متخصصون يتساءلون عما إذا بات علم الأرصاد مهنة من لا مهنة له!
التنبؤات الجوية... عندما يُفسد الدُخلاء عمل الخُبراء
- عبدالعزيز القراوي:
- - الهواة قد يسببون الذعر بين الناس بالمبالغة في وصف الظاهرة الجوية
- - تقاريرنا تمر بفلترة كبيرة بدءاً بخمسة متنبئين ذوي كفاءة ثم رئيس القسم فالمراقب فالمدير
- عادل السعدون:
- - لا يمكن وضع قانون يحظر الحديث في التنبؤات الجوية ولكن المطلوب عدم المبالغة ممن يتحدث
- - بعضهم لو سألته عن عوامل سقوط الأمطار لن يعرف الإجابة وكل ما يقوم به الأخذ من الإنترنت
- عيسى رمضان:
- - أصبحت التنبؤات مهنة من لا مهنة له ... حتى السياسيون دخلوا في مجال الأرصاد
- - كثيراً ما اتهمني الجمهور بالخطأ في التوقع على كلام صدر من شخص آخر
- محمد كرم:
- - لا تسمعوا غير المتخصصين وارجعوا لإدارة الأرصاد الجوية
- - الهواة يستخدمون بعض البرامج في الهواتف الذكية للتنبؤ
يبدو أن شعاب مكة لم تعد حكراً على أهلها ليكونوا أدرى بها في ما يتعلق بالطقس وتنبؤاته الجوية، بعد أن أصبح الجميع يدلون بدلائهم، عن علم أحياناً وعن جهل في كثير من الأحيان.
ولعل ما شهدته البلاد من حالة طقس غير عادية وأمطار غزيرة هطلت على البلاد، لم تقف تداعياتها عند سيول المياه التي اجتاحت المناطق وتركت أضرارا بالغة، بل خلفت سيلاً من نوع آخر تمثل في التحليلات والتنبؤات من قبل كثير من الهواة وغير المتخصصين في علم الأرصاد الجوية، الأمر الذي كاد أن يختفي فيه أصحاب التخصص الحقيقيون، ما سبب حالة من البلبلة وعدم اتساق المعلومة.
«الراي» استطلعت آراء عدد من الخبراء في مجال التنبؤات الجوية فكان إجماعهم على التحذير من ظاهرة الدخلاء التي باتت في رأيهم تشكل تهديداً يصل أحياناً للتأثير سلباً على صناعة القرار. فقد أكد مراقب التنبؤات الجوية في إدارة الأرصاد الجوية عبدالعزيز القراوي، أن «الأمطار التي تعرضت لها الكويت في شهر نوفمبر تعتبر أمطار أزمة، كونها شديدة الغزارة وغير مسبوقة»، مشيراً إلى أن «كتابة بعض الهواة أو متابعي الطقس فيما يتعلق بالتحذيرات الجوية أو التوقعات القائمة على الاجتهاد الخاص، قد يصيب وقد يخطئ، وقد يسبب الذعر عند بعض الناس، وقد يكون هناك مبالغة في وصف الظاهرة الجوية، وهذا من مظاهر السلبيات في هذا الأمر».
وقال القراوي «أما إدارة الأرصاد الجوية فتقوم بدراسة الخرائط وكتابة التقارير بعد مناقشة الخرائط من قبل أكثر من خمسة متنبئين جويين ذوي كفاءة، ثم يرفع لرئيس القسم، ثم المراقب ثم المدير»، مردفاً بالقول «نحن نحرص خاصة في مثل الظروف الجوية المتطرفة التي مررنا بها أن نؤكد أهمية متابعة المصادر الحكومية ومصدر المعلومة الرسمي».
وعن ضوابط الكتابة في هذا الصدد، ذكر أنه «لا بد من أن يكون الشخص دارسا لهذا المجال، وحاصلا على شهادة جامعية في الأرصاد الجوية، ولا بد أن تكون له خبرة في هذا المجال ليست أقل من خمس سنوات من العمل ومتابعة الطقس، ولا بد أن يكون ملما بنظام التحذيرات والتنويهات الجوية (بروتوكول النظام الموحد في التحذيرات وهو متبع في معظم دول العالم بما فيها الكويت)، وأن يعلم الفرق بين التنويه والتحذير وكيفية صياغة كل منهما، والمدة الزمنية المستهدفة واللغة والمفردات المستخدمة».
وقال «إن غير المتخصصين في هذا المجال تخفى عليهم أمور كثيرة، فالأمور ليست بمطالعة كميات عددية ومعرفة أن كميات السحب والأمطار كبيرة وينتهي الأمر»، منوهاً بأنه «عادة ما يتلقى رسائل للتأكد من صحة بعض الأخبار المنتشرة والمتعلقة بالأحوال الجوية، وأحياناً البعض ينسبها لإدارة الأرصاد الجوية وهذا يعطلنا عن عملنا، والحمد لله هناك تعاون من قبل الهواة والمهتمين بالطقس، خاصة بعد الأمطار الأخيرة، حيث وجهوا رسائل بمتابعة إدارة الأرصاد الجوية فعرف الناس أين يتجهون، ولكن بعض الناس يسعون لكسب الأضواء ولهم مقصد في إبراز تغريدة أو غير ذلك».
وعن مطلب البعض بأن يكون هناك قانون ينظم عملية التحدث في ما يتعلق بالتنبؤات الجوية، بين أن «هناك قانون الإعلام الإلكتروني يحوي بندا ينظم هذا الأمر، أما كقانون خاص بالأرصاد الجوية فهو غير موجود حتى الآن، وهناك قانون مطروح في دول مجلس التعاون الخليجي قيد الدراسة حتى الآن، لكنه لا يمنع أي شخص من أن يتكلم في الطقس وإنما ينظم عملية الحديث بالنسبة للهواة والتنسيق بينهم وبين الجهات الحكومية، وأنا مع هذا التنظيم ولست مع المنع، فهناك أناس مجتهدون ويحبون هذا العلم».
بدوره، قال الفلكي والمؤرخ عادل السعدون، إن التطبيقات الخاصة بالتنبؤات الجوية باتت في متناول كل يد، لكن المشكلة أنه ليس بإمكان كل شخص أن يتنبأ بأحوال الطقس، فهذا الأمر يحتاج لخبرة. وتابع «لا بد أن يكون لدى من يقرأ خريطة الطقس حس حتى يفهم ماذا يحدث، وبعض الناس تبالغ لدرجة انه تم حجز عدد من العاملين في قطاعات معينة في الحكومة، وأنا أرى أنه في حال تنفيذ هذا الحجز لا يجب الإعلان عنه حتى لا ينتشر الخوف بين الناس».
وزاد «لا نستطيع أن نضع قانونا يحظر الحديث في التنبؤات الجوية ولا يجوز تكميم أفواه الناس، لكن هؤلاء الأشخاص يجب توجيه رسالة لهم بأن عليهم أن يكونوا متحفظين في كلامهم ولا يبالغوا»، لافتاً إلى أنه «لا بد لمن يتصدى لهذا الأمر أن تكون لديه خبرة تراكمية، فبعضهم لو سألته ما هي عوامل سقوط الأمطار لن يعرف الإجابة وما يقوم به فقط هو الأخذ من الشبكة العنكبوتية».
أما خبير التنبؤات البيئية والجوية عيسى رمضان فقال «لا يجوز أخذ المعلومات الجوية من أناس ليسوا متخصصين ولا أكاديميين، ويجب الرجوع للجهات الرسمية في هذا الاطار». وانتقد أولئك الذين يبثون معلومات مغلوطة عن الطقس، في حين أنهم حتى لا يظهرون أسماءهم في وسائل التواصل الاجتماعي، ويستخدمون أسماء مستعارة، مطالباً بعدم نشر مثل هذه الأمور ووقف تداولها. وزاد«إثارة الهلع والخوف أحياناً تؤثر حتى على اتخاذ القرار وخاصة بعد الأمطار الغزيرة التي تعرضت لها البلاد، الأمر الذي يتسبب في مشاكل أمنية واجتماعية»، معرباً عن أمله في أن «يتم استقاء المعلومة من الجهات الرسمية الموثوقة».
وأيد رمضان ما طرحه البعض حول «سن قانون ينظم عملية الحديث في التنبؤات الجوية وقصرها على الجهات الرسمية والمتخصصين، الذين هم قلة ويجب عدم الاستهانة بخبراتهم»، معتبراً أن «ما يقوم به الدخلاء على مجال الأرصاد والتنبؤات الجوية اساءة له وللمتخصصين، لأن الجمهور يتخيل أن المتخصصين هم مصدر ما ينشره هؤلاء الدخلاء»، لافتاً إلى أن «هذا حدث معه عشرات المرات، حيث تم اتهامه بأنه أخطأ في حين أن الحقيقة أن الكلام الخطأ يعود لشخص آخر وليس له».
وذكر أن بحث البعض عن الشهرة يجعله يتجاوز في دقة المعلومة العلمية، بالرغم من ان الشهرة فقاعة سوف تذهب بعد وقت، مشيراً إلى انه لا يسعى من وراء كتاباته سوى الى تنبيه الناس خدمة لوجه الله تبارك وتعالى. وطالب بعدم أخذ هذه الأمور على محمل الهزل واحترام المتخصصين أصحاب الخبرات الطويلة في هذا المجال، وهذه المهنة النادرة في الكويت، مشدداً على أهمية الكشف عن اسم كل من يدلي بدلوه في هذا المجال. واختتم بالقول «لقد باتت التنبؤات الجوية مهنة من لا مهنة له، فهناك سياسيون دخلوا في مجال الأرصاد».
بدوره، قال خبير الأرصاد الجوية محمد كرم «يشترط في من يعمل بعلوم الأرصاد الجوية أن يحصل على دراسة مدتها أربع سنوات»، لافتاً إلى ان «إدارة الأرصاد الجوية لديها كوادر تحمل هذه الشهادات المؤهلة لإعطاء التنبؤات، سواء في حالة الطقس العادي أو غير العادي».
وأضاف «لا تسمعوا غير المتخصصين، وارجعوا لإدارة الأرصاد الجوية، لأن غير المتخصصين يستخدمون بعض البرامج في الهواتف الذكية، لكن أهل مكة أدرى بشعابها والمتخصصون في الإدارة أدرى بطقس الكويت ولديهم تعاون مع مراكز الأرصاد في دول الخليج».