أكد أن اقتصاد الكويت يعود إلى الانتعاش في 2018
«البنك الدولي»: أجور موظفي الحكومة أكبر بـ 250 في المئة من نظرائهم بالخاص
على دول الخليج بذل جهد إضافي يمكن مواطنيها من القيام بعمل الوافدين
توقع البنك الدولي أن تنتعش الكويت من الركود الذي شهدته خلال 2017 بنمو يقارب نحو 1.5 في المئة خلال العام الحالي، و3 في المئة خلال 2019 و2020، فيما لفت إلى أن أجور موظفي الحكومة أكبر بـ250 في المئة من نظرائهم بالقطاع الخاص.
وأشار إلى أن خطط البلاد لاستثمار نحو 115 مليار دولار (تمثل 96 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2017) في القطاع النفطي خلال السنوات الخمس المقبلة، بهدف تعزيز الإنتاج بنحو مليون برميل في اليوم إلى 4 ملايين بحلول 2020، سيحفز النمو خلال الفترة المذكورة.
ووفقاً للتقرير المنشور تحت عنوان «المرصد الاقتصادي لمنطقة الخليج»، شهدت دول الخليج انتعاشاً اقتصاديا بسبب الزيادة المستمرة لأسعار النفط خلال العامين الماضيين، فيما رجح أن يصل معدل النمو الاقتصادي للمنطقة إلى 2 في المئة في 2018 مرتفعاً من سالب 0.3 في المئة في 2017 ويُعزَى ذلك جزئياً إلى ارتفاع إنتاج النفط وتباطؤ وتيرة إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة.
ولفت التقرير أنه في حال تم تفعيل عمل المنطقة النفطية المشتركة بين الكويت والسعودية فإن ذلك سيجلب نحو 500 ألف برميل نفط يومياً إلى السوق وسيساعد الكويت على تحقيق هدفها الذي وضعته ضمن استراتيجيتها الإنتاجية.
وأوضح أن تنفيذ البلاد لمشروع بوابة الكويت الشمالية الخليجية، «مدينة الحرير»، والذي كشفت عنه في مايو الماضي خلال ملتقى الكويت للاستثمار يعزز النمو أكثر مما هو متوقع.
وأشار البنك الدولي إلى أن نمو النشاط غير النفطي في الكويت حظي بالمزيد من التقدم خلال العام الحالي حيث انتقل من 4.1 في المئة إلى 6.9 في المئة على أساس سنوي خلال الربعين الأول والثاني على التوالي.
كما ازدهر الإنفاق على قطاع التجزئة خلال النصف الأول من العام الحالي مدعوماً بأسعار النفط المرتفعة ونمو التوظيف في القطاع العام بالإضافة إلى إيجابية ميول الإنفاق الأسري، فيما توقع التقرير أن تتضائل الاختلالات المالية والخارجية مع عودة البلاد إلى تحقيق الفائض في الحساب الجاري خلال 2018/ 2020.
وبيّن أن هذه النظرة الإيحابية تأتي مدفوعة بالنظرة التصاعدية لأسعار النفط التي يرجح أن تنتقل من مستوى 60 دولاراً في 2019/ 2020 إلى 72 دولارا، وتفترض التوقعات أيضاً أن تحافظ البلاد على الاصلاحات الهيكلية العامة التي بدأتها خلال السنوات الأخيرة.
ولفت إلى أن الكويت تمضي بشكل تدريجي نحو تحقيق الإصلاح على مستوى الدعوم، مبيناً أن الحكومة بدأت ترشيد الدعومات على مستوى الماء والكهرباء خلال سبتمبر المنصرم، إلا أن زيادة التعريفات الأخيرة تم تطبيقها بشكل بطيء أكثر مما هو مقترح منذ البداية، وأن هذه الجهود شهدت معارضة برلمانية.
وأشار البنك الدولي إلى أن تأجيل تطبيق الضريبة المضافة مع زيادة الإنفاق من الميزانية يرجح أن يقلل من مكاسب ارتفاع النفط ويبقي على العجز كبيراً رغم تراجعه.
وفي سياق آخر، أوضح التقرير أن فاتورة الأجور في القطاع العام بالكويت الأعلى على مستوى المنطقة من حيث نصيبها من الناتج المحلي الإجمالي والتي تشكل نحو 18 في المئة منه، وهي ناتجة من التوظيف الكبير في هذا القطاع والاستيعاب الكبير غير المعتاد.
وذكر أن دول الخليج تقدم حزم تعويضات سخية على نحو غير عادي لموظفي الحكومة، مبيناً أن مرتبات القطاع العام تمثل أكثر من 150 في المئة من رواتب القطاع الخاص لكفاءات متساوية في السعودية وقطر، وأكثر من 200 في المئة في البحرين، وما يقرب من 250 في المئة في الكويت.
ولفت إلى أن هذه الفجوات الواسعة في الأجور بين القطاعين العام والخاص شوهت أسواق العمل في دول الخليج، ما يثبط التوظيف في القطاع الخاص لصالح العمالة الحكومية، ويعوق تطوير المهارات في صناعة القطاع الخاص.
وحول توجه المنطقة المتزايد نحو إحلال مواطنيها مكان الوافدين في العمل، لفت التقرير إلى أنه يجب على السلطات في الخليج أن تضع في اعتبارها قضايا استمرارية العمل المرتبطة ببرامج توطين القوى العاملة وبذل المزيد من الجهد لضمان تمكن مواطنيها من القيام بعمل الوافدين في الصناعات الرئيسية، مشدداً على أهمية تعزيز النظم التعليمية وبرامج التدريب لتلبية احتياجات القطاع الخاص من المواطنين ذوي المهارات المناسبة للوظائف الفنية.
كما شدد على حاجة دول المنطقة إلى توسيع نطاق الجهود الإصلاحية في جذب الاستثمار الاجنبي، مؤكداً أهمية الحاجة إلى إصلاح عدد من الجوانب المتعلقة بتنظيم الاعمال وتعزيز النشاط الخاص، ومن بينها معالجة مسألة الإعسار التي تعتبر حلقة وصل بين الجودة التنظيمية وكفاءة نتائج الأعمال.
ووفقاً للتقرير، فإن هناك مخاطر عدة تشوب آفاق الاقتصاد الإقليمي في الفترة المقبلة تنبئ باحتمال تدهور الأوضاع، مبيناً أن التوترات التجارية العالمية، وتقلُّب الأسواق المالية العالمية، والتوترات الجيوسياسية قد تُضعِف الطلب العالمي والتجارة، وتؤثِّر في إمكانية الحصول على التمويل وتكلفته، وتؤدي إلى تراجع أسعار المحروقات. ويتمثل أحد المخاطر المحلية الرئيسية التي قد تتعرض لها منطقة الخليج في تباطؤ وتيرة الإصلاحات بسبب ارتفاع أسعار النفط.
وركِّز المرصد الاقتصادي لمنطقة الخليج على النظر إلى الإصلاحات من منظور 4 مجالات رئيسية يلزم تحقيق مزيد من التقدم فيها.
وعلى صعيد المالية العامة، أوضح أن دول الخليج لم تبحث بشكل منهجي إجراء إصلاحات فاتورة الأجور والتوظيف في القطاع العام كاستراتيجية للحفاظ على استدامة المالية العامة على الأمد الأطول ولتحسين مستويات تقديم الخدمات، مشدداً على أهمية أن تلحظ الحكومات أن تحسين الإنفاق لا زيادته سيكون على الأرجح العامل الرئيسي لتحقيق تحسن في الإنتاجية نتيجةً للإنفاق على البنية التحتية.
وأشار إلى أهمية إجراء إصلاحات لبيئة الأعمال وسوق العمل لزيادة الاستثمارات الخاصة، وتعزيز جهود خلق فرص العمل، وضمان أن يكتسب مواطنو دول الخليج المهارات التي يتطلَّبها القطاع الخاص.
ولفت التقرير الانتباه أيضاً إلى جانب منفصل وإن كان ضرورياً للاستدامة على الأمد الطويل، وهو إدارة الموارد المائية في المنطقة، إذ إن دول الخليج تشهد بعضاً من أعلى مستويات استهلاك المياه في العالم، وتعتمد اعتماداً كبيراً على أنشطة كثيفة الاستخدام للطاقة لتحلية المياه.
وأضاف «لأن إدارة الموارد المائية مسألة تشمل قطاعات عدة، سيتعيَّن على الحكومات أن تحرص على تكامل السياسات والإستراتيجيات وانتظام تطبيقها في مختلف القطاعات، وأن تعطي أولوية لترشيد استخدام المياه، وإدارة مكامن المياه الجوفية وإعادة التدوير والتحلية والاستخدامات الزراعية وإدارة المناطق الساحلية».