ضوء

إليزابيث وماري... ملكتان في جزيرة واحدة

u0628u0648u0633u062au0631 u0627u0644u0641u064au0644u0645
بوستر الفيلم
تصغير
تكبير

الفيلم يظهر بأن الملكتين التقتا...  ولكن في الحقيقة  هذا لم يحصل!

من أمتع الحقب في التاريخ الحديث هي الحقبة الحديثة المبكرة، والتي تمتد من القرن السادس عشر 1500 الى القرن التاسع عشر 1800. ومن أكبر الإنتاجات هذه السنة هو فيلم تاريخي يخص ملكتين مهمتين في هذه الحقبة التاريخية: الملكة إليزابيث الأولى الملقبة بـ «جلوريانا» وماري ملكة اسكتلندا... فيلم «ماري ملكة اسكتلندا» الذي صدر هذا الشهر يحكي قصة الملكتين والسياسات التي أدت إلى خلافهما، ونفسيات كل واحدة منهما تجاه الأخرى.
الفيلم يظهر بأن الملكتين التقتا، ولكن في الحقيقة هذا لم يحصل. بل بالعكس كان من مصلحة مستشاري كل من إليزابيث وماري أن يكبروا الفجوة بين الاثنتين وألّا يلتقيا. ولكن قبل أن نرى الفيلم، من ظلمت الأخرى؟ من الجاني ومن الضحية؟ سأبدأ بالقول بأن قرابة الدم بين اليزابيث وماري جداً قريبة. إليزابيث الأولى هي ابنة الملك الانكليزي هنري الثامن تودور الذي انفصل عن كنيسة روما وأسس الكنيسة الانكليزية التي أصبح هو سلطتها العليا عام 1534. وشقيقة هنري، الأميرة مارجريت تودور، هي جدة ماري ملكة اسكتلندا. أي أن جدة ماري ملكة اسكتلندا هي عمة الملكة اليزابيث الأولى. والفرق بين الملكتين 9 سنين فقط واليزابيث هي الكبرى.
ثقافة الملكتين تفوق الأخرى، فإليزابيث معروفة بثقافتها في أغلب المواد الدراسية وكانت قارئة ممتازة وتتحدث الكثير من اللغات، منها اللاتينية واليونانية الكلاسيكية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والفرنسية. دراسة إليزابيث جهزتها لكي تكون ملكة مستقبلية ودرست على يد أفضل المدرسين والأساتذة. ومعاناة إليزابيث وهي أميرة تحت ظل شقيقتها الكبرى المستبدة ماري الدموية جعلتها إنسانة جدا ذكية وحذرة وفطنة. وأكبر دليل على ذلك أنها تخلت عن حب حياتها روبرت دادلي لكي لا تتخلى عن عرشها، رغم أن دادلي أخفى زواجه بامرأة أخرى عن إليزابيث.
كانت إليزابيث تفكر بعقلها لا قلبها أغلب الأوقات. حتى لو أضاعات الطريق وانجرفت مع قلبها لوهلة، دائماً عقلها ينتصر في النهاية. ولكن إليزابيث دفعت ثمن هذه التضحية غالياً مثل أي امرأة، ملكة تفضل عرشها على الزواج، فقد حرمت نفسها من رجل وأطفال.
أما ماري ملكة اسكتلندا فكبرت وتربت في البلاط الفرنسي، حيث تعلمت الفنون الموسيقية والعزف ورأت آخر صيحات الموضة في البلاط. كانت ماري ابنة ملك ما يعني بأنها نالت دراسة وثقافة بالفعل تليق بأميرة حالية وملكة مستقبلية كإليزابيث، وأيضا مثل إليزابيث تعلمت اليونانية واللاتينية والفرنسية والإسبانية والإيطالية، وعلاوة على ذلك لغة وطنها الأم اللغة الأسكتلندية.
جميع التقارير التاريخية تقول بأن ماري كانت جميلة جداً، وطويلة المقام، وكان طولها يفوق المعايير الاعتيادية لطول النساء آنذاك، فماري أخذت طولها من والدها ملك اسكتلندا جيمس الخامس. شعرها يميل إلى البني أكثر من الأحمر الذي كان لون شعر اليزابيث. ماري مختلفة عن اليزابيث في أمور كثيرة. وأنا لا أقارن الملكتين لا سيما بأن كلا منهما تملك مزايا وعيوباً، وكل منهما لها شخصيتها وأسبابها لتتصرف، كما أرادت أن تتصرف.
وكل منهما عظيمة في طريقتها وأيضا كل منهما ساذجة في طريقتها، ولكن الأكيد أن الملكتين تستحقان مكانة تاريخية عظيمة في التاريخ، والفيلم بالتأكيد سيعرض هذا الشيء.
في المقالة المقبلة سنتعمق أكثر في الأمور التي قلبت موازين علاقة إليزابيث وماري، والتطورات التي أدت إلى عداوة لا رجعة فيها بين الملكتين «بنات العم»، رغم الحب والاحترام اللذين كانا ظاهرين في رسائلهما لبعضهما.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي