No Script

خواطر صعلوك

يمكن حله... ويمكن تفاديه!

تصغير
تكبير

كانت بالفعل حملة مثيرة ومسلية.
تلك الحملة الإعلامية التي تم تبخيرها من أجل مزيد من البركة والانتشار ووضعت في هاشتاغ #صيفنا_في_تركيا_أحلى. وتم الترويج لها من حسابات خليجية جنّدت أنفسها كمكاتب سياحة لوجهات السفر المريح مصطحبة صوراً وفيديوهات تأخذ بلب الرجل العاقل، وبأسرة الرجل المحب والمنتمي للجماعة إلى هناك!
في المقابل، وجدنا الحملة الإعلامية المضادة، التي كانت تحت هاشتاغ #مقاطعة_السفر_إلى_تركيا، والتي فاحت منها رائحة الثورة المضادة بكل ما تحمله من مشاريع وتوجهات مشددة لحماية المقدرات الوطنية للشباب والشابات الذين سيشبعون وطنية حتى تتمزق جلودهم تحت ضغط الشحم الوطني!


وتلك الحملة أيضاً كانت مثيرة ومسلية.
لقد أثبتت الحملتان أن السلوك الاجتماعي، حتى لو كان ترفيهياً أو سياحياً أو استثمارياً، قد يأخذ شكل العقيدة السياسية أو المبادئ والقيم الفردية، أو حتى الحس المشترك بين جماعة ما، بعيداً عن توجهات الجمهور الداعي إلى مساندة السيد أردوغان إلى آخر فترة رئاسية، أو الجمهور الداعم لطحن السيد أردوغان إلى آخر حلقة من المسلسلات التركية، يبقى السؤال كالآتي:
طالما أن نداءات الحملتين تعتقد أن السلوك الاجتماعي لا ينفك عن مبرراته الأخلاقية، وبأن له عواقب ونتائج اقتصادية وسياسية، فلماذا سافرتم إلى كل بقاع الأرض التي جعلت الشعوب الإسلامية تتقيأ حتى الموت عقاباً لها على أشياء لم تفعلها، ولماذا سافرتم واشتريتم واستثمرتم في كل الجهات عدا الجنوب... حيث الفقراء الذين تظهرون نواياكم الحسنة تجاههم بالتصوير وإرسال البطاطين!
الحملة الأولى اعتقدت أن السفر لتركيا يدعم السيد أردوغان في الانتخابات ودعم الليرة، والحملة الثانية اعتقدت أن عدم السفر يسقط مشروع «الإخوان» والعنجهية العثمانية. إذاً، فالسلوك الاجتماعي الفردي كالسفر هو تعبير عن مبادئ وقيم سياسية وأخلاقية، أليس كذلك؟
بعد أن كتب إريك هوبزباوم ألف صفحة من كتاب عصر التطرفات الذي يؤرخ فيه القرن العشرين من 1914 وحتى 1991 وانهيار الاتحاد السوفياتي وما بعده، ذكر قائلاً: «إن منطقة الشرق الأوسط كانت وستظل مزعزعة من الوجهة الاجتماعية، وأن نهاية الحرب الباردة قد تركت المنطقة أكثر قابلية للانفجار من أي وقت مضى، وما زال ذلك يصدق على الأوضاع الراهنة في هذه الآونة... إن كل ذلك يبرهن على أن مشكلات الشرق الأوسط لا يمكن حلها أو السيطرة عليها من القوى الأجنبية وحتى أغناها وأقواها، وإذا أراد مؤرخو المستقبل أن يحددوا مؤشراً على بداية النهاية لاستئثار الولايات المتحدة وحدها بالهيمنة على العالم، فإنهم ولا ريب سيفكرون أول الأمر في حرب العراق. وإذا قدر لمشكلات المنطقة أن تحل، فإن ذلك لن يتم على أيدي قوى خارجية، بل من طريق قوى داخلية في المنطقة».
وقد أشار أيضاً في بطن الكتاب إلى أنهم في منطقتنا، ولا أدري ما السبب دائماً لاستدعاء الماضي المجيد، يتوقون للأيام الخوالي التي لم يعيشوها بمجرد أن يطلب منهم أحد المساعدة المشتركة أو حتى التعاون على أي شيء حتى لو كان تقديم قروض بلا فوائد للفلاحين!
وللحملتين الإعلاميتين أقول:
لا نريد قروضاً للفلاحين بلا فوائد، ولكن على كل حملة أن تطبق ما تدعو إليه... فعلى جماعة وجمهور السيد أردوغان ألا يسافروا أو يستثمروا أو يطلبوا جنسية دول من أعداء «المشروع الإسلامي» كما يزعمون. وعلى الراغبين في طحن السيد أردوغان ألا يسافروا إلى كل الأماكن التي تقف باستمرار في وجه نهضة «المقدرات الوطنية»، بل وتعمل باستمرار على استغلالها ونهب ثرواتها حتى آخر قطرة.
وبذلك، يكون كل واحد منكم متسقاً مع قناعاته. أليس كذلك «يا بتوع» الأحزاب والمقدرات الوطنية!

كاتب كويتي
moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي