أزمة «التكييف» الأخيرة توّجت مسيرة طويلة من المشاكل سلّطت «الراي» الضوء عليها منذ بداياتها... ومهندسو «المنشآت» يكشفون المستور
صيانة المدارس... أين الخلل؟... ومن المتسبب ؟
- الأزمة بدأت منذ 2014 حيث «نام» قطاع المنشآت على عقود الصيانة
- الوزارة شكلت لجنة للبحث عن أسباب التقاعس في العقود وتحديد المتسبب بعشرات المخالفات
- اللجنة لم تخرج بحلول حتى جاء الوكيل الرشيد إلى القطاع ومنح المناطق صلاحيات أوسع
- أهم الصلاحيات منح إدارات الشؤون الهندسية طرح عقود الصيانة الشاملة والفصول الإنشائية
- الوزير كلف ياسين الياسين بمتابعة أعمال الصيانة في المدارس والأخير شكل فرقاً هندسية لهذا الغرض
- مهام الفرق البحث في المكاتبات القديمة لتحديد الجهة المتسببة بتعطل مناقصات الصيانة
- المخالفات نزلت على الياسين «الجديد» كالمطر من فريق المحاسبة ولم يعرف الرد والمخرج
أزمة التكييف، التي واكبت انطلاقة المدارس الأسبوع الماضي، وتسببت في تأجيل دوام الطلاب، لم تكن وليدة وقتها، أو حدثا طارئا ضمن استعدادات المدارس للعام الدراسي الجديد، بل كانت الحلقة الأخيرة في سلسلة طويلة من المشاكل التي واكبت الصيانات في المدارس وعقودها، والتي سلطت «الراي» الضوء عليها منذ بروز المشكلة.
وهذا العام، واكبت «الراي» مسألة الصيانات للمدارس استعدادا للعام الجديد، ولاحظت عدم الجدية في هذا الملف، ولاسيما في شهر أغسطس الماضي الذي يشهد ذروة العمل في المدارس، فنبهت مرة إلى «غموض الاستعدادات» ثم تطرقت بعدها إلى «فوضى في التربية تستبق المدارس» ولكن لم يحدث أي تحرك جدي، حتى «وقعت الفاس بالراس» وأفضت إلى أزمة مكيفات المدارس وأعمال الصيانة المتوقفة.
واستمرارا لتسليط الضوء على هذا الملف، استقصينا الأسباب التي وقفت حائلا دون إنجاز الصيانات اللازمة قبل بدء الدراسة، فوضع مهندسون في قطاع المنشآت التربوية النقاط على الحروف في الأزمة، مؤكدين أن إدارات الشؤون الهندسية في المناطق طرحت عقودها وتركتها عائمة في أروقة القطاع المالي، دون المتابعة أو التأكد من اعتماد الربط المالي لها من عدمه، فيما كان الأخير «نائماً على الكتب» ولم يبلغ الإدارات المذكورة بنقص وثائق مناقصاتها إلا حين رفضها ديوان المحاسبة ما يعني أن المسؤولية مشتركة وإن كان العبء الاكبر يقع على الإدارات الهندسية فهذه عقودها وهذا عملها ويجب عليها متابعتها حتى إعداد الربط المالي والاحتفاظ بنسخة منه لديها.
وكشف المهندسون، المتخصصون والمتابعون جيداً للوضع التربوي المتعلق بعقود الصيانة، لـ«الراي» أن بداية الأزمة انطلقت منذ العام الدراسي 2014 /2015، حيث شكلت الوزارة لجنة للبحث عن أسباب التقاعس في طرح عقود الصيانة ومعرفة المتسبب بعشرات المخالفات المسجلة من قبل ديوان المحاسبة في العقود الإنشائية، مؤكدين أن الوكيل المالي في الوزارة آنذاك فهد الغيص، كان قد استغرب من عدم تحريك العقود الإنشائية أبان عهد الوكيلة يسرى القحطاني حتى كتب إليها «أن ما تم صرفه خلال السنة المالية 2014 /2015 ضمن ميزانية الباب الرابع (إنشائي- صيانة شاملة- صيانة تكييف) على العقود المختلفة يعطي مؤشراً غير صحي ومحرج للوزارة مع وزارة المالية والجهات الرقابية».
