«الرقابة» على طاولة النقاش في رابطة الأدباء
«الإعلام»: مستعدون لإعادة النظر في الكتب الممنوعة
البصيص:
المنع غير مجد ولا يحمي المجتمع
الياسين:
قضيت 5 سنوات في تحديد المصنف الذي يستحق الحماية
الرويعي:
رسائل الجاحظ لو عرضت الآن على الرقابة لمنعتها
افتتحت رابطة الأدباء الكويتيين في مسرح الدكتورة سعاد الصباح، موسمها الثقافي الجديد بندوة عنوانها «الرقابة بين آمال المبدع واشتراطات الواقع»، بمشاركة الوكيل المساعد لقطاع المطبوعات في وزارة الإعلام محمد العواش وعضو مجلس الأمة الدكتور عودة الرويعي والمحامي نواف الياسين والروائي عبد الله البصيص وأدارها الكاتب فهد القعود.
وقال العواش، في تصريحات على هامش الندوة، إن وزارة الإعلام تخطو خطوات تجاه عملية التطوير، منها تنظيم دورات تدريبية خاصة بالحصول على «رخصة الرقيب»، والتي ستبدأ الأسبوع المقبل بمشاركة 40 فرداً وتستمر لمدة شهر.
ولفت العواش الى ان الوزارة «تعكف على وضع آلية لفتح الباب من جديد امام الكتب التي تم منعها ليتم عرضها مرة اخرى على لجنة التظلمات في وزارة الاعلام، وهذا ينسحب على جميع الكتب في حال رغب الناشر او دار النشر بعرضه على اللجنة، وسوف يتم النظر لها بعين الاعتبار».
وأكد الحرص على الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالجانب الثقافي والأدبي مثل رابطة الأدباء الكويتيين وكلية الآداب في جامعة الكويت والمعهد العالي للفنون المسرحية، فضلاً عن استقطاب المعنيين من كبار الأكاديميين للمشاركة في عملية الرقابة.
وأفاد العواش أن وزارة الإعلام لديها رؤية للتحدث مع كل التيارات الموجودة في المجتمع والاستماع إليها لتطوير عمل الوزارة في ما يخص الرقابة على المطبوعات.
وشدد على أن وزارة الإعلام تحترم الكتاب والآراء بتعدداتها واختلافاتها، لكنها لا تملك إلا أن تطبق قانون المطبوعات والنشر الذي أقره مجلس الأمة سنة 2006.
وأعرب عن استعداد الوزارة للتعاون والاجتماع مع من يهمه الأمر إن كانت هناك نوايا تخص تعديل هذا القانون أو بعض المحاذير بهدف التوصل إلى حل مرض ونقطة مشتركة تحقق الصالح العام.
وخلال حديثه في الندوة، قال العواش إن «من أهم أهداف وزارة الإعلام رعاية الفكر وتشجيع الأدب والثقافة والفن»، موضحاً أن «منع الوزارة لبعض الكتب يأتي كونها تطبق القانون الذي أقر في 2006 بواقع 42 صوتاً من إجمالي عدد الأعضاء أي بموافقة الأغلبية ولا يجب أن تلام على تطبيق القانون».
وأكد أن دولة الكويت بها مساحة حرية كبيرة وينعكس ذلك على الصحافة والمطبوعات فيها، مشيراً إلى الترتيب المتقدم الذي تشغله الصحافة الكويتية في المنطقة العربية.
وأوضح أن «الأصل في القوانين وفي الرقابة الإجازة لا المنع»، مبيناً أنه «في الفترة من بداية 2017 حتى سبتمبر 2018 تم منع 700 كتاب فقط من أصل 3600 كتاب».
بدوره، قال الرويعي، خلال حديثة في الندوة، إنه يرى أن «كل مصنف يفترض أن يكون مُجازاً إلا ما من شأنه أن يهدد المجتمع أو فيه خطر عليه»، مؤكدا أن «القضاء هو الفيصل في هذا الأمر».
وأضاف إن حرية التعبير من حرية التفكير ولا يجب أن تكون هناك أية قيود على التفكير، مؤكداً أهمية احترام اختلافات التفكير وثقافات الآخرين.
وأفاد أن للمجتمع المدني دوراً في عملية التشريع وأن مشاركته مرحب بها من خلال التواصل مع أعضاء مجلس الأمة أو من خلال الموقع الإلكتروني الخاص بالمجلس.
وأكد أن الرقابة الذاتية هي الأساس لدى أي مبدع، مضيفاً: «رسائل الجاحظ لو عرضت الآن على الرقابة لمنعتها».
من جهته، ثمن البصيص مشاركة الوكيل العواش في الندوة، وتحدث عن الثقافة التي وُضِعت لها تعريفات عديدة ومتشابكة، وهي تعني الانفتاح على مختلف الثقافات والتعرف على الآخر، مؤكدا أن كل الكتب التي منعتها الرقابة يمكن الحصول عليها في لحظات معدودة من خلال الإنترنت.
وقال: «من هذا المنطلق فإن مسألة المنع لا تقدم ولكنها تؤخر»، موضحا أن «الإبداع قائم على فكرة تلاقح الأفكار بعضها ببعض... ونحن بحاجة إلى أفكار تعارض أفكارنا... ومن ثم فإن منع ما يخالفنا يؤدي إلى انحدار المجتمع وهذا ما حدث في إسبانيا من خلال محاكم التفتيش».
وتطرق البصيص إلى السلبيات التي تواجه الكتاب الممنوع ومنها قرصنته وذلك حينما يتبرع أحد المثقفين بتصويره وتوزيعه على الإنترنت، مؤكدا أن المنع غير مجد ولا يحمي المجتمع فجهاز النقال - مثلا- الذي يملكه أي شخص يمكن من خلاله الدخول إلى كل ما هو ممنوع، موضحا أن المنع مطلوب ولكن وفق آليات محددة، فلا يمكن السماح بتداول الكتب التي تدعو مثلا إلى الإلحاد أو الإباحية.
واستطرد في حديثه عن الرقابة، مؤكدا أن الكتب الأدبية تتميز بأن أفكارها غير مباشرة، عكس الكتب الأكاديمية، ضاربا المثل بروائي يكتب عن شخصية دورها في الرواية أنها خائنة للوطن فحينما يأتي المؤلف بكلام على لسان هذه الشخصية الخائنة، فيجب أن يفهم في سياقه من دون اجتزائه من مضمونه وتقديمه على أنه خوض في الممنوع.
وأشار الياسين أنه قضى 5 سنوات ليحدد المصنف الذي يستحق الحماية، والآخر الذي لا يستحق الحماية، وأعطى الياسين أمثلة حية بأن قانون 2006 لا يتعارض مع القوانين ذات الشأن في مختلف الدول المتقدمة في أميركا وأوروبا، والاتفاقيات والمواثيق الدولية، والقواعد العامة، والإعلام العالمي لحقوق الإنسان، والتي تنص على أن حرية التعبير مباحة ما لم تتعارض مع النظام العام. وهذه النصوص موجودة في المحكمة العليا الأميركية ومنظمة التجارة العالمية، وغيرهما، موضحا أن الفرق يكمن في العادات المجتمعية العربية التي تختلف عن مثيلاتها في المجتمعات الغربية والأميركية.