«نورما» تهاجم لبنان وتحكم حصاره

No Image
تصغير
تكبير

فتحتْ «بلاد الأرز» ذراعيْها لـ «نورما»، السيدة العاصفة، التي ارتدى معها لبنان الثوبَ الأبيض، كأنه العروس في زفافٍ من رياحٍ وأمطار وثلوج، من رأسه حتى أخمص قدميه، في مشهدٍ أعاد للشتاء وقاره بين الفصول.
هي «نورما» الناعمة والخشِنة، التي رسمتْ بريشتها لوحات ناصعةً، وفرَضَت على الناس التحوّط، وعلى السلطات الاستنفار، وعلى المرتفعات المخفوضة وما فوق الاستسلام لـ «الجنرال الأبيض»، وعلى السواحل الوقوف في عيْن الرياح الهوجاء التي تجاوزتْ في بعض الأحيان المئة كيلومتر في الساعة و«ثوران البحر» الذي افترشتْ أمواجُه العاتية الطرقَ عند كورنيش بيروت وصيدا.
وفي اليوم الثاني للعاصفة التي تبلغ ذروتها اليوم وتستمرّ حتى الغد وسط توقعات بأن تُلامِس الثلوج 600 متر، سابقتْ «نورما» الإجراءات الوقائية للسلطات اللبنانية التي «دقت النفير» وقامت بنشْر وحدات الإنقاذ والقوى الأمنية في غالبية المناطق تفادياً لأيّ تشظياتٍ كارثية لعصْف الرياح وفيضان بعض الأنهر والسيول وتَحوُّل «البساط الأبيض» أفخاخاً للمواطنين الذين وقع العديد منهم يوم الأحد أسْرى «حصار الثلج» في أكثر من منطقة ولا سيما في ضهر البيدر (البقاع) حيث علقت مئات السيارات لساعات.
وفيما أعلن وزير التربية مروان حماده قفْل المدارس والمهنيات الرسمية في المناطق الواقعة على ارتفاع 700 متر وما فوق اليوم تاركاً للمدارس الخاصة تحديد موقفها، قبل ان تلاقيه الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية مؤكدة التوقف عن التدريس اليوم على أن يتمّ التريّث بشأن الموقف من الغد، طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الهيئة العليا للإغاثة الاهتمام بأوضاع المتضرّرين من العاصفة التي تركتْ «آثاراً» على الطرق (سُجلت انهيارات على طرق دولية) والممتلكات والمحال التجارية والأسواق (بفعل انزلاقات أتربة) والحقول الزراعية في أكثر من منطقة (بفعل السيول).
واستقطبتْ مخيمات النازحين في لبنان العدسات ولا سيما في ظل الواقع المأسوي الذي يعيشه قاطنوها الذين يقارعون كل شتاء العواصف «باللحم الحيّ» في ظل افتقاد غالبية تجمعاتهم لمقومات «الصمود» بوجه الطبيعة الهوجاء.
وفي هذا السياق خطفتْ الأضواء صور لـ 3 مخيمات للنازحين في عكار (الشمال) وتحديداً في خراج بلدة السماقية اجتاحتها السيول التي فاض بها مجرى النهر الكبير فشرّدت العديد من العائلات التي اقتحمت الوحول خيمها وخربت ما فيها من مقتنيات. علماً ان فيضان النهر الكبير أدى الى قطع الطريق الرئيسة التي تربط بلدات وقرى المسعودية وحكر الضاهري والسماقية والعريضة، قبل ان تتدفق المياه في اتجاه الاراضي الزراعية وتحاصر المنازل.
وفي بلدة فنيدق العكارية تمكّن عناصر مركز الصليب الأحمر اللبناني من إنقاذ سيدة حامل كانت محاصرة داخل منزلها بسبب العاصفة الثلجية، حيث نجح فريق المسعفين في إتمام عملية الولادة بنجاح داخل سيارة الصليب الأحمر التي تعذّر وصولها الى المستشفى بسبب كثافة الثلوج. وتمّ لاحقاً نقل الأم ووليدتها الى المستشفى في بلدة حرار وكلاهما بصحة جيدة.

 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي