الديوان طالب بتغليظ العقوبات على المتسبّبين بالمخالفات... والخصم تجاوز 15 يوماً لبعض الموظفات
عصا «المحاسبة» تُثير الرُعب في «التربية»!
موظفون لـ «الراي»:
أصبحت العقوبات شبحاً يطاردنا كل يوم وأجواء العمل مشحونة بالتوتر
نتحمل أخطاء غيرنا وفي كل قضية لا بد من وجود كبش فداء
ما ذنبنا حتى تخصم رواتبنا؟
لماذا العقوبات تطبق على صغار الموظفين فقط؟
الإحالة للتحقيق إضرار بسمعة الموظفة في مجتمع أصبح شغوفاً بتتبع أخبار الناس
أثارت عصا العقوبات التي رفعها ديوان المحاسبة، تجاه المخالفات ومرتكبيها في الجهات الحكومية، الرعب في قلوب موظفي وزارة التربية، لا سيما مع مطالبات الديوان بتغليظ العقوبات، التي يرى موظفون أنها ستأكل ما يصل إلى نصف الراتب الشهري.
موظفو الوزارة دقوا جرس الإنذار إزاء التوجهات الجديدة التي سلكها الديوان، في شأن تغليظ العقوبة على المتسبب في كل مخالفة، مؤكدين لـ«الراي» أن الخصم من الراتب طال الكثير من الموظفين والموظفات، وتراوح بين يومين و10 أيام، وكثير من هذه الخصومات لم تلق قبولاً لدى الديوان فطالب بمضاعفتها لدى البعض.
وأكد الموظفون أن المخالفة حين تقع تكون مشتركة بين أكثر من إدارة وقسم، وأسبابها متعددة، ربما بسبب الإهمال وقلة الخبرة أو عدم توافر الوعي الكامل بإرشادات الجهات الرقابية، فيما تقع أحياناً بسبب ظروف العام الدراسي الذي لا يحتمل أي تأجيل في طرح العقود، ومن هنا تضطر الوزارة إلى طرح عقودها قبل الحصول على موافقة الديوان، فيقوم بتسجيل مخالفة في ذلك، مؤكدين أن «المخالفة الواحدة عادة ما تكون مسؤولية إدارتين أو ثلاث في الوزارة ولكن للأسف حين يتم تطبيق العقوبة يحال إلى التحقيق الحلقة الأضعف في الموضوع ويخرج منها المتسبب الحقيقي بلا مسؤولية».
وتساءل الموظفون «ما ذنبنا حتى تخصم رواتبنا؟ ولماذا العقوبات تطبق على صغار الموظفين فقط؟ وإلى متى نتحمل أخطاء غيرنا ونكون كبش الفداء في كل قضية؟». وحذروا من الارتدادات العكسية لهذه الأجواء في العمل، إذ ملأ الخوف الجميع وأصبحت العقوبات شبحاً يطاردنا صبيحة كل يوم، مؤكدين أن «أجواء العمل أصبحت مشحونة بالتوتر، ولا سيما حين يقوم المسؤول المباشر باستدعاء أي موظف أو موظفة مطالبين بإخلائهم من المسؤوليات إزاء أي عقد أو مناقصة».
وبيّنت إحدى الموظفات أن «أكبر الضرر الذي يلحق بالموظفة، على وجه التحديد، من هذه المسألة هو الإضرار بسمعتها، حين يتم تحويلها إلى إدارة الشؤون القانونية أو تسجل بحقها عقوبة من قبل ديوان المحاسبة، فالأخبار في الجهات الحكومية تنتشر مثل النار في الهشيم ولا خصوصية لأحد في مجتمعات أصبحت شغوفة بفضح الناس على مواقع التواصل الاجتماعي».
إلى ذلك، كشف تقرير ديوان المحاسبة عن مآخذ كثيرة شابت عمليات التدقيق والفحص والمراجعة في وزارة التربية للسنة المالية 2017 /2018 منها صرف رواتب بغير وجه حق عن العمل بدون عذر وضعف الرقابة الداخلية وعدم صحة البيانات.
وسجل الديوان في تقريره بعض المخالفات في أبواب الإيرادات والمصروفات وشؤون التوظف والمخازن والحسابات الخارجة عن أبواب الميزانية كاشفاً عن جملة من التجاوزات في آلية صرف المكافآت والعلاوات والبدلات والكوادر.
كما فتح الديوان بعض الدفاتر القديمة في وزارة التربية ومنها مخالفة مالية لأعمال بناء ومنشآت وفصول دراسية في إحدى المناطق التعليمية، مشدداً على ضرورة «تشديد العقوبة الموقعة على بعض المسؤولين المتسببين في هدر المال العام وإحالة الموضوع إلى السلطات القضائية».
وفي هذا السياق، كشف مصدر تربوي لـ«الراي» أن القطاع القانوني في وزارة التربية أصدر عقوباته مشتملة تشديد العقوبة على بعض المسؤولين في المنطقة إلى خصم 15 يوماً بدلاً من 7 أيام، وإصدار قرارات أخرى على البعض، مؤكداً أن «وزير التربية وزير التعليم العالي السابق، قام بإبلاغ السلطات القضائية عن بعض القضايا طبقاً لنص المادة في الشق الجزائي 14 /1993 في شأن حماية الاموال العامة والبت في المسائل التأديبية».
وفي إطار التراخيص الإدارية، بيّن المصدر أن ديوان المحاسبة سجل مخالفة على الوزارة في شأن استغلال مبنى مدرسة حكومية من قبل شركة تعليمية، حيث إن الوزارة ارتبطت بالموضوع قبل الحصول على موافقة الديوان بالمخالفة لأحكام المادتين 13 و14 من قانون إنشاء ديوان المحاسبة.
وأوضح أن الديوان طالب بضرورة إجراء التحقيق في الموضوع، وموافاته بمحاضر التحقيق والقرار الإداري الصادر بالتصرف وكافة الأوراق والمستندات المتصلة بالموضوع مع بيان الحالة الوظيفية، موضحاً به الدرجة المالية للمتسبب عن حدوث المخالفة والجزاءات التأديبية التي سبق توقيعها عليه من قبل إن وجدت وبيان المعلومات المدنية من حيث السكن والرقم المدني.
وذكر أن الديوان شدد على ضرورة الحفاظ على سير العمل بالمشاريع وفق المدة الزمنية المحددة لها، فيما أفادت الوزارة في مجمل ردها أنها منحت المقاول مدة تمديد للتأخير في فصل التيار الكهربائي من قبل وزارة الكهرباء والماء مما أدى إلى توقف عملية الهدم لإحدى المدارس القديمة، مبيناً أن الديوان سجل ملاحظة على الوزارة في ذلك مفادها تأخر الوزارة في إصدار أوامر العمل «التصميم» لمدة 153 يوماً من تاريخ توقيع العقد في أحد المباني طالباً الإفادة عن أسباب التأخير، ومشدداً في الوقت نفسه على ضرورة مراعاة عدم إبرام العقود مع المقاولين إلا بعد أن تكون الوزارة جاهزة وقادرة على تنفيذ عقودها بالصورة الصحيحة حتى لا تكون عرضة لأي مطالبات مالية او زمنية من قبل المقاولين بسبب ذلك.