لقاء «القلب المفتوح» مع الأسد استمر ساعتين في زيارة «الوعد الزاهر»

عون: ما كان يُعتقد أنه محرّم أصبح حلالا وحلالاً جدا والفارق كبير بين سورية حافظ الأسد وسورية بشار الأسد

تصغير
تكبير
|بيروت - «الراي»|
... «لقاء الوعد الزاهر»، «عملية قلب مفتوح لتنقية الماضي الاليم». هكذا وصف زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون، اللقاء الذي عقده امس مع الرئيس السوري بشار الأسد، في مستهلّ زيارة «فتح صفحة بيضاء» في العلاقة بينه وبين دمشق، هي الاولى له للعاصمة السورية منذ دخوله قصر بعبدا العام 1988 رئيساً لحكومة عسكرية انتقالية (في نهاية عهد الرئيس امين الجميل)، قبل ان يخرج من مقر رئاسة الجمهورية «بالقوة» في 13 اكتوبر 1990 بعملية عسكرية شارك فيها الجيش السوري وطيرانه الحربي الذي قصف «القصر» ومقر وزارة الدفاع، لتبدأ رحلة نفي «الجنرال» الى باريس في اغسطس 1991.
امس، كان عون ضيفاً «فئة خمس نجوم» في دمشق التي فرشت له السجاد الاحمر واستقبلته بحرارة و«بالقبلات»، بعدما وصل اليها على متن «الطائرة الخاصة» للرئيس السوري الذي وضعها بتصرفه، قبل ان يعقد معه لقاء على دفعتيْن، الأول بحضور نواب «تكتل التغيير والإصلاح» (الكتلة النيابية لعون) ابراهيم كنعان، نبيل نقولا، فريد الخازن ، عباس الهاشم، والوزير السابق سيبوه هوفنانيان، والقياديين في «التيار الحر» بيار رفول، ناصيف القزي، ناجي غاريوس وجورج عطا الله (صافحهم الأسد واحداً واحداً)، أعقبه لقاء ثنائي بين الأسد وعون الذي «كرّمه» الرئيس السوري بأن أجلسه في كرسيّه و«مدّد» معه الاجتماع الى أكثر من الوقت المحدد ليستمر قرابة ساعتين.

