رغم أن تغيّرها طبيعي ولأسباب منطقية جداً

سياسة «التجارة» بتحديد أسعار السلع تثير حفيظة كبار رجال المال والأعمال

تصغير
تكبير

زيادات عدة مقترحة منذ أكثر من عام... لم يبت فيها حتى الآن

المطوع: «التجارة» تناور تارة عبر «الجمعيات»... وأخرى بالدراسة

الفكرة تتعارض مع مبدأ المنافسة وحرية التجارة والتحوّل لمركز مالي

الرباح: قيام الدولة بتحديد أسعار السلع يعاكس السير العالمي

الملا: ترك العملية لقوى السوق يعزز الانفتاح والمنافسة

يبدو أن سياسية وزارة التجارة في شأن تحديد أسعار السلع، والبتّ بالزيادات المقترحة من قبل العديد من الشركات تثير حفيظة الكثير من التجار والاقتصاديين.
فقد اعتبر رئيس مجموعة علي عبدالوهاب المطوع، رئيس مجلس الإدارة في شركة بيان للاستثمار، فيصل المطوع، أن سياسة وزارة التجارة والصناعة في شأن تحديد أسعار السلع، تميّزت في الفترة الأخيرة بالمناورة تارة بالتعهد للتجار بتحويل طلباتهم المقترحة لزيادة أسعار بعض السلع إلى اتحاد الجمعيات التعاونية للبتّ فيها، وأخرى بالتأكيد على أن الوزارة ستدرس مقترحات الزيادة المقدمة من قبلهم.
وأشار المطوع في تصريحات خاصة لـ «الراي» إلى أن «التجارة» عضو أساسي في لجنة تحديد الأسعار، ومسؤولة قانوناً عن مراقبة أسعار السلع، وليس أي جهة أخرى، مفيداً بأن التجار لاحظوا بأنه عند الطلب من الوزارة إبداء الرأي حول مقترح زيادة أسعار أي سلعة «تعطل» الوزارة الرد، وتتذرع دائما بحجج واهية، من بينها أنها لن ترفع أسعار أي سلعة في شهر رمضان تفادياً لاستغلال الطلب الاستهلاكي الكبير في هذا التوقيت، رغم أن غالبية الزيادات المقترحة، إن لم تكن جميعها لم تقدّم في رمضان، بل منذ فترة طويلة تتجاوز العام، ولم يبت فيها حتى الآن.


وبيّن المطوع بأن الكويت دولة مستوردة، ومن الطبيعي والمنطقي تأثر أسعارها بالحركة الحاصلة في الدولة المصدرة، وكلفة الشحن، وتغير أسعار العملة، وزيادة التكاليف المتغيرة على الوكيل المحلي، ما يبرر بقوة طلبات الزيادة المقترحة على الأسعار، والتي تعكس وجود تغير حقيقي على تكلفة الأسعار، وليس لزيادة هامش ربح التجار كما يشاع.
ولفت إلى أنه يجب على «التجارة» كمسؤولة عن مراقبة الأسعار، ألا توافق لاتحاد الجمعيات على ممارسة دوره الحالي في تحديد الأسعار، كون ذلك غير قانوني، ويتعارض مع مبدأ حرية التجارة، ومطالبات صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح بتحويل الكويت مركز مالي وتجارياً، كما أن ذلك يخالف قانون المنافسة الحرة والعادلة، وقانون منع الاحتكار.
وأكد المطوع أنه لا يجوز كذلك للوزارة أن تتغاضى عن كل هذه المعطيات الرئيسية بحجة كبح جماح التضخم، متسائلاً «هل مكافحة التضخم في الكويت من مسؤولية التاجر، مع الأخذ بالاعