جدلٌ بين الفقهاء ونشطاء بشأن منعه أو إجازته في أعقاب اقتراح النائب ماجد المطيري
البيعُ أثناء صلاة الجمعة... حُرمة «دينية» وحُرية «ليبرالية»
حاي الحاي: فقهاء أكدوا أن عمليات البيع أثناء صلاة الجمعة باطلة ولا تجوز
أحمد الكردي: القاعدة العامة أن البيع والشراء أثناء صلاة الجمعة حرام مع بعض الاستثناءات
فاخر السلطان: هذا ديدن التوجهات الدينية عندما تتخذ قرارات هدفها الهيمنة
العتيقي: اقتراح بلا معنى فلماذا نفرض على الجميع الإغلاق وتعطيل أعمالهم؟
لم يكن المجتمع المحلي محتاجاً إلى قضية جديدة ليعود إلى واجهته التباين في وجهات النظر حول القضايا الجدلية، بين أصحاب الرأي الديني المستندين إلى الحِجج الفقهية، وذوي التوجه الذي يوصف بـ«المدني»، ليأتي الاقتراح النيابي «برغبة» الذي تقدّم به النائب ماجد المطيري لـ«إغلاق جميع المحلات التجارية، ومنع البيع والشراء في يوم الجمعة، من وقت النداء الثاني للجمعة إلى نهاية صلاتها»، مستثنياً من ذلك الصيدليات والمحلات التجارية في المطار والموانئ، لتعود حالة الجدل بين المؤيدين والمعترضين، في وقت اختلفت فيه حتى الآراء الفقهية حول مسألة هذا الإغلاق، فالبعض يراه واجباً وآخرون يرون له استثناءات.
واستند المطيري، في اقتراحه، إلى الآية الكريمة الواردة في سورة الجمعة والتي جاء فيها «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى? ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَ?لِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ»، مشيراً إلى أن «المادة الثانية من الدستور نصت على أن دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، ما يحمّل المشرع مسؤولية أمانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ما وسعه ذلك».
وذكر أن اللائحة أعطت الحق لمدير البلدية أو من يفوضه أن يصدر أمراً كتابياً بغلق المحل في حالات عدة، ومنها ما ورد في البند الثالث الذي نص على أنه «إذا باشر المحل نشاطه على نحو يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وفقاً للفتاوى الشرعية الصادرة من الجهات الرسمية، أو عرض مواد غذائية محظورة شرعاً»، مردفاً بالقول «أصدرت هيئة الفتوى في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في شأن منع البيع وقت الصلاة، وهناك الكثير من الفتاوى الإسلامية الصادرة حديثاً تؤكد منع المكلفين بالجمعة عن البيع والشراء وقت صلاة الجمعة».
وتعليقاً على الاقتراح، قال الداعية حاي الحاي في تصريح لـ «الراي» إن «الجمعة شعيرة عظيمة من شعائر الله يجب الحفاظ عليها»، مشيراً إلى أن «كل أنواع البيوع أثناء صلوات الجُمع لا تجوز». وأوضح أن «بعض الفقهاء أكدوا أن عمليات البيع التي تتم أثناء صلاة الجمعة باطلة ولا تجوز، والبعض الآخر قال صحيحة مع بقاء الإثم»، معرباً في الوقت ذاته عن تأييده للمقترح وتطبيقه.
من جانبه، قال عضو هيئة الإفتاء الدكتور أحمد الحجي الكردي «القاعدة العامة أن البيع والشراء أثناء صلاة الجمعة حرام، لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن هذه القاعدة لها استثناءات لأنه يجب تحديد من يقوم بعملية البيع هل هي امرأة أو رجل أو طفل، وهل هي سلع ضرورية وخدمات لا يمكن الاستغناء عنها أم لا».
وفي الجهة المعارضة، قال العضو في مركز تنوير للثقافة فاخر السلطان، إنه «قد يكون معتادا أن يطرح نائب محسوب على الاتجاه الديني أو المحافظ اقتراحا بإغلاق المحلات التجارية أثناء صلاة الجمعة، فهذا ديدن التوجهات الدينية في معظم المجتمعات، ومنها في المجتمع الكويتي، فهي دائما ما تنفرد باقتراحات وتتخذ قرارات هدفها الهيمنة، انطلاقاً من رؤية شاذة تحت عنوان تطبيق الشريعة. فمفهوم الهيمنة يخالف في طبيعته الحياة المدنية، ومن غير اللائق أن يدعي النواب الإسلاميون والمحافظون إيمانهم بالمجتمع المدني، فيما يتسابقون لفرض مثل هذه الاقتراحات غير المدنية وهذه الرؤى العبثية على عموم المجتمع الكويتي».
وأضاف السلطان «بل إذا عُدنا إلى التاريخ الإسلامي فلن نجد أي أرضية يمكن الاستدلال من خلالها بوجود مثل هذه الاقتراحات، كما لو بحثنا في تاريخنا الكويتي فلن نحصل على حادثة اجتماعية أو ثقافية من شأنها دعم مثل هذه الاقتراحات. لذا من غير الطبيعي أن يتم طرح مثل هذه الاقتراحات البعيدة عن الدين وعن التاريخ الكويتي».
وزاد «إن الواقع الكويتي المتنوع، يفرض على كل محب لهذا الوطن أن يدافع عن التنوع وأن يمارس كل ما يريد من سلوك ديني دون الحاجة لفرض هذا السلوك على الجميع بقوة القانون».
أما عبدالعزيز العتيقي من التجمع العلماني الكويتي فاكتفى بالقول أن «مشكلة هذه المقترحات أن لا معنى لها، من يود إغلاق محله وقت الصلاة يقوم بذلك بالفعل، ولا يوجد مَن يمنعه من ذلك، لماذا نفرض على الجميع إغلاق محالهم وتعطيل أعمالهم؟».
اقتراح المطيري ليس الأول
لم يكن اقتراح النائب ماجد المطيري إغلاق المحال التجارية أثناء صلاة الجمعة الأول من نوعه، ففي 2013 تقدم عضو المجلس المبطل حماد الدوسري باقتراح لإغلاق جميع المحلات التجارية والانشطة الترفيهية اثناء أذان الجمعة للتفرغ لأداء الصلاة، وقال في مقدمة الاقتراح «يقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون)». وجاء في نص الاقتراح أن «اغلاق جميع المحال التجارية ووقف جميع الانشطة الترفيهية بجميع اشكالها والأنشطة الرياضية وذلك بعد الأذان الأول ليوم الجمعة وحتى الفراغ من اداء صلاة الجمعة حتى يتمكن الجميع من أداء صلاة الجمعة».