ووفق المهندسين فإن الغيص طلب من الوكيلة القحطاني تقديم مبررات عدم الصرف على العقود المذكورة خلال ميزانية السنة المالية المشار إليها، فيما شكلت وكيلة الوزارة آنذاك مريم الوتيد لجنة لدراسة وإعداد مستندات المناقصات والعقود الهندسية، وحددت لها مهام أساسية منها تعديل عقود الصيانة والإنشاءات، بما يراعي ملاحظات ديوان المحاسبة وتلافيها ومواكبة السوق المحلية لتعديل جداول أسعار عقود الصيانة الشاملة ومواصفاتها بما يتناسب مع هذه السوق وإعادة صياغة جداول أسعار عقود الصيانة الشاملة والإنشاءات ومواصفاتها، وفق أحدث ما يتم التوصل إليه في السوق المحلية وتنقيح عقود الصيانة والإنشاءات بإلغاء الفقرات والبنود المتعارضة والمتكررة وغير الواضحة وتعديل وثائق المناقصات وتحديث الشروط التعاقدية والمواصفات للعقود الإنشائية وعقود الصيانة إضافة إلى وضع الآليات التنفيذية لبعض الإجراءات التعاقدية لعقود الصيانة والإنشاءات والقيام بالإجراءات الموقعية الهندسية من خلال أخذ المناسب وحصر المساحات المتوافرة وإمكانية استيعابها للمتطلبات التصميمية التي تتطلبها عملية إعداد المستندات لمشاريع الصيانة والإنشاءات. وأشار المهندسون إلى أن اللجنة لم تخرج بحل يدفع عجلة هذه العقود، حتى جاء إلى القطاع الوكيل السابق الدكتور خالد الرشيد فاتخذ خطوة جيدة بإعطاء المزيد من الصلاحيات للمناطق التعليمية بغرض الوقوف العاجل على كل ما يتعلق بأعمال الصيانة ومباني الفصول الإنشائية والمرافق التربوية الأخرى، طالباً من وكيلة التعليم العام إبلاغ مديري المناطق التعليمية بأن الوكيل الرشيد يفوضهم والجهة المختصة لديهم هي إدارات الشؤون الهندسية.
وأكدوا أن هذا التوجه وضع المسؤولية الكاملة في هذه العقود على إدارات الشؤون الهندسية، ومن مهامها التي حددها الوكيل الرشيد هي عقود الصيانة الشاملة وعقود الفصول الإنشائية، مبينين أن في عقود الصيانة الشاملة مهام هذه الإدارات هي مخاطبة ومتابعة القطاع المالي بالوزارة مباشرة، لتأمين الربط المالي للمبلغ المخصص لكل عقد ذي صلة بالموضوع على ميزانية السنة المالية 2015 /2016 للتمكن من سرعة تنفيذ هذه العقود مع تزويد قطاع المنشآت التربوية والتخطيط بنسخة عن كتاب التخصيص، فيما في عقود الفصول الإنشائية حدد مهامها بمخاطبة ومتابعة القطاع المالي أيضاً لتأمين الربط المالي للمبلغ المخصص لكل عقد، مع الإشراف الكامل على متابعة تنفيذ عقود الفصول الإنشائية من خلال إدارات الشؤون الهندسية التابعة لمناطقهم، بما في ذلك إصدار أوامر العمل وإعداد الدفعات الجزئية والنهائية والتنسيق مع كافة الجهات المختصة ذات الصلة.
وانتقل المهندسون إلى عهد جديد لقطاع المنشآت بقيادة الوكيل ياسين الياسين، حيث كلفه وزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور حامد العازمي بمتابعة ملف الصيانة في المدارس رغم أنها من مسؤوليات إدارات الشؤون الهندسية ولكن نظراً لأهمية الملف تم تكليفه بهذا الشأن في ظل تدهور الأوضاع وإخفاق هذه الإدارات في ترسية عقود الصيانة طوال السنوات الفائتة فكان أن وضع الوكيل الجديد 3 ملفات رئيسية نصب عينيه أولها عقود الصيانة المنتهية في المناطق وثانيها العقود الإنشائية وثالثها ملاحظات ديوان المحاسبة التي نزلت عليه كالمطر حين اجتمع بفريق الديوان ولم يدر ما الرد وما المخرج ولا حرج في ذلك فالرجل لم يكد يقرأ البسملة بعد في قطاعه المتخم بالإخفاقات.
وذكروا أن الوكيل الياسين شكل فرقاً هندسية أوكل إليها مهمة البحث في المكاتبات القديمة للوصول إلى الجهة المتسببة بتعطل عقود الصيانة وللآن جار البحث عن سبب تأخر العقود ومن الجهة المتقاعسة عن المتابعة ولماذا لم يتم الربط المالي، مؤكدين أن هناك قسم المتابعة في إدارات الشؤون الهندسية، ومن مهامه متابعة عقوده مع القطاع المالي حتى يتم إعداد الربط المالي والحصول على نسخة منه تفيد بإعداد هذا الربط.
وعرج المهندسون على مراقبة العقود في قطاع المنشآت التربوية وهي القلب النابض بين إدارات الوزارة والجهات الرقابية في الدولة حيث كانت من المتسببين في التقاعس إذ إن من صميم عملها أن تتابع العقود حسب خطة الوزارة، سواء إنشائية او صيانة مع جميع الجهات ذات الصلة، ومنها إدارات «التخطيط –المالية- الشؤون الهندسية في المناطق- الجهات الرقابية وغيرها» إذ إن دورها اكبر في متابعة المناقصة حين تخرج من قسم المتابعة بإدارات الشؤون الهندسية للتنسيق مع مراقبة الدعم المالي كي يتم إعداد الربط المالي لكل عقد وحضور الاجتماعات مع ديوان المحاسبة للرد على الاستفسارات والملاحظات المتعلقة بكل عقد من اجل ضمان عدم رفض المناقصات وإعادة طرحها من جديد.
وركزوا أسهم نقدهم أيضاً باتجاه إدارة الصيانة في قطاع المنشآت التربوية والتخطيط، حيث تضم مراقبة الدعم المالي وهي المختصة بتسوية الدفعات للمقاولين في جميع المشاريع الإنشائية وهي المسؤولة عن تأخر الدفعات المالية للمقاولين وذلك بسبب ضعف المتابعة مع إدارات الشؤون الهندسية في المناطق.
إضاءات على الأزمة
بداية الأزمة في أبريل 2017
كشف المهندسون أن بداية ازمة التكييف والصيانة بشكل عام بدأت تظهر بوادرها منذ أبريل 2017 حيث شدد الوزير السابق الدكتور محمد الفارس على ضرورة متابعة صيانة التكييف إثر بعض الحرائق التي حدثت في المدارس مهيباً بالمناطق التعليمية كافة تنفيذ عدد من التوصيات اهمها تشكيل فرق عمل في المناطق لمتابعة الصيانة وتشكيل فرق داخلية في كل مدرسة لمتابعة الصيانة ميدانياً للتأكد من صلاحية التكييف والأجهزة الكهربائية وتكليف إدارات الشؤون الهندسية بعقد لقاءات تنويرية لمديري ومديرات المدارس للوقوف على أهم الاجراءات الواجب اتباعها للتأكد من عمل كل الأجهزة الكهربائية بالكفاءة المطلوبة.
مسؤولية متعددة الجهات
أكد المهندسون أن القضية شائكة ومعقدة وتتحمل المسؤولية فيها جهات عدة بدأت كل منها بإلقاء المسؤولية على الآخر إلا انه في حقيقة الأمر أن المحصلة النهائية هي تدهور العام الدراسي الجديد وتعثر سبل الدراسة أمام أبنائنا وإحراج قياديي الوزارة أمام مجلس الوزراء وللأسف أصبح أصحاب المشاكل في قطاع المنشآت التربوية هم واجهة القطاع اليوم والناطقين باسمه امام كل وكيل جديد وحين كنا نصيح منذ تلك الفترة لم يكن يلتفت إلينا أحد وحتى هذا التاريخ لم يلتفت.. ولن يلتفت.