حسن النوايا ومسلك الأخيار
حين نتحدث عن صفاء النفس وحسن النوايا ونقاء السريرة، فإننا بلاشك نشير إلى محاور أساسية في العبادات والعمل الصالح. والنوايا قاعدة أساسية مهمة، وحين تُصاب بالخلل فإنها تتسبب في فساد الأعمال، وقد ورد عن الحبيب المصطفى أن نية المؤمن خير من عمله، وهذا يؤكد أهمية النوايا، ولكن النوايا وحدها لا تكفي لحسن الفعل إذا لم ينتج عنها فعل حسن وخيّر ومحبب عند الله عز وجل، فحسن النوايا لايبرر فعل الخطايا، فقد تكون نية الإنسان حسنة وخالصة ولكن عمله سيئ، وهنا يكون الخلل الكبير في التوازن بين النوايا والأفعال.
ولو انتقلنا للحديث عن الإخلاص بالنية فإننا سنقول هو أمر خاص بين الإنسان والخالق لاتتدخل فيه حتى الملائكة، فالظاهر من الأفعال شي والنوايا شيء آخر، والملائكة تراقب الظواهر، والله تبارك وتعالى وحده فقط من يعلم بالسرائر.
لنأخذ بعض الأمثلة شيخ وعالم دين يهتم بالتوعية الدينية ولكنه مهووس بالشهرة، وفي نيته الشهرة هي الغالبة على نفسه قد يسأل نفسه: هل علّمتُ الناس وفقهتهم في أمور دينهم ليقال عني عالم دين وشيخ جليل؟ وصاحب المال قد يسأل نفسه: ماذا صنعتُ بمالي الذي رزقني به الخالق دون غيري من الناس؟ هل أنفقتُ منه على الفقراء والمعوزين لتُنشر صوري في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، ويُقال عني محسن أم أنه فعل خالص لوجه الله عزّ وجل، وهكذا كل إنسان معه نواياه.
ولعل النقطة المهمة أيضا تدور حول مسألة الخشوع التي يحرص الكثيرون على معايشتها في العبادة وهي أيضا قائمة على استحضار النية، فاستحضر نيتك النقية المتوجهة كلها للخالق تبارك وتعالى، وحينها يتحقق الخشوع في العبادات. وهكذا نتبين أنه لايمكن فصل المسارين عن بعضهما البعض، فحسن النوايا يقترن بحسن الأفعال، فتكون حسن النوايا هي مسلك الأخيار. اللهم ارزقنا حسن النوايا، وطهِّر قلوبنا من التعلق بالدنيا وملذاتها، وارزقنا التعلق بك وحدك، وأنعم علينا بالانشغال بطاعتك وعبادتك ومرضاتك، وازرع في قلوبنا حب فعل الخير خالصا لوجهك الكريم.