العمل قُدّم ضمن عروض مهرجان «الكويت المسرحي 19»
«درس» في الثنائيات... لمسرح الخليج العربي
... وتستمر العروض المحلية وإبداع الشباب، من خلال مشاركاتهم الفنية، ضمن «مهرجان الكويت المسرحي 19» والذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الفترة ما بين 19 و29 من شهر ديسمبر الجاري.
وكان جمهور مسرح الدسمة على موعد - أول من أمس - مع عرض مُبهر بعنوان «درس» لمسرح الخليج العربي، من تأليف الكاتب السوري لؤي عيادة وإخراج إبراهيم الشيخلي، الذي شارك بدوره في التمثيل إلى جانب الفنانين ناصر الدوب وعبدالله البصيري ومحمد الأنصاري، بالإضافة إلى باقة من الوجوه الشابة من الممثلين والفنيين، على غرار مصمم الديكور محمد الربيعان ومصممة الأزياء شهد العبيدي والإضاءة لعبدالله النصار.
ولم يخلُ العرض من القصص والأحداث التراجيدية، ومع ذلك لاحظنا بعض «القفشات» الكوميدية البسيطة والعفوية، التي تندرج في قائمة المضحك المبكي. كما تضمن العمل موضوعات اجتماعية ذات بعد إنساني، وتقديم نماذج بشرية من الواقع، فضلاً عن الصراع النفسي داخل النفس البشرية والاختلافات الفكرية والطبقية بين أفراد المجتمع، وإسقاطات سياسية عدة، أهمها الحروب المستمرة بين المسؤولين على المناصب والكراسي. ولكن، في نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح، فلا بد أن ينتصر الخير على الشر.
العمل بمجمله كان مبهراً ومتميزاً بكل ما للكلمة من معان، كما يُحسب للثنائي إبراهيم الشيخلي وناصر الدوب، تقديمهما درساً في الثنائيات الفنية على خشبة المسرح. أما السينوغرافيا، ولاسيما الإضاءة، فقد لعبت دوراً فعالاً في المسرحية، وكذلك الديكور الذي خدم العرض بشكل ملحوظ من خلال القطع الموجودة على الخشبة، وعبّر بكل وضوح عن الحدث والمكان والزمان برؤية ثاقبة من المخرج الشيخلي، الذي استطاع أيضاً إعداد القصة بما يتناسب مع الجو العام للعرض، واختار ما يريده من النص الأساسي من دون العبث فيه. كما أن الأحداث الدرامية سارت بشكل متسارع ومكثف، وشكّل فريق التمثيل توافقاً فنياً وانسجاماً مشتركاً في ما بينهم.
الندوة التطبيقية
أعقبت العرض، ندوة تطبيقية في قاعة الندوات بمسرح الدسمة، أدارها إبراهيم عسيري، وحضرها عدد من المهتمين في المسرح وضيوف المهرجان، تقدمهم مدير المهرجان مدير إدارة المسرح بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أحمد التتان، إلى جانب أستاذ المعهد العالي للفنون المسرحية المُعقب الدكتور جاسم الغيث والفنان والمخرج إبراهيم الشيخلي.
وقد بدأ مدير الندوة إبراهيم عسيري حديثه مرحباً بالحضور، ومُقدماً السيرة الذاتية للمعقب والمخرج، كما أشاد بالعرض المسرحي «درس».
بدوره، عقّب الدكتور جاسم الغيث، قائلاً إن «نص المسرحية للمؤلف السوري لؤي عيادة وقام المخرج إبراهيم الشيخلي بإعداده أو اقتباسه، لكن في كل الأحوال ظهر احترام العرض للمؤلف، لاسيما في بناء وتكوين الشخصيات، وهو ما جعل هناك رؤية إخراجية لعرض متماسك». ونوه الغيث إلى أن مسرحية «درس» طرحت تساؤلات عدة، من طراز هل تريد أن تقول إن هناك خللاً في البنية الثقافية والسياسية وغيرها؟ أم أن هناك خللاً في الطبقات الاجتماعية؟!
ولفت إلى أن العمل اتجه إلى تقديم نماذج بشرية لأن المنظومة الاجتماعية والإدارية سليمة، موضحاً أن العرض يحمل تكنيكاً متميزاً على المستوى الفني، خصوصاً في الكوميديا المستفزة للطابع البشري. واعتبر أن المخرج قدم مجموعة من الشخصيات وهم الفنانون الذين شكلوا حالة من الإبداع وقدموا فرجة درامية، «وكان الشيخلي ذكياً في توظيفهم، ما ساعده على الانتقال من مشهد إلى آخر بهدوء، وقد ظهر ذلك جلياً في الحركة السريعة والتحولات الفنية، حيث استخدم الخشبة بشكل جيد في الصعود والهبوط، في ظل وجود رؤية جيدة من الديكور».
وقد شارك العديد من الحضور في مداخلات، بينهم الدكتور أيمن الخشاب، الذي استهل حديثه قائلاً: «يمكنني وصف العرض بالمبهر، وأحيي الفنان ناصر الدوب على الأداء، لأنه قدم حضوراً استثنائياً، واستطاع أن يتحكم في الجهد والسيطرة على النفس والصوت بشكل جيد وحافظ على الحضور الكارزمي».
أما المؤلف والمخرج علاء الجابر، فقال: «لا شك أن عنصر الإبداع في العمل كان موجوداً بقوة، فضلاً عن الديكور الذي ظهر بشكل جيد منذ فتح الستارة، حيث بدا متناسقاً بين ألوانه وألون الديكور الرمادي».
وتحدث الفنان والمخرج حسن رجب، قائلاً: «شكراً إبراهيم الشخيلي وكذلك الممثلون الذين كانوا متناسقين، لكن الديكور كان ضخماً، وأقول للمخرج ينبغي أن تُعيد النظر في استخدام الرمزيات، أفضل من المباشرة حتى يكون هناك تساؤل».