مودريتش «يستحق... لا يستحق» ... «الكرة الذهبية» ضحية متجددة لـ «معايير غامضة»

No Image
تصغير
تكبير

هل كان الكرواتي سيُمنح الجوائز الفردية لولا الحظ المتمثل في توفيق كرواتيا بركلات الترجيح؟

طبع الكرواتي لوكا مودريتش العام 2018 بطابعه الخاص من خلال الاستحواذ على الألقاب الفردية كافة، ابتداءً من جائزة أفضل لاعب في كأس العالم التي أقيمت في روسيا، مروراً بجائزة الأفضل في أوروبا والأفضل في «ميزان» الاتحاد الدولي، وصولاً الى «الكرة الذهبية» التي تمنحها مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية.
لا شك في أن «لوكا» لن ينسى العام 2018 الذي شهد تتويجه بلقب دوري أبطال أوروبا أيضاً مع ريال مدريد الاسباني، فضلاً عن بلوغه نهائي المونديال مع منتخب بلاده.
ربما لم يكن اللاعب نفسه ينتظر هذا الازدحام بالجوائز التي ستزيّن خزانة انجازاته، خصوصاً وأنه بات في سن الـ33 عاماً، وهي محطة تبدأ أوراق الخريف فيها تتساقط معلنةً النهاية «القريبة» لمسيرة أي لاعب في «المستطيل الأخضر».
لا خلاف على أن مودريتش يتمتع ببذور «النجم الكبير» لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل استحق كل هذه الألقاب؟

ضربة حظ
لا يتفق الكثيرون على أحقية لوكا بـ«الكرة الذهبية» تحديداً، ويرون بأن من اختاره من الصحافيين الـ180 حول العالم إنما انجرف مع التيار.
تتويج اللاعب بالجوائز الفردية الثلاث التي سبقت التصويت على «الكرة الذهبية» لعب دوراً مفصلياً في استحواذه على الأخيرة، كما أن ثمة عوامل أخرى ساهمت في تتويجه بها.
نبدأ بواقع تواجد مودريتش في ريال مدريد وضمن كوكبة من النجوم، وتحديداً البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي لولاه ولولا أهدافه الحاسمة، لما توج «الملكي» بلقبه الثالث على التوالي في دوري أبطال أوروبا.
لوكا كان عنصراً أساسياً في إيصال «ريال» الى النقطة الأعلى من منصة التتويج القارية، إلا انه لم يكن سبباً مباشراً في ذلك.
أما المسيرة «التاريخية» لكرواتيا في مونديال 2018، فهي لم تفضِ، في نهاية المطاف، إلى تتويج، وبالتالي جرى إلحاق الظلم بمن شكل علامة فارقة في منح منتخب بلاده اللقب، وتحديداً فرنسا ولاعبيها، وأبرزهم أنطوان غريزمان الذي كان له مفعول السحر في أداء «الديوك»، مسجلاً 4 أهداف، أحدها في النهائي، فضلاً عن تتويجين مع أتلتيكو مدريد الاسباني بـ«يوروبا ليغ» وكأس السوبر الأوروبية.
كثيرون يعتبرون بأن مودريتش كان عراب بلوغ كرواتيا نهائي المونديال، وأن مسيرة المنتخب كانت سبباً في تعزيز حظوظه على جبهة السباق لنيل «الكرة الذهبية»، ولكن هل ننسى بأن منتخب المدرب زلاتكو داليتش، تخطى عقبتين في الأدوار الاقصائية بركلات الترجيح؟ بمعنى أن ركلات الحظ دفعت بكرواتيا الى الامام في مناسبتين، الاولى امام الدنمارك في الدور الثاني، والثانية امام روسيا في ربع النهائي.
فهل كان مودريتش سيُمنح «الكرة الذهبية» وحتى الجوائز الأخرى لولا الحظ المتمثل في توفيق كرواتيا بركلات الترجيح؟
وهل كان المطبّلون له سيقرّون بأحقيته فيما لو كتب للكروات الخروج مبكراً من معمعة «الصراع المونديالي»؟

آلية الاختيار
بخلاف الجوائز الأخرى، طرحت ادارة التحرير في «فرانس فوتبول» 30 اسماً مرشحاً يجري اختيار خمسة منها وفق الترتيب التالي: الأول (6 نقاط)، الثاني (4)، الثالث (3)، الرابع (2)، والخامس (نقطة واحدة).
وهكذا قام الإعلاميون الـ180 المختارون بـ«المهمة»، غير أن الكشف عن النتائج في ما بعد، أفرز تساؤلات، أهمها أن أحد الإعلاميين المشاركين من أميركا الجنوبية اختار الأوروغوياني لويس سواريز في المركز الأول على الرغم من أن المجلة الفرنسية حددت ثلاثة معايير للاختيار لا تنطبق جميعها على مهاجم برشلونة الاسباني، وهي:
1- الأداء الفردي والجماعي (الألقاب) خلال السنة.
2- مستوى اللاعب (الموهبة واللعب النظيف).
3- مسيرة اللاعب.
تساؤلات عدة فرضت نفسها بعيد الاعلان عن فوز مودريتش، بيد أن صحافياً فرنسياً تحدث عن فوز الكرواتي حتى قبل الحفل الرسمي بعدما جرى تسريب الترتيب النهائي، واعتبر بأن حظوظ الفرنسيين كانت ستضاعف فيما لو جرى حصرهم في لاعب واحد، معتبراً بأن ترشيح غريزمان ورافايل فاران وكيليان مبابي ساهم في توزيع النقاط عليهم بدل حصرها في واحد.

لائحة المظلومين
تتويج لوكا بـ«الكرة الذهبية» بعد عشر سنوات من سيطرة الثنائي البرتغالي رونالدو والارجنتيني ليونيل ميسي عليها، أعاد المتابعين بالذاكرة الى لاعبين آخرين كانوا يستحقون، بنسبة أكبر من مودريتش، دخول السجل الذهبي لهذه الجائزة المرموقة.
لا يمكن استيعاب أن الكرواتي فاز بـ«الكرة الذهبية» فيما لم يُكتب ذلك لـ«الرائع» الاسباني اندريس انييستا ومواطنه تشافي هرنانديز والهولندي ويسلي شنايدر وربما الحارس الالماني مانويل نوير والفرنسي فرانك ريبيري، خصوصاً في «سنوات كأس العالم»، وتحديداً بعيد مونديال 2010.
فكيف يفوز بـ«الكرة الذهبية» لاعب توج بدوري الابطال وبلغ نهائي كأس العالم، ولا يفوز بها لاعب حقق «الثلاثية التاريخية» وبلغ نهائي كأس العالم أيضاً، ونقصد به شنايدر تحديداً؟
هذا ما يضيف على الغموض غموضاً عندما يجري السؤال عن المعايير في تحديد الفائزين. أهو الأداء أم الالقاب أو ماذا؟
ثم أن الاختيار من قبل 180 من الإعلاميين قد يخضع للعواطف، في كثير من الأحيان، وربما وجب على «فرانس فوتبول» الذهاب نحو آلية أكثر مصداقية واقناعاً للجمهور.

تبريكات... ولكن
مدرب ريال مدريد، الأرجنتيني سانتياغو سولاري، سار «طبيعياً» على خطا كثيرين ممن تقدموا بالتهنئة الى مودريتش، قائلاً بأن اللاعب قدم «سنة رائعة» مع ناديه ومنتخب بلاده.
وقال: «هذا عام مودريتش. يجب أن يكون التركيز عليه. قدم سنة رائعة وأعطى كل شيء لريال مدريد ومنتخبه»، وتابع: «جاء ذلك خلال فترة النضوج في مسيرته. بالنسبة إليّ هي أكثر جمالا في هذا العمر لأنه سيقدّر موسمه وكامل مسيرته».
في الواقع، لا يمكن أن نتصور كلاماً غير هذا من مدربِ لاعبٍ متوّج بالجائزة المرموقة.
من جهته، اعتبر رئيس الاتحاد الكرواتي دافور سوكر، فوز مودريتش بـ«الكرة الذهبية»، أمرا مستحقاً، مضيفاً أن الجائزة تعتبر مكافأة له على موهبته الكروية وشخصيته.
وقال في بيان: «فرض حضوره بقوة رغم تواجد الفرنسيين الرائعين الذين فازوا بالمونديال، وتواجد ميسي ورونالدو اللذين يحملان في مسيرتهما مواسم مذهلة».
القول بأن الجائزة تعتبر «مكافأة للاعب على موهبته الكروية والشخصية» يشير الى أن تخطي ما قدمه في 2018 ليعني بأن التكريم تم بناءً على مساحة مسيرة كاملة. فهل كان ذلك دافعاً لدى البعض لترجيح كفة مودريتش؟
الجوائز الفردية، وتحديداً «الكرة الذهبية»، آخذة، سنة بعد سنة، في فقدان بريقها نتيجة آليات غير مفهومة... وغير واضحة للاختيار.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي