النفط مجدداً؟».
بدورها، قالت عضو المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، وعضو مجلس أمناء مدينة الحرير المهندسة سارة أكبر، إن استهلاك العالم في الوقت الراهن من النفط يبلغ 100 مليون برميل يومياً، منها 60 في المئة تذهب إلى استهلاك السيارات والكهرباء والطاقة، بينما يتبقى 20 في المئة فقط لصناعة البتروكيماويات.
خالد مهدي: الخروج من الريعية... صعب
أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، الدكتور خالد مهدي، أن الاقتصاد الريعي ليس سهلاً، وأن الخروج من عنق الزجاجة صعب لأنه يتعلق بثقافة مجتمع تأسست فيه الريعية منذ الستينات، مضيفاً أن الأجيال القادمة تأسست أيضاً على هذا المفهوم.
ولفت إلى وجود فكر جديد في الرؤية الصناعية، يتمثل في الانتقال من فكر إدارة الأراضي الصناعية إلى إدارة المدن الصناعية، منوهاً إلى أنه وللمرة الأولى يظهر موضوع الابتكار والبحث والتطوير كجزء أساسي من الرؤية، كما يظهر موضوع استهداف الدعوم الصناعية لتحقيق قيمة مضافة.
وأشار إلى أن 90 في المئة من الميزانية تأكل إيرادات النفط، وأنه ما زال هناك تضخم في العمالة، وأن الريعية أصبحت علامة بارزة في الاقتصاد المحلي.
مناف الهاجري: ليس من الحكمة الاعتماد كلياً على الحكومة
اعتبر الرئيس التنفيذي لشركة المركز المالي الكويتي «المركز» مناف الهاجري، أن الخيارات المتاحة لتنمية الاقتصاد الوطني تنحصر في 4، إما تقليدية أي الصناعة، والخدمات)، وإما غير تقليدية، أي الطاقة البديلة، والاقتصاد المعرفي.
وأضاف أنه رغم بساطة هذه الخيارات، إلا أن هناك بعض الغموض في اتخاذ القرارات نتيجة لبعض التحديات التي تواجه السوق، مثل أسعار الأراضي المتضخمة، وأسعار الكهرباء المدعومة، والبنية التحتية.
وتابع الهاجري أن الاستفادة المثلى من أسواق المال لم تتحقق بعد، إذ يتحتم علينا تبني سياسة استثمارية وطنية واضحة تجعل من تلك الأسواق أداة فاعلة في تحقيق الرؤية الاقتصادية.
ورأى أن الكويت بحاجة إلى رؤوس الأموال الكبيرة، معتبراً أن توافر منظومة مالية سليمة الأداء يعد أمراً جوهرياً لضمان كفاءة تخصيص رأس المال.
وأوضح أن احتياجات التمويل الخاصة بتحسين كفاءة البنية التحتية، بما في ذلك توفير الوحدات السكنية، وتعزيز إنتاج الطاقة، وقدرات وسعة المطارات والموانئ، علاوة على تطوير الطرق، ومواجهة آثار التغير المناخي، تعتبر احتياجات هائلة، إذ خصصت الكويت أكثر من 100 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية ضمن خطتها للتنمية الوطنية.
وبين أنه لن يكون من الحكمة الاعتماد بشكل كامل على الحكومة، أو القطاع المصرفي في تمويل الاستثمارات، مشيراً إلى أن الأجدر الاستغلال الأمثل لأسواق المال الرئيسية المحلية والدولية، للمساعدة في سدّ الفجوة.
وأضاف أن جمع ديون القطاع الخاص وتمويل الأسهم، يشكّلان مصدرين مهمين لتمويل مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، متابعاً أن تطوير أسواق الدين المحلية أمر بالغ الأهمية في توفير حلول مالية مبتكرة في الاقتصاد نحو مزيد من الشراكة بين القطاعين العام والخاص.