ولم يكد عون ان يحطّ دمشق، حيث استقبله نائب وزير الخارجية فيصل المقداد الذي سيرافقه في كل جولاته ولقاءاته التي ستستمر مبدئياً الى الاحد، حتى انطلقت في بيروت مواقف من فريق الاكثرية تنتقد الزيارة وتعتبرها تكريساً لتموْضع «الجنرال» في فريق «8 مارس» واستكمالاً لـ «النهج» الذي بدأ يتبعه منذ عودته الى لبنان من باريس في 7 مايو 2005 والذي حمله من قلب «انتفاضة الاستقلال» الى المقلب الآخر، بدءاً من توقيع وثيقة التفاهم مع «حزب الله» في 6 فبراير 2006 وصولاً الى زيارته لايران في 12 اكتوبر الماضي.
وتولت المستشارة السياسية والاعلامية للاسد، بثينة شعبان، تقديم عون في المؤتمر الصحافي في قصر الشعب، واصفة اياه بـ «الزعيم الوطني اللبناني (...) الذي ارتبط اسمه في اذهان الجماهير العربية بالصراحة والجرأة والذي تميز بمواقفه الصلبة والصادقة والوطنية».
كما رحبت بعون «ضيفا كبيرا في سورية»، مؤكدة انه اجرى «مباحثات متميزة وبناءة» مع الاسد، وان «هذه الزيارة تفتح عهدا جديدا للعلاقات بين سورية ولبنان يصب في مصلحة الشعبين الشقيقين والبلدين».
اما زعيم «التيار الحر»، فأكد: «ما كان يُعتقد انه محرّم اصبح حلالا وحلالاً جدا. وبالطبع من دون جرأة مواجهة الماضي، لن نمحوه من ذاكرتنا كي لا نكرر الاخطاء، لذلك كان حديثنا مع سيادة الرئيس (الأسد) واضحا جدا وطرحنا خلاله الكثير من المواضيع في شكل صريح لاننا نريد بناء المستقبل وليس التوقف عند الماضي. من هذا المنطلق اسمينا اللقاء - عملية القلب المفتوح، وقد تحدثنا من قلبنا وبعقلنا وكل ذلك لتنقية الوجدانين السوري واللبناني، كي لا يبقى اثر لماضي يحتوي على اشياء كثيرة أليمة، لكن لقاءنا اليوم هو وعد لمستقبل زاهر». اضاف: «المواضيع التي بحثت كثيرة وعرضت 20 عاما من الزمن».
وسئل: اي فارق بين سورية حافظ الاسد عام 1990 وسورية بشار الاسد في عام 2008 واليوم الملف الابرز الذي تكثر التساؤلات حوله في الجانب اللبناني يتعلق بالمفقودين اللبنانيين، فهل تم بحث هذا الموضوع؟ اجاب: «الفارق كبير لان الظروف تغيرت كما التقويم والمسؤولين (...) والمرحلة السابقة نتركها لحكم التاريخ. وبالنسبة الى موضوع المفقودين، هناك لجان تعمل وقد بحثنا في هذا الموضوع، ومن المؤكد انه سيتم التوصل الى نتيجة من خلال البحث عن الاسماء الموجودة على اللوائح والتأكد من دخولها الى سورية، واذا دخلت ما هو مصيرها. ونأمل الا تطول المدة الفاصلة عن الاعلان عن النتائج في هذا الاطار».
واكد ان «الوعد الزاهر هو العلاقات الطيبة بين لبنان وسورية والانفتاح والتضامن. نحن لم نبحث في التفاصيل ولكن هناك ارادة طيبة وتوجهاً طيباً وعقلاً واعياً لمشاكل المنطقة ومشاكلنا الخاصة. نحن لم نمح كل ما حصل ولكن البحث مستمر وما دامت الارادة موجودة وكذلك الوعي والعقل المتحكمان في الموقف وليست العواطف والغرائز، فاننا حتما سنصل الى حلول للمشاكل السابقة والعالقة والى توجه جديد يحترم مصالح البلدين».
واذ لفت الى ان «كثراً استفادوا في لبنان من العلاقة مع سورية وضربوا بعض المسيحيين وهم كثر»، قال: «الخصومة (المسيحية) لم تكن تجاه سورية إنما خصومة محلية تحولت في اتجاه سورية، بسبب سوء إدارة الحكم في لبنان وغالبية المسيحيين بعد الانتخابات سمعوا ما قلناه عن ضرورة طي هذه المرحلة والتطلع بأمل الى بناء علاقة من أفضل العلاقات مع سورية».
وقيل له: ما شعورك عند مصافحة الأسد ؟ أجاب: «عندما آتي الى دمشق أكون تركت الماضي ورائي (...) ونعرف بالعقل وبالمنطق وبالتاريخ أنه حتى الحرب التي يكون فيها مهزوم ومنتصر تنتهي بتفاوض وتفاهم فكيف بالأحرى فتح صفحة جديدة من التاريخ ليس فيها مهزوم أو منتصر إنما عودة الى علاقة طبيعية مرتكزة على الانفتاح والمصالح المشتركة بين البلدين وتاليا الماضي طوي وهذه البداية».
اضاف: «كانت جلسة مصارحة مشتركة مع الرئيس الأسد وتبادل وجهات نظر مشتركة وإظهار حسن النية ولم تكن هناك مطالب من الطرفين (...) ليس هناك جدول أعمال للزيارة بل هناك عرض شامل للمواضيع المختلفة وتنقية الوجدانين اللبناني والسوري من رواسب الماضي».
واذ اعلن انه يقدم لسورية «صداقته»، قال رداً على سؤال حول اذا كان طرح مع الأسد اشكالية مزارع شبعا: «هذه ليست اشكالية، سورية قالت ان مزارع شبعا لبنانية ويبقى توقيت الترسيم الذي يتم بعد اخلائها (...) واذا ارادت الامم المتحدة الاعتراف فيمكنها ذلك لان الخرائط موجودة وسورية تقول ان المزارع لبنانية (...) المشكلة الاساسية هل نقبل بالترسيم في ظل الاحتلال الاسرائيلي؟».
وفيما لفت الى ان «نتائج الزيارة تقيّمها اذا كانت تبعية او استقلالية او ندية»، قال ردا على سؤال حول الانتقادات لزيارته لسورية «ان الطائرة التي تحلق على علو 60 كيلومترا في الجو لا تهمها الصواريخ التي تنفجر على علو 40 كيلومترا، فسقف صواريخهم لن يصل الى طائرتنا».
وهل تحدث مع الاسد عن الانتخابات المقبلة؟ أجاب: «سورية تشجع على اجراء الانتخابات في لبنان، فهذا مطلبنا ايضا ومطلب الموالاة، هذا في حال اردنا احترام الديموقراطية والحريات، لكن باعتقادي ان سورية لن تتدخل في موضوع الانتخابات فهي لن توزع الزفت او الخدمات الصحية والمدرسية لرشوة الناخبين في موسم الانتخابات. ونحن نعلم ان سورية لا تدفع المال لأحد».
واكد: «سنتغلب على الخوف على ذاتنا والخوف من الآخر ومن الأشرار الذين لا يريدون بناء علاقة صحيحة. وهذه الخطوات الكبيرة، على مَن يقدم عليها ان يحسب للربح والخسارة. وقد اخسر بعض الاصوات وأربح غيرها في الانتخابات».
وعن تصوره للوضع في لبنان في مرحلة ما بعد الرئيس جورج بوش، قال: «العلاقات مع الولايات المتحدة كما الطقس المتقلب لا شمس دائمة ولا غيم دائمة. نحن لسنا على عداء مع الولايات المتحدة، بل نعادي مواقف لها. فإذا كان من تغيير كما اعلن الرئيس اوباما وتغيير استراتيجي في الاهداف واستعداد لبناء علاقات معنا كدول صغيرة لها تاريخها ومستقلة وتحترم مصالحها، فليكن. لكن اذا كانوا يريدون الاستمرار باهدافهم فنحن لن نخسر، وسنربح على ارضنا والجماعة التي معهم لا تدرك ما تفعل وستخسر».
ونقل عن الرئيس السوري تأكيد احترامه لسيادة لبنان واستقلاله «وهذا الامر عبّر عنه الرئيس الاسد بكل وضوح وأنا اعرف نياته وهو كذلك وعلى الرغم من ذلك اثبتناه بالكلمة المتبادلة».
سئل: هل حمّلك الأسد اعتذارا الى الشعب اللبناني عن المرحلة السابقة بين البلدين ليتمكن من فتح صفحة جديدة ؟ اجاب: «هل اعتذر الموجودون في بيروت والذين كانوا شركاء في مرحلة معينة مع الذين كانوا مسؤولين في حينه عن الوضع اللبناني، من اللبنانيين أو أنهم لا يزالون مستمرين؟ ما حدث تكريم وليس اعتذارا وعلى اللبنانيين الموجودين في بيروت الاعتذار أولا، لإلزام من أصبح خليفة (الرئيس بشار الأسد) لمن كان موجودا سابقا بالاعتذار ابتداء من بيروت لنصل الى الشام».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي