محمد الوشيحي / آمال / تحشيش

تصغير
تكبير
الله يمسيه بالخير ذلك الشايب، كان يمتلك الكثير من فراسة البدوي، وكان يدقق النظر في وجه بوش ويقول: «عيون النصراني هذا عيون الشجاع»، ويدقق مرة أخرى وبجدية لا حدود لها في عيني بوش ثم يردد: «أشهد بالله أن عينيه عينا شجاع»! إلى أن جاءت ليلة ظهر فيها بوش في نشرة الأخبار يلوح بيده ويقبل زوجته، فصرخ الشايب مستنكرا: «الخبيث ديوث»؟
عبثا حاونا أن نشرح له بأن عاداتهم في أميركا لا تمنع مثل هذا التصرف بين الأزواج، بل بين العشيقين، وأمام الناس، لكنه أصر على أن بوش لديه بيت يستطيع أن يقبل فيه زوجته ويفعل معها ما يريد، أما أن يقبلها أمام الناس فهذه «دياثة» لا مراء فيها. وماذا عن شجاعته طال عمرك وهو الديوث؟ سألته فأجاب: «ما على هذي من هذيك»، أي لا دخل لهذه بتلك، هو شجاع وديوث في وقت واحد، الخبيث.
قلنا له بأنهم في أميركا يقدمون الخمرة لضيوفهم، ويعدونها كرم ضيافة، ويضعون الخمرة في مواجهة الضيوف، هكذا جهارا نهارا، بينما لا يمكن أن يدخل مجلسك من تشك في أنه يتعاطاها، وقلنا له بأنهم في أميركا يجالسون ضيوفهم وكلابهم في المجلس نفسه، ولو أن أحدا دخل مجلسك بكلبه لقتلته هو وكلبه، ثم إن الأميركان يكرهون الذئب ويحترمون الكلب، بينما نحن أبناء القبائل نزدري الكلب ونستخدم اسمه للشتيمة، ونوقر الذئب ونسمي أبناءنا باسمه، طبائع الناس تختلف.
قلت له بأنني في فرنسا شاهدتهم يتوقفون أمام سيدة خليجية منقبة تتسوق مع أولادها، ويقومون بتصويرها بكاميراتهم (قبل أن تنتشر كاميرات الهواتف)، فعزا السبب إلى «دياثتهم»، فقلت إذاً بوش ليس كما وصفته، على الأقل في نظر أهله وجماعته، لكنه أصر بأن الديوث ديوث في جميع الملل والأعراق، فوافقناه على المبدأ واختلفنا معه فقط في «مَن يستحق هذا اللقب».
قلنا له بأنهم في اليمن يقدمون القات لضيوفهم، والقات من المخدرات كما في قوانين الكويت والسعودية وكثير من الدول. وفي مصر قبل بضعة عقود، يؤم الشيخ المصلين ثم يجتمع مع أصحابه ويعدّل مزاجه بحشيشة ويحدثهم عن فضائل الإمام أبي حنيفة، وإن سألت الشيخ ذاك أفتاك: «إن لبدنك عليك حق».
واليوم نقرأ خبر تحشيش شعبولا، الفنان شعبان عبد الرحيم، ونسمع التعليقات: «شكله بالفعل شكل حشاش، قميصه يوحي بذلك»، «الوسط الفني وسط حشاشين»، وكلام آخر يشبهه، بينما المصريون لا يرون الحشيش بهذه الدرجة من السوء، وقد يحدثك أحد كبار مثقفي مصر فيقول: «كنا في جلسة حشيش عندما فوجئنا بكذا وكذا...»، وتقرأ في كتاب أحد كبار أدبائهم: «كنت في لحظة غضب وفي أشد الحاجة لقطعة حشيش...».
هذا ليس دفاعا عن شعبولا، إن كان فعلا يتعاطى الحشيش، لكنها الحقيقة، في مصر لا ينظرون للحشيش كما ننظر له نحن.
محمد الوشيحي
alwashi7i@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي