اقصدوا غير سمو الرئيس

تصغير
تكبير

الكتابة عن شخصية سمو رئيس الوزراء، تتطلب الكثير من الحذر، لأنك ستمر عبر نهر ضفتاه إحداهما عليها مؤيدوه، والأخرى يتمترس بها معارضوه، وبين جيشين: جيش من الناقدين، والآخر من المادحين... ولدى كلا الفريقين ما يقوله، خصوصاً بعد الاستجواب المقدم لسموه من النائب شعيب المويزري من محور واحد، ويتعلق بما أسماه «فشل وزارات الدولة في إدارة الكوارث ومواجهة الأزمات»، ويعني ما حدث خلال أزمة السيول والأمطار الأخيرة التي تعرضت لها البلاد.
على الضفة الأولى، يرى الفريق الأول أن سمو رئيس الوزراء يبلي بلاء حسناً، وأن شخصيته تملك القدرة على اتخاذ القرار، فيما يوجه الفريق الآخر سهام نقده إليه ويحمله مباشرة كل مشكلاتنا.
رسم سموه في خطابه، بافتتاح دور الانعقاد التشريعي، منهجه الذي يعتمد على ثلاثة مرتكزات تعهد بالالتزام بها، وهي: الإصلاحات الإدارية والمالية، والتنمية عن طريق الاستدامة الاقتصادية والمالية، وتطوير الخدمات الحكومية.


ربما يقول البعض إن محور استجواب النائب شعيب المويزري ليس مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بهذه المرتكزات، ولكنه جزء من «تفاصيل» الإصلاحات الإدارية وتطوير الخدمات الحكومية، ومن حق أي نائب المساءلة بشأنها!
إن هناك تقديرات وقياساً مهنياً مهماً يجعلان الاستجواب سهما يصيب كبد القصور، فإذا كان القصور معنيا بقضايا استراتيجية طويلة المدى، كالمرتكزات العامة المذكورة أعلاه، وهو الذي لا ينطبق على مشكلة المطر الآنية، حينها نقول إن القصور استراتيجي بسبب توجيهات رئيس الوزراء، أما إذا كانت المشكلة عارضة، أو نتيجة كارثة بيئية، أو تجاوز لا علاقة له بخطة التنمية، وهذا ما ينطبق على حادثة المطر، فإن ذلك يعتبر من الأعمال اليومية قصيرة الأجل، والمعني بها ليس رئيس الوزراء بل الوزير المختص؛ لأنها أقرب لأعمال وزارته.
وبالعودة إلى أول المرتكزات الثلاثة التي تحدث عنها رئيس الوزراء، وهو الإصلاحات الإدارية والمالية، نجد أن الحكومة قطعت شوطاً طويلا في مكافحة الفساد، وأحالت كثيراً من التجاوزات على النيابة العامة، وشكلت لجان تحقيق في ملفات كانت أشبه بألغام يخشى الاقتراب منها، وهي خطوات تعكس جديتها في الحفاظ على المال العام واستئصال شأفة سراقه لتحقيق هذا التوجه.
أيضاً أولت الحكومة - أخيراً - اهتماماً كبيراً بالمشاريع الصغيرة والشباب ودعم الأعمال لتحقيق الاستدامة الاقتصادية، وإن كان ما تم حتى الآن دون مستوى الطموح، لكننا نأمل الكثير من تلك البدايات.
والأمر نفسه بالنسبة للخدمات الإلكترونية الحكومية، إذ إننا لم نشهد التغيير المرجو، لكن توسيع استخدام تلك الخدمات هو لا شك خطوة في الاتجاه الصحيح، حيث باتت البوابة الإلكترونية تربط نحو 58 جهة حكومية، وما يتبع ذلك من ترشيد في الوقت والجهد والنفقات.
أيضاً من الإنجازات التي تحدث عنها رئيس الوزراء، وتصب في الإطار نفسه، توزيع ما يزيد على 60 في المئة من الوحدات السكنية، من إجمالي ما تم توزيعه قبل أن يتولى سموه منصبه. وفي الجانب الصحي أنجزت الحكومة ما يقارب 15 مستشفى بعد العام 2012، وزادت السعة السريرية بهذه المستشفيات 144 في المئة. وزادت الطاقة الكهربائية بنسبة 40 في المئة عما كانت عليه، ما ساعد في التغلب على أزمات انقطاع الكهرباء صيفا... وغيرها من الإنجازات الاستراتيجية التي تمثل مدماكاً في ترسيخ أمننا الوطني، واستقرار مواطنينا، وجزءاً من خطة «كويت 2035» التي تحتوي ما يقارب 70 مشروعاً.
إن ما نعنيه حين ننتقد الحكومة أو نثني عليها هو الإنجاز، فليس هدفنا النقد لمجرد النقد، أو الثناء للمجاملة، وإن كان هناك من تقييم لأداء رئيس الوزراء فلا بد من أخذ إنجازاته في الحسبان. وإن كان من قصور فعلينا محاسبة المقصر مباشرة، لأن تعميم المسؤولية تضييع لها، وتحميل رئيس الوزراء كل المشكلات هو مبالغة وسوء تشخيص للخلل الحقيقي الذي ننشد معالجته... ومن لا يعرف المحاسبة المهنية الدقيقة التي تنتج حلا، فلا يبدد مقدرات البلد ويشغله بتصفية حسابات على حساب آهات المواطن وجروحه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي