الحمود: «القيمة المضافة»... غير ديموقراطية!

u062cu0627u0646u0628 u0645u0646 u0627u0644u0646u062fu0648u0629
جانب من الندوة
تصغير
تكبير
  •   التهرب الضريبي  «اغتيال للأمة» فهو  مال عام مستحق السداد
  •   العنزي: تأخير  إضافي متوقع  في تطبيق الضريبة

رأى رئيس قسم القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت، الدكتور إبراهيم الحمود، أن ضريبة القيمة المضافة «غير ديموقراطية»، معتبراً أنها «لا تقوم على المقدرة التكليفية للممول الحقيقي، وهو المستهلك».
وخلال ندوة عقدها معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية، لفت الحمود إلى أنه من المستحيل تحول الربط الضريبي (قيمة الضريبة المفروضة) إلى النظام التصاعدي، بل تبقى نسبية تطبق بمقدار الربط على الجميع، ما يعني أنها لا تراعي حالة الممول سواء كان غنياً أو فقيراً، لارتباطها بواقعة الاستهلاك.
وشدّد على أن تحديد الضرائب لا يكون إلا من خلال مجلس الأمة، وفقاً للدستور الذي نص على أن إقرارها وتعديلها والإعفاء منها يكون بقانون.


من ناحية ثانية، تطرق الحمود إلى حكم صادر من المحكمة الدستورية بأن الضريبة الجمركية عامة، إذ إنه «لا يوجد ما يمنع تفويض السلطة التنفيذية تعديلها في حدود القانون»، منوهاً إلى أن ضريبة القيمة المضافة عامة والتعديل عليها يعد قائماً، خصوصا وأن قيمة الربط الضريبي عند 5 في المئة هي مرحلة انتقالية، وبالتالي يمكن تعديل القيمة مرة أخرى.
وذكر أن أي عملية بيع وشراء ستكون بفاتورة، مبينا أن عدم إصدارها سيعد تهرباً ضريبياً، و«هو أمر لن يشهد تساهلاً كونه يشكل (اغتيالاً للأمة) لاعتبار قيمتها مال عام مستحق سداده.
وأضاف أن النظام القضائي، يحتاج لجيش كبير من المستشارين والقضاة والخبراء الفنيين، لفحص القضايا الضريبية وطعونها، ناهيك عن ضرورة توافر مستشارين لتقديم خدمات لممولي الضريبة حتى لا يقعوا تحت طائلة التهرب الضريبي.
وأوضح أن «القيمة المضافة» غير مباشرة وعامة وعينية، بمعنى أنها تفرض على جميع الأشخاص وجميع عمليات الاستهلاك، كما أن إيراداتها تخصص للميزانية العامة.
وأشار إلى أنه إذا كانت الكويت قد وقعت على الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون في 2016، فإن دخول الاتفاقية كقانون واجب التطبيق، ينبغي أن يصوت مجلس الأمة عليه.
واستعرض الحمود دراسة أعدها عن الضريبة، مبيناً أن أهميتها تنبع من كونها أصبحت حقيقة في الكويت، بعدما كانت الدولة «جنة ضريبية» لا يخضع الأفراد فيها لأي ضريبة على دخولهم أو على إنفاقهم، لافتاً إلى أنه مع هذه الضريبة ستخضع جميع نفقاتهم على السلع والخدمات للضريبة، ما سيترتب على ذلك زيادة في الأسعار بشكل كبير.
وأضاف «أوجب الدستور في المادة (134) منه بالنسبة للضرائب العامة، أن تنشأ وتعدل وتلغى بقانون أي بعمل قانوني صادر عن مجلس الأمة وفقاً للإجراءات وبالشكل الذي تصدر به القوانين، بمعنى أنه يشترط في الضرائب العامة أن تنظم بقانون دون سواه من الأعمال القانونية كاللوائح مثلاً».
وتابع «إذا كانت دول (التعاون) أبرمت الاتفاقية الموحدة للضريبة وأدخلتها حيز التنفيذ بمجرد تصديق دولتين عليها من أصل الدول الـ 6، فإن نفاذ هذه الاتفاقية في الدول الأعضاء لا يكون إلا وفقاً لإجراءات التصديق على الاتفاقيات الدولية».
وقال الحمود إن الضرائب المباشرة أكثر عدالة من غير المباشرة، لأنها تفرض على الدخل ورأس المال، إذ يعتبر الدخل مقياساً حقيقياً للمقدرة التكليفية للممولين، في حين يعتبر رأس المال مقياساً ثانوياً للمقدرة التكليفية.
وأضاف أنه في الضريبة على الدخل يمكن الاعتماد على عناصر تشخيصها، كأعباء الديون والأعباء العائلية والحد الأدنى اللازم للمعيشة في تحديد معدلها، إذ يمكن اللجوء إلى الضرائب التصاعدية، بدلاً من الضرائب النسبية للمعرفة المسبقة بالقدرة التكليفية للممولين، في حين أنه في حالة الضريبة على المبيعات، لا يمكن التعرف على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للمشترين ومقدرتهم التكليفية، كما لا يمكن التعرف في الضريبة الجمركية على المقدرة التكليفية للمستوردين، وهكذا فإن الضريبة غير المباشرة تكون أشد وطأة على أصحاب الدخول المحدودة.
وأكد أن الضرائب غير المباشرة لا تميز بين أصحاب المقدرة التكليفية، ومن لا يملكونها، فتفرض أعباء متساوية حيث لا تتحقق المساواة بين الممولين، ولا سيما أمام استهلاك السلع والخدمات الضرورية وشائعة الاستعمال.
ولفت إلى أنه لذلك تميل الدول الديموقراطية إلى الاعتماد على الضرائب المباشرة، ولا سيما الضريبة على الدخل، في حين تسعى في الضرائب على الإنفاق بإعفاء السلع الضرورية من الضرائب.
وبيّن أن الضرائب المباشرة تتميز بقلة نفقات جبايتها، إذ تفرض على عناصر تمتاز بالثبات والاستقرار ومعلومة لدى الإدارة الضريبية، ومن ثم فإن تحقيقها لا يحتاج موظفين كثر لحصرها وتحصيلها.
واعتبر أن أكثر الضرائب المباشرة يمكن أن تعتمد على معيار الجداول الاسمية، كالضرائب على المرتبات والأجور والضرائب على العقارات، في حين أن الضرائب غير المباشرة تتطلب الكثير من الموظفين الضريبيين لتتبع وقائع تحققها، ويشترط فيهم الكفاءة والنزاهة والمهارة لمنع التهرب الضريبي، الذي من الممكن أن يؤدي إلى حرمان الدولة من الأموال اللازمة لتمويل النفقات العامة، ومن ثم إشباع الحاجات العامة.

الدخل
تمنى الحمود من المشرّع الكويتي إذا أراد فرض الضرائب، أن يبدأ بالضرائب على الدخل، مع الأخذ بعين الاعتبار عناصر تشخيصها، ولا سيما في موضوع التصاعد، وألا يلجأ للضريبة على الإنفاق والاستهلاك في الوقت الراهن.
وأفاد أن الضريبة على القيمة المضافة كتشريع، أصبحت قاب قوسين أو أدنى لنفاذها في الكويت، التي وقّعت على الاتفاقية الموحدة للضريبة، إذ تم إيداعها لدى الأمانة العامة لمجلس التعاون، وقد دخلت حيز التنفيذ بعد تصديق دولتين عليها.
وأضاف أنه في الكويت تمت إحالة الاتفاقية بمشروع قانون من قبل الحكومة إلى مجلس الأمة، وفقاً لنص المادة (70) من الدستور، مشيراً إلى أنه المشروع ما زال مركوناً لدى اللجنة المالية.
 بدوره، قدم المحاسب القانوني، ناصر العنزي، ورقة بحثية عن ضريبة القيمة المضافة بين الواقع والتطبيق، مبيناً أن دول الخليج اتفقت على ذلك لسدّ العجز في ميزانياتها نتيجة انخفاض أسعار النفط، وملاحظاً أن هذه الخطوة تنطوي على تحد إداري وفني للدول، إذ ينبغي صياغتها في لوائح مفصلة وتسجيل الشركات التي تسدد الضرائب، وتشكيل مؤسسات حكومية تشرف على النظام الضريبي، خصوصاً وأنه من المحتمل أن فرض هذه الضريبة قد يكبح النمو الاقتصادي المتباطئ بالفعل.
وتطرق إلى الآثار الاقتصادية لتطبيق الضربة وبيئة الأعمال، إذ يعتبر فرضها بمثابة تحول جذري للنظام الاقتصادي وربما الاجتماعي أيضاً، سواء على مستوى الاقتصاد الكلي أو الجزئي.
ونوه إلى أن التحديات أو السلبيات التي قد تنشأ لتطبيق «المضافة»، تشمل التلاعب في تطبيق الضريبة من جانب التجار، واحتسابها بشكل خاطئ على المستهلك مثل احتساب التاجر بمعدل 15 في المئة بحيث يحتفظ بنسبة 10 في المئة لصالحه، مقابل توريد 5 في المئة للدولة، وقد يزيد من نقمة المستهلكين والإثراء غير المشروع على حساب الغير.
توقّع العنزي أن يكون هناك تأخير إضافي يتعدى عام 2019 في تطبيق ضريبة القيمة المضافة، بسبب عدم إصدار قانون الضريبة حتى الآن، والذي يتطلب فترة طويلة نسبياً لاجتياز كافة المراحل والخطوات والإجراءات القانونية والإدارية، والرفض الشعبي المحتمل لتطبيقها نظراً لأولويات كبرى واجبة التطبيق، مثل مكافحة الفساد والحد من الهدر، وعدم توافر الأنظمة المحاسبية والإلكترونية، وعدم استعداد القطاع الخاص لحين وضوح القرار الحكومي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي