مع كل عام تأتي ذكرى الغزور العراقي الغاشم و«تعدي»... ومن طبعي ألّا أدخل مجالا لا أملك جميع خيوط اللعبة فيه، واكتفيت بالحديث عن الغزو الجديد - كما ذكرت في المقال السابق - لكنني أرى نفسي مضطراً إلى عرض الأبعاد الاجتماعية والمتغيرات لا سيما بعد تصريح السفير العراقي لدى الكويت علاء الهاشمي الذي قال فيه «لا بد أن تبادر الكويت برفع مصطلح» الغزو العراقي «من المناهج التعليمية واستبداله بـ «الصدامي»!
التاريخ يرد في هذا الجانب... فالكويت تحترم حسن الجوار وتمد يد التعاون وتسعى لاستقرار المنطقة وتربط الكويت بالشعب العراقي الشقيق أواصر الأخوة والجيرة، وهناك نسب بين الأسر العراقية والكويتية، وفي المقابل لم نشهد إلا تصعيدا من الجانب العراقي وكانت هناك اختراقات حدودية وتظاهرات مسيئة للكويت (تهديد عبدالكريم قاسم? الصامتة? الغزو العراقي? التهديد الحدودي عام 1994 وأزمات اخرى مفتعلة).
الشاهد ان تسمية الغزو العراقي لم تبتدعها الكويت، فهي صادرة من قرارات دولية من مجلس الأمن والمجتمع الكويتي في ذكرى الغزو العراقي نعتبره درسا مهما وحيويا من الجانب الاجتماعي، حيث نتذكر كيف أجمعت كل مكونات المجتمع وفئاته وتكاتفت كل القوى والفعاليات حول أسرة الصباح الكريمة بعد وقوع الغزو العراقي الغاشم.
ذلك الدرس لم نستوعبه، وأرى كمواطن كويتي ان ذكرى الغزو العراقي لها مكانة خصوصاً عندي وتستدعي الضرورة بحثها اجتماعيا وإعلاميا وثقافيا ومؤسساتيا: كيف؟
اجتماعيا? كنا على قلب رجل واحد وخرجنا باجماع بعد اجتماع الطائف على الالتزام بدستور 1962 والالتفاف حول أسرة الصباح.... ويبدو من الممارسات اننا عرضنا الدستور إلى جوانب مشوهة عند التطبيق، وهو ليس العيب في الدستور ومواده لكن رجالنا من ممثلي الأمة لم يبروا بقسمهم وغاب التشريع وضعفت الرقابة، ناهيك عن عدم تغيير ثقافة جموع الناخبين للأفضل عند اختيار النواب.
وإعلاميا وثقافيا... تركنا الساحة للترويج للسفاهة وأصحاب المصالح التي تحركهم المادة وتجاهلنا التخطيط لرسم برامج إعلامية وثقافية تهدف إلى غرس مفاهيم أخلاقية من شأنها صناعة المجد الكويتي وبالتالي تراجع الحس الوطني... وهذا يتطلب تدريس مصطلح «الولاء الوطني» والأخلاق على حقيقتها، وهو ما يجبرنا على اختيار الكفاءات ويدفعنا إلى تطوير التعليم والخدمات كي نقفز للأعلى بعد أن وجدنا أنفسنا في ذيل القائمة في المؤشرات الدولية كافة.
أما مؤسساتيا، كان المفروض أن نطبق المواد الدستورية من حرية? عدالة? تكافؤ فرص بالضبط كما كنا نتحدث في عام 1990 بصوت رجل واحد... والحاصل ان الباحثين على الثراء السريع وأصحاب المصالح المتبادلة هم من يتقدمون الصفوف وهو تلقائيا كان العامل الرئيسي في تدني مستوى الأداء مؤسساتيا حيث لا رؤية ولا فكر إستراتيجي!
الزبدة:
سيبقى مصطلح «الغزو العراقي» كما هو الحال بمسميات آخرى كالحرب العراقية - الإيرانية? الغزو الأميركي وغيره من الأحداث... إنه التاريخ يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي.
نريد من أحبتنا أن يستفيدوا من ذكرى «الغزو العراقي» الذي شهد ملحمة كويتية راح ضحيتها أحبة لنا وأن نتذكر كيف كانت قوة الوحدة الوطنية وأهميتها.
لا بد من الاستيقاظ من غفلتنا ونراجع الأسباب التي أخرتنا عن الركب في كل الميادين حتى أبسطها «الكرة» و«العمالة المنزلية» لم نستطع علاجها في فترة زمنية قياسية... والأسباب واضحة للعيان لا تتعدى تغييب صوت العقل والحكمة وإقصاء الكفاءات حيث البقاء للأصلح والمعلوم ان التطور لا يحققه إلا مجموعة متجانسة من الأخيار من قياديين واستشاريين... هذا إن كنا نريد وبرغبة أن تعود الكويت «درة الخليج»... الله المستعان.
[email protected] Twitter: @Terki_ALazmi