ما نشر في الصحف الكويتية قبل عيد الأضحى بأيام عن أفكار وقناعات حزب التحرير دعاني لمراجعة ما قرأته من مؤلفاتهم وما فهمته من حوارات أفرادهم وما عشته من ملازمة بل مصادقة بعض رموزهم... وطبيعة المجالس التي يعمرها أبناء حزب التحرير يغلب عليها الحوار الفكري العميق والطويل يتداخل فيه التاريخي بالواقعي بالسياسي والشرعي... مع مقارنات ونقد وصراحة.
والذي أعرفه يقيناً عن حزب التحرير أنه موجود في الكويت منذ منتصف عقد الخمسينات من القرن الماضي، كما أنه لم يقم بأي أعمال عنف أو شغب ولم يشارك في أي عمل ذي طبيعة مادية من التغير، وهو صاحب رأي فكري سياسي يدعو من خلاله الى تطبيق الاسلام لتحقيق الشريعة المتمثلة في الخلافة.
يعجب الإنسان عندما يرى خصوم الحزب يجرمونه لأنه يدعو إلى تطبيق الإسلام. فهل هناك من أهل البلاد من يرفض هذا المطلب، فإن كان الجواب نعم، فكم نسبتهم وما وزنهم؟
ان المسلمين، من في الكويت والعالم الاسلامي، على قناعة بأن تطبيق الاسلام يلزمه دولة اسلامية (الخلافة كما ينص عليها التحريريون). وهل يوجد عندنا قانون يجرم الناس على قناعاتهم وآرائهم وعلى نشرها والدعوة لها، خصوصا اذا كانت الدعوة صريحة وتحت الشمس وليست في الظلام وبالطرق السلمية الراقية، فكيف إذا كانت القناعات تنبثق من العقيدة الإسلامية!!
ويبقى حزب التحرير جماعة أو كتلة مجتهدة وصادقة من حمل الدعوة يسع الآخر أن يختلف معهم ويناقشهم، لكن أن يصل الأمر بأن يوصفوا بخلاف واقعهم الحقيقي وقناعتهم التي يدعون لها فهذا الذي يرفضه كل منصف يتحرر من الاحقاد والتحيز السافر.
في سهرة الاربعاء الثقافية لحزب التحرير قبل ثلاث سنوات تقريباً اصطحبت معي إلى ديوانهم الثقافي الزميل نواف الجديمي من جريدة الشرق الأوسط ودار حوار طويل حول أفكار الحزب وطريقة دعوته ووسيلته في التغيير، وكان هناك اجماع (تحريري) على ان العمل المادي (السلاح) مرفوض، وتكفير الحكام قضية غير مطروحة في مشروع الحزب، وانما توعية الجماهير من خلال بث الوعي السياسي الشرعي مع بيان أولوية الواجبات الشرعية والعمل على تحقيقها هو صلب الحوار الذي نشره الزميل نواف في الشرق الأوسط... لك ان تختلف مع من تحاور من التيارات لكن الخطورة ليست في حزب التحرير ولكن الخطورة في أن نظلم الآخرين فننسب لهم ما ليس فيهم فاللهم ارزقنا العدل والانصاف.
محمد العوضي