محمد صلاح بين أفضل ثلاثة لاعبين... خارج «التشكيلة المثالية»!

حفل جوائز «فيفا»... «كي لا يزعل أحد»

No Image
تصغير
تكبير

كورتوا أفضل حارس «يخسر موقعه» لدي خيا... وألفيش «الغائب» يحصل على ترضية

بطل العالم لا يجد موطئ قدم في الاختيار النهائي... وديشان ينال جائزة أفضل مدرب كـ «تعويض لفرنسا»


خرج حفل جوائز «الأفضل» للعام 2018 والذي أقامه الاتحاد الدولي لكرة القدم، أول من أمس، ضبابياً بنتائجه، متماشياً مع مكان استضافته في «عاصمة الضباب» لندن.
واللافت ان «فيفا»، بقيادة «الرُبّان» السويسري جاني إنفانتينو، يمر بفترة هو بأمسّ الحاجة فيها الى «المصداقية» التي تآكلت بفعل فضائح التعرية التي فتكت برؤوس كبارها في السنوات الأخيرة، وتحديداً خلال عهد السويسري الآخر جوزيف بلاتر.
لا نتحدث عن تلاعب في نتائج جوائز «الأفضل»، بل عن أسئلة فرضت نفسها، ومردُّها انعدام المنطق في آليات الاختيار، لدرجة تُشعرنا بأن الاتحاد الدولي ليس أكثر من «جمعية خيرية» توزع المساعدات على الجميع «كي لا يزعل أحد».
تجدر الإشارة، الى ان أسس اختيار الفائزين بجوائز «الأفضل» لدى «فيفا» تختلف كلياً عن آلية اختيار أفضل لاعب في العالم من قبل مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية (الكرة الذهبية)، والتي سيقام الحفل الخاص بها في 3 ديسمبر المقبل.
امتد التصويت على جوائز «فيفا» من 21 أغسطس الماضي إلى 7 سبتمبر الجاري، بحسب النسب التالية: 25 في المئة لقادة المنتخبات الـ 208 المنضوية تحت لوائه، 25 في المئة لمدربي المنتخبات، 25 في المئة للصحافيين (200 ممثل لوسائل الإعلام من ست قارات)، و25 في المئة من الجمهور (عبر نظام التصويت في موقع «فيفا» الإلكتروني).
ويُفترض أن يجري الاختيار على مسافة موسم، بمعنى أن على من يختار أن يحصر نطاق بحثه بين يونيو من عام معيّن الى يوليو من العام التالي، بينما تمتد الفترة بالنسبة الى «الكرة الذهبية» من أول يناير الى ديسمبر من العام ذاته.

موسم لا يُصدق
سبع جوائز منحها «فيفا» في الحفل، أبرزها على الاطلاق تلك التي آلت الى لاعب ريال مدريد الإسباني، الكرواتي لوكا مودريتش، الذي انتزع جائزة أفضل لاعب، بعد موسم «لا يصدق» أحرز فيه لقب دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة تواليا، وبلغ نهائي كأس العالم مع منتخب بلاده.
وتفوق الكرواتي (33 عاما) على زميله السابق في ريال مدريد ونجم يوفنتوس الايطالي الحالي، البرتغالي كريستيانو رونالدو، ونجم ليفربول الإنكليزي المصري محمد صلاح، علما أن الأخير نال جائزة بوشكاش لأفضل هدف في الموسم.
ولم يحضر رونالدو وميسي الحفل، علما أن الأرجنتيني غاب عن القائمة النهائية للمرشحين للمرة الأولى منذ 2006.
لا غبار على ان مودريتش يستحق التكريم، غير أنه لم يتوّج في نهاية المطاف بكأس العالم، وهي المسابقة الأهم لدى «فيفا». واللافت أن ايّاً من لاعبي المنتخب الفرنسي المتوج باللقب العالمي لم يظهر في اللائحة الثلاثية النهائية، وتحديداً انطوان غريزمان الذي تألق في «روسيا 2018»، كما توج مع أتلتيكو مدريد الاسباني بكأس «يوروبا ليغ» وكأس السوبر الأوروبية.
معايير اختيار «الأفضل» تبقى عرضة لـ «الاستهزاء» بها إذ لا يعقل منح قائد ومدرب المنتخبات الـ 208 حق الاختيار لأن ذلك لا يضمن إحقاق الحق في مكان قد تطغى فيه العاطفة على الموضوعية.
لا نقول، هنا، بأن قادة المنتخبات والمدربين لا يملكون رؤية فنية، بل نحن غير متيقّنين إن كان هؤلاء بمجملهم موضوعيين في الانتقاء ولا تتملكهم أهواء تشجيعية معينة.
المشكلة الكبرى تتمثل أيضاً في منح الجمهور حق الاختيار، وكلنا يسمع يومياً باستفتاءات ومسابقات تقوم على التصويت غير الخاضع للمنطق بل لاعتبارات وطنية أو قومية أو حتى أسريّة وغيرها من «المقاييس» البعيدة كل البعد عن الموضوعية المفترضة.
وتبقى نتيجة النسبة المخصصة للصحافيين الأكثر «قبولاً»، رغم أنها تخضع أيضاً لاعتبارات شبيهة بتلك الملتصقة بالجماهير، وإن بنسبة أقل.
نشير، في هذا السياق، الى أن «فرانس فوتبول» حصرت بـ 176 صحافياً اختيار الفائز بـ «الكرة الذهبية» بحيث ينال اللاعب المنتقى في المركز الأول 5 نقاط، والثاني 3، والثالث نقطة واحدة.

لا للمعايير
لكن ما هي المعايير التي اختير على اساسها مودريتش؟ هنا «بيت القصيد» الذي يفرض تساؤلاً: هل عمّم الاتحاد الدولي على الجهات المُختارة معايير الاختيار؟ بالتأكيد لا. لذا يصبح مقبولاً أن يقال إن هذا صوّت بناء على ألقاب أحرزها هذا اللاعب، وإن ذاك منح صوته الى ذاك اللاعب الذي لم يحقق ألقاباً إنما قدم أداءً فنياً لافتاً، أضف الى ذلك اعتبارات قد لا تخطر في بال «منطق».
وبما أن صلاح (26 عاما) حضر الى الحفل، فقد كان من الواجب ألا يرحل عنه صفر اليدين، لذا جرى منحه «ترضية» عبر جائزة بوشكاش لأفضل هدف (سجله امام إيفرتون ضمن الدوري الإنكليزي في ديسمبر) رغم أن ثمة أهدافاً أخرى تستحق الجائزة بنسب أكبر، ربما باعتراف ضمني من اللاعب المصري نفسه.
معظم من جرى طرح السؤال عليهم من الحضور في الحفل، اختار هدف لاعب ريال مدريد الويلزي غاريث بايل في مرمى ليفربول في نهائي دوري ابطال اوروبا، ولا شك في ان الجميع تفاجأ، لا سيما صلاح، بوقوع الاختيار عليه، علما ان هذه الجائزة حُسمت بتصويت الجمهور.
وهنا قد يدّعي «فيفا» براءةً، بيد أن «من يفتح باب السجن ويتنصّل من هروب المساجين، هو مشارك عضوي في هذا الجرم».
التصويت من الجمهور في موقع الاتحاد الدولي غير مقبول خصوصاً أن دولةً بتعداد سكاني أكبر من دولة أخرى، ستتفوق على الأخيرة لا محالة خصوصاً إن جرى تجييش الشارع لدواع «وطنية» واهية.

حفظ ماء الوجه
وما كان لافتاً حقاً أن صلاح الذي اختير بين افضل ثلاثة لاعبين في العالم من قبل «فيفا»، وجد نفسه خارج «التشكيلة المثالية». كيف يعقل؟ يقولون: إن 65 الف لاعب مسجل في قوائم «فيفا» اختاروا هذه التشكيلة، وإن الاتحاد الدولي لم يتدخل. ونحن نقول: كان الأجدى بـ «فيفا» أن يتدخل ليضع آلية تحفظ له ماء الوجه وتدفع بالمتابعين الى «تصديق» الاختيارات التي لا تتآلف مع عقل أو منطق.
الأمر نفسه تكرر مع حراس المرمى. إذ كيف يُختار لاعب تشلسي الانكليزي السابق وريال مدريد الحالي البلجيكي تيبو كورتوا كأفضل حارس في العالم، ومن ثم يجد نفسه خارج التشكيلة المثالية حيث أخذ مكانه فيها حارس مانشستر يونايتد الانكليزي، الإسباني دافيد دي خيا؟
لن يُلام كورتوا إن تساءل بينه وبين نفسه: هل أنا حقاً أفضل حارس في العالم؟
وهنا كان يجدر بـ «فيفا» ان يوجد آلية تضع اللاعبين المرشحين لجوائزه في التشكيلة المثالية على أقل تقدير.
وبعد استبعاد اي لاعب فرنسي من اللائحة الثلاثية النهائية، اختير مدرب «الديوك» ديدييه ديشان الأفضل على مستوى المدربين متفوقاً على مدرب ريال مدريد السابق مواطنه زين الدين زيدان ومدرب منتخب كرواتيا زلاتكو داليتش.
وهنا نسأل: إن كان اختيار ديشان استند الى واقع قيادته فرنسا الى اللقب العالمي، لمَ لم يجرِ اختيار أي لاعب من تشكيلة «الديوك» للفوز بجائزة «الأفضل» على مستوى اللاعبين؟
يشار الى ان ديشان بات في يوليو الماضي، ثالث شخص فقط يحرز المونديال كلاعب (مع فرنسا على أرضها في 1998) ومدرب، بعد الألماني فرانتس بكنباور والبرازيلي ماريو زاغالو.
معلوم أن جائزة الـ «فيفا» اندمجت مع جائزة «الكرة الذهبية» بين 2010 و2015، قبل ان تعود لتستقل عنها ابتداءً من 2016، ويومها اختير رونالدو أفضل لاعب في العالم على خلفية قيادة منتخب بلاده الى التتويج بكأس أوروبا، بينما ذهب لقب أفضل مدرب الى الايطالي كلاوديو رانييري بعدما قاد ليستر الى التتويج بلقب الدوري الانكليزي.
فلمَ نمنح لقب «الأفضل» هنا الى مدرب منتخب منح بلاده لقباً ونمنحها هناك الى مدرب نادٍ؟ هي معايير مزدوجة بلا شك.
ولا إجابة عن هذه التساؤلات لأن الاتحاد الدولي سيعيد الاسطوانة ذاتها: لست أنا من يختار.
لكن أليس هو من رسم الطريق؟

موقع الأفضلية
تتويج مودريتش جاء بعد نحو شهر من اختياره أفضل لاعب في حفل الجوائز السنوي للاتحاد الأوروبي، ونحو شهرين من اختياره أفضل لاعب في المونديال.
وبعدما نال ثالث تكريم على المستوى الفردي، سيكون مودريتش في موقع الأفضلية لنيل «الكرة الذهبية» لأفضل لاعب في العالم، والتي ستعلن «فرانس فوتبول» لائحة المرشحين الخاصة بها في 8 أكتوبر المقبل.
مودريتش وضع حداً لتقاسم رونالدو وميسي جائزة الأفضل بالتساوي في الأعوام العشرة الأخيرة، مع أفضلية للبرتغالي الذي نالها أربع مرات في الأعوام الخمسة الماضية، وبشكل متتال في 2016 و2017.
حفل «فيفا»، كان عبارة عن ملتقى للنجوم القدامى والحاليين. أما المناسبة، بحقيقتها، فجاءت باهتة، ليس بالاختيارات التي تبقى عرضة للقبول والرفض، بل لأن صاحب الدعوة «لا يعرف ماذا حصل إن سئل يوماً، وسيشير الى جهات أخرى قامت باختيار الأفضل».
تبقى الاشارة الى ان البرازيلي دانيال ألفيش اختير في التشكيلة المثالية رغم أنه أمضى الموسم مصاباً وغاب عن مونديال 2018.
لن نسأل الاتحاد الدولي «كيف؟ ولماذا؟» لأنه ليس مسؤولاً عن «مسابقة» يعتزّ بأنه هو من ينظمها... وهو، في الوقت نفسه، من يفقدها مصداقيتها.
الحل هو في استبعاد كل الجهات المذكورة أعلاه عن الاختيار، وتعيين لجنة من الخبراء الكرويين والمدربين السابقين تضم بين 15 و20 عضواً يُناط بها وضع معايير اختيار «الأفضل»، على ان يُستبعد من الاختيار أي عضو يتواجد مواطن له في القائمة النهائية للاعبين المرشحين لانتزاع الجائزة، ضماناً للمصادقية.
أو يتم ذلك... أو سيكون من «الأفضل» للاتحاد الدولي أن يحجب جوائزه التي يسعى من خلالها الى ارضاء الجميع... فيؤذي، عوضاً عن ذلك، كثيرين.

الجوائز

? أفضل لاعب: لوكا مودريتش (كرواتيا - ريال مدريد)
? أفضل حارس مرمى: تيبو كورتوا (بلجيكا - ريال مدريد، تشلسي الموسم الماضي)
? أفضل مدرب لفريق رجال: ديدييه ديشان (منتخب فرنسا)
? جائزة بوشكاش لأفضل هدف: محمد صلاح (مصر - ليفربول)
? أفضل لاعبة: مارتا (البرازيل - أورلاندو برايد الأميركي)
? أفضل مدرب لفريق نساء: رينالد بيدروس (فرنسا - ليون)
? أفضل جمهور: البيرو
? اللعب النظيف: الألماني لينارت تي
? التشكيلة المثالية: دافيد دي خيا (إسبانيا - مانشستر يونايتد) - دانيال ألفيش (البرازيل - باريس سان جرمان)، رافايل فاران (فرنسا - ريال مدريد)، سيرخيو راموس (إسبانيا - ريال مدريد)، مارسيلو (البرازيل - ريال مدريد) - لوكا مودريتش (كرواتيا - ريال مدريد)، نغولو كانتي (فرنسا - تشلسي)، إدين هازار (بلجيكا - تشلسي) - ليونيل ميسي (الأرجنتين - برشلونة)، كيليان مبابي (فرنسا - باريس سان جرمان)، كريستيانو رونالدو (البرتغال - يوفنتوس، وريال مدريد الموسم الماضي).

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي