«تكاملية العلاقة بين الناقد والمبدع» ضمن «الكويت المسرحي19»
الرقابة والمحاباة في مسارحنا العربية ... إلى متى؟
«الرقابة والمحاباة في مسارحنا العربية... إلى متى؟» و«تكاملية العلاقة بين المبدع والناقد»، عنوانان لحلقتين نقاشيتين أقيمتا ضمن أنشطة المركز الإعلامي لمهرجان «الكويت المسرحي19»، الأولى جرت صباح أمس في قاعة البستان بفندق كراون بلازا، فيما اتخذت الثانية صالة الندوات بمسرح الدسمة مكاناً لها مساء أول من أمس.
أدار حلقة «الرقابة والمحاباة في مسارحنا العربية... إلى متى؟»، رئيس المركز الزميل مفرح الشمري، بحضور كوكبة من الأكاديميين والفنانين والمسرحيين من أنحاء مختلفة من الوطن العربي.
بعد الترحيب بضيوفه، أوضح الشمري أن موضوع الحلقة يضيء على مقص الرقيب، الذي قد يكون أحياناً أداةً مثبطة لبعض المبدعين، بالإضافة إلى المحاباة والمحسوبية والواسطة لإبراز أشخاص لا يمتلكون الموهبة والكفاءة، في حين يتم تهميش المواهب الحقيقية ذوي الكفاءات العالية.
بدوره، أوضح الفنان طالب البلوشي أن الوسط الفني العربي يُعاني من جهل الرقابة لديه، بالإضافة إلى رداءة الكثير من النصوص المُقدمة، والتي عادةً ما يتم تنفيذها بشكل سيئ للغاية.
وهنا، تناول المؤلف والمخرج سامي بلال طرف الحديث، متسائلاً: «ما هي الأسس والمعايير التي يتم من خلالها اختيار لجان التحكيم في المهرجانات العربية؟». وتابع: «المشكلة أن بعض هذه اللجان لا تضم أشخاصاً متخصصين ومتمرسين في الحقل الفني والمسرحي، بل إن هناك مدرسين - علوم ورياضيات - أصبحوا فجأة ومن دون خبرة سابقة أعضاء في لجان التحكيم!».
وتحدث الإعلامي محمود سعيد، قائلاً: «لسنا بحاجة إلى رقيب يلّوح بالعصا لكل مبدع، لكن وفي المقابل لسنا بحاجة إلى مبدع يسرق النصوص ويفوز بها في المهرجانات». ولم يُخفِ سعيد أن هناك محاباة في الكثير من المهرجانات العربية، مستدركاً: «لكنني مع المحاباة إذا كانت تنحاز إلى العروض القوية وتدعم المبدعين الحقيقيين».
من جهته، قال الإعلامي المصري وائل الدمنهوري: «وجود الرقابة أمر بالغ الأهمية، للمحافظة على العادات والتقاليد في مسارحنا العربية، كي لا يطلُّ علينا شخص عارٍ، كما حدث قبل أيام في أحد العروض المسرحية في إحدى الدول العربية».
بدورها، تحدثت الدكتورة جميلة الزقاي، قائلةً: «لا شك أن المحاباة حاضرة بقوة في المشهد المسرحي العربي ولا يمكن إنكار ذلك». كما اعتبر الدكتور أحمد البلوشي أن مقص الرقيب شيء ضروري ولا بد منه، «فكل شيء في الحياة بحاجة إلى رقيب، أما من يتذرع بالرقابة الذاتية، فهذه الحيلة لا تعدو كونها شماعة للابتعاد عن الرقابة».
وتحدث الدكتور عبدالله العابر عن تجربته خلال مشاركته كعضو لجنة تحكيم في أحد المهرجانات المحلية، قائلاً: «ذات يوم، تعرضنا لضغط شديد من جانب المسؤول الأعلى منا، لمحاباة أحد العروض المشاركة، وهو ما دفعنا إلى تقديم استقالة جماعية».
في السياق ذاته، قال المؤلف القطري صالح المناعي إن الرقيب أصبح عدو الفنان الأول، وتجلى ذلك عبر الكثير من النصوص التي ألفتها، وتم رفضها لأسباب تافهة جداً، وفقاً لكلامه.
تكاملية العلاقة بين المبدع والناقد
وفي فعالية أخرى، ضمن المهرجان ذاته، قدم الحلقة النقاشية «تكاملية العلاقة بين المبدع والناقد»، الدكتور بالمعهد العالي للفنون المسرحية فيصل القحطاني، وشارك فيها الدكتور محمد زعيمة، إلى جانب المخرج الإماراتي حسن رجب وفيصل العميري ونصار النصار ويوسف الحشاش كمعلقين. كما حضرها ضيوف المهرجان والمحبون للمسرح.
في البداية، استهل الحديث الدكتور محمد زعيمة، قائلاً: «هناك ثلاث جماعات ذات مصلحة مشتركة في الوصول إلى مستوى أفضل، سواء كان ذلك عن وعي أو من غير وعي، وهي جماعات الفنانين والنقاد ومعهم الفلاسفة والمنظرون والعلماء من أجل تحقيق الخبرة الجمالية، لأن الفن حرية والنقد تنظير ومن المفترض أن التنظير يأتي لاحقاً، كما أن أفلاطون شخّص الفن حسب رؤيته في نظرية المحاكاة». وألمح إلى أنه من خلال نظرية أن الفنان كاذب، يرى الفيلسوف اليوناني أرسطو أن المحاكاة تكون من الواقع، لكن الفنان يعتمد على خياله في المحاكاة، ولذلك هناك خلاف بين أفلاطون وأرسطو، لافتاً إلى أن رأي أرسطو هو الذي ما زال مستمراً لأنه أتاح للفنان حريته في التعبير، والفنان سواء مخرج أو ممثل أو مؤلف مبدع ينطلق من عالمه مستخدماً الخيال. ونوه زعيمة إلى أن دور الناقد يبدأ بعد نهاية العمل، وهي عملية عكسية للعملية الإبداعية تهدف إلى تحليل العمل، وليس الهدف منها الوصول إلى حكمة قيمة «وهو ما نجده عند العديد ممن يمارسون النقد». ودعا إلى الابتعاد عن المصطلحات النقدية حتى يستطيع النقاد أن يفيدوا العمل، «لأن البعض لا يبحثون عن نقاط الضوء بل عن السلبيات»، مؤكداً أن النقد لدينا غير موضوعي.
بينما دافع المخرج والفنان فيصل العميري عن أهمية ودور الناقد، مؤكداً أن المخرج الواعي والقوي هو من يخلق الناقد الجيد لأن الكلام حينها سيكون قليلاً، مشدداً على أهمية أن يكون هناك ناقد واع، لأن فن المسرح هو فن مباشر ولحظي.
المخرج نصار النصار أكد أنه تعلم من الرواد في المسرح أمثال المخرج عبدالله عبد الرسول، وكثيراً ما يحصل على النقد قبل بداية العرض. وقال إن فكرة تواجد الناقد قبل العرض تفيد كثيراً المخرج والعمل بشكل عام.
وأكد الناقد يوسف الحمدان أن المخرج في الكثير من الدول يعتبر شخصا مُفكرا، ولا بد من أن يكون لديه رؤية، لأن الإخراج ليس سهلاً، بينما الناقد أيضاً تكون بداخله أسئلة متشظية، كما أن النقد حاسة معرفية.