نادين البدير / لعنة اللعنات

تصغير
تكبير
| نادين البدير |
طبيعي أن يغضبوا...
والد ثلاث فتيات عربيات شرقيات أرسل لي يوماً يسرد لي عدد الدعوات واللعنات التي نلتها منه في بدايات برنامجي الأسبوعي، كان يمنع فتياته عن مشهدي وصوتي. اليوم يطلب منهن متابعة التغيير، يتابعني هو وبناته... لقد اكتشف أن الأمر ليس خروجا عن الإنسانية بل عودة إليها، وليس بالتغيير انحلال بل خروج منه ورجوع للمحافظة والأخلاق...

هذه هي قصة التغيير، بدأت تاريخياً هكذا... الناس تخشى التصادم مع الجديد، وكثيرون يعتبرونها مخاطرة ولعنة لا ترحم.
-------
أأكمل بقية اللعنات ؟؟
اللعنة عليّ ليل نهار لأني أشهرت اللعنات...
اللعنة على من لا يؤمن باللعنات...
اللعنة على الحب... اللعنة على الحلول
اللعنة على الحطب... وأعواد ثقاب ستشعل العذاب وفتيل النيران...
مر على مقالي (اللعنات كانت هي الطريقة) بعض مخترعي اللعنات، قرؤوه بسطحية تتشابه وحياتنا الفكرية، فلم يعجبهم قولي بأن اللعنات جزء من نظام وطريقة حكم وضعي وأن الملائكة هي السلام...
بعضهم لمح اسمي فلم يلتفت لأسطر المقال إنما ولول وكبّر... وبعد أداء التكبيرة شرع يرص وينمق الشتائم والدعوات واللعنات...
تذكرت القارئة غاردينيا الآن... كان لها رأي مختلف...
«شكرا لكلمات صادقة خرجت من داخلك عبرت عن حياة الكثيرات منا نحن من كنا بنظر ما يسمى بعهد الجاهلية آلهة وبتنا بعصر النور نجسا وعارا وحراما».
أما من غضب وتوعد... فلا أفهم الأمر ولا أحكم على الجميع... المتمسكون بالدين وبالتقاليد يرسلون لعنات؟ يرسلون دعوات بالموت؟ يرسلون شتائم قبيحة ينبذها عرف التقاليد الدينية والمروءة المجتمعية التي يدافعون عنها...
كيف يجتمع الأمران... الالتصاق بالسماء والتجريح باللسان...
لكنهم لا يعلمون أني اعتدتهم جميعاً... اعتدت نقد رجل غيور... وصرت أشم رائحتها وهي توقع باسم رجل... تكتب دون أن تدري شيئا عما أفكر به، لا تعلم عني غير صورة لمحتها في صحيفة أو لقطة في برنامج...
اعتدت متطرفاً يستخدم أعذب الكلام أصفاه لجذبي لملته، اعتدت رافع شعار (الدين الله) يلملم لأجلي كل الكلمات الدونية... يظن أنها ستقلقني على حكاية عربية قديمة اسمها (سمعة البنت) ولأني بنت أفهم اللعبة... خلط مزيج من الكذب الأبيض بالأسود ينتج عنه غلاف غليظ أبيض ناصع يحيط الفتاة بهالة تصد اللعنات...
وفيما أسترجع كلمات ورسائل اصحاب الرموز والقداسات يسعفني قراء بحلول: نشمي مهنا « أول الطريق أن نقابل لعناتهم بالرفض بما يشبه لعنات أخرى تهدم تعري تفضح ترفض تتمرد. أول الطريق ، التحريض على التفكير الحر، أول الطريق مثل هذه الكتابة الرائعة» أنت الأروع يا قارئي ومشكور...
يضيف حمد آل دويرة لعنة العيب. حجز شبابنا وبناتنا عن أي شيء بلغة العيب... شكرا لقلمك وأتمنى ألا تصيبنا لعنة القلم فلا نجد حتى الحروف ويصبح عطاؤنا منسياً».
أعود لأصحاب الكلمات المقدسة، اعتقدوا أني تجاوزت الحدود الربانية... ربطوا إنكار اللعنة بالجحود... ربطوا السؤال بالعصيان...
وأنا تعلمت أن كلام الله في القرآن مليء بأوامر تفرض التدبر، التفكر، التساؤل... مليء بأوامر تفرض حلو الكلام وطيبه...
-----------
طبيعي أن يغضبوا...
وطبيعي أكثر أن يغضب من ساهم في التخريب وتحويل المجموعة الراقية لمجتمع غرائز وشهوات... ذلك الذي أسس ثقافة اللعنة.
فصل لنا الآراء وحدد لون اللباس وتصميمه... صرنا كلنا نرتدي زيا واحدا. زي أوحد للملابس وزي أوحد للأفكار...
ومن يتلاعب بالزي ملعون. ونهاية كل الاتجاهات عدا الاتجاه القويم المرسوم حرمانية وضلال...
متى بدأوا تاريخ اللعنات؟؟
اللعنة دينيا الطرد من الرحمة، والمتعارف أنها مصيبة أو نحس يلحق بالإنسان جراء تعامل ما أو دخول مكان ما أو إغضاب أرواح أو التدخل بشأن ما، كلعنة الفراعنة...
هنا نعاني من لعنة التدخل بأنفسنا... نلعن لو تغسلنا بغير الطريقة أو سلمنا بغير الطريقة أو صلينا بغير الطريقة أو تزوجنا بغير الطريقة لأننا لا نملك ذاتنا... فماذا تبقى في حياتنا من أجزاء كي نتدخل نحن بها...
ثم تصيبنا اللعنة على مستوى المجموع إن خالفنا التقاليد...وسياسياً ستعذبنا لعنة مخالفة النظام، وتنالنا اللعنة دينياً إن خالفنا المفتي أو الشيخ أو أصغر مطوع في البلد...
وكي تصرف الأنظار عن الأساسيات يوجهون لعنات شعب بأكمله لامرأة متزينة، لطفل عاق، لفتاة تدخن أو شاب يتسكع...
كيف يا معشر اللاعنين يكون سلام هذا الكون إن كانت الملائكة نفسها تلعن ليل نهار...
هل للعناتكم لعنة؟ هل تصيبني اللعنة إن مسست أو حتى قربت من اللعنات؟ هل أصاب بلعنة اللعنات؟
كاتبة واعلامية سعودية
Albdairnadine@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي