نصف دزينة راقصين يقصفون الحرب بأطرافهم والصدور

«لحظة تلاشي» لـنانسي نعوس في «دوار الشمس»

تصغير
تكبير
| بيروت - من محمد حسن حجازي |
عرض مفاجئ بكل معنى الكلمة شاهدناه في ليلته الوحيدة في بيروت وقد فضلناه على مسرحية «الزير سالم ودكتور فاوست» لـ شكيب خوري (مع يارا ابو نصار، وسليم علاء الدين) على مسرح بابل (لـ جواد الاسدي).
«لحظة تلاشي» او «INSTANT DE CHUTES». عرض مسرحي راقص سحرنا بالكامل مع ستة راقصين متمكنين من الرقص وتحريك المشاعر في انتاج لشركة «4120» وهي المسافة التي تفصل بين بيروت وباريس، وهما العاصمتان اللتان عاشت وعملت فيهما الفنانة نانسي نعوس، بالتعاون مع شقيقتها داليا ورقصتا مع اليابانية كازرمي فوجيغامي، رينيه ريمونديير، بشارة عطالله، ستيفن شامب.
نصف دزينة راقصين، ماهرين مبدعين كل لوحده، او في التشكيلات المختلفة التي تتركب امامنا على المسرح وتعطينا ابعاداً رائعة سواء من خلال الخطوات ام من خلال ما نراه على الشاشة في الخلفية حيث تُروى قصص وروايات وأحداث من التي مرت على لبنان في الفترة الاخيرة، وكيف حاول الفريق ان يجيء الى لبنان في مايو الماضي لكي يقدم العمل الاول للشركة، لكن الظروف الامنية والسياسية منعت ذلك في شكل كامل.
«نمت فكرة تلاشي خلال حرب يوليو 2006 في لبنان ما دفعنا الى العمل على تحقيق هذا العرض ليس الحرب بحد ذاتها بل ما بعد الحرب، رنين وقائع الحرب في جسد، يكتم الجسد خوفه وتعبه ويحاول اخفاء رغبته في تفجير غضبه على شكل اجزاء راقصة في جو صوتي معين».
هكذا تقدم المسرحية الراقصة غير الناطقة الا بالجسد والموسيقى التصويرية المهمة واللافتة جداً. لكن الفكرة تصل مرتاحة، رائعة جداً. فنحن ازاء لقطات في خلفية الخشبة للقصف والتدمير والمشاكل والشخصيات النصف دزينة في حالة ارباك كاملة، يريدون العيش كما يرتاحون، والتجاوب مع كل الاجواء من حولهم، لكن من دون جدوى.
هنا راحوا يرقصون ويرقصون غير قادرين على الثبات خصوصاً عندما يتعبون جداً ويقعون على الارض كالذين يسقطون من مرتفع.
والذي حصل انه عندما ارتاحت البلاد وتبدلت الظروف اذا بالرقص يتحول افضل، لا يعود هناك من اصوات رصاص او تفجيرات، وهذا ما حوّل الراقصين ازواجاً، يحاولون فعل الحياة وتجاوز كل القطوعات، وعندما يجدون ان الامور تحسنت كثيراً ينطلقون في حرب ضد الحرب، يتقدم راقص اول وكمن يدخل يده في بطن آخر يمدها فنسمع طلقة رصاص قوية ثم آخر برجله، وثالث بقفاه، وتتقدم صبية وتطلق النار من نهديها في حركة بالغة التعبير صفقت الصالة وباركت جداً.
الرقابة ابدت سعة صدر في ترك الراقصين يأخذون راحتهم على الخشبة من دون الطلب من نانسي مثلاً ان يعتمروا ملابس تغطي اجسادهم.
ابداً كان فعل الحياة يتمادى معنا ومن خلالنا، ولكن في اطار متمادٍ أحببناه حتى آخر قطرة.
رقص ماهر، عميق، فائق التعبير، على موسيقى وائل قديح، الفكرة والاخراج لـ نانسي نعوس، وتولى مشهدية الفيديو الخاص ديفيد ماتياس، والاضاءة لـ هاغون ديرغوغاسيان.
«يحكي» العرض قصة جسد في حالة طارئة، حالة ملحة يعقد خلالها الجسد نقطة التوازن بين الحاح داخلي ومخاوف خارجية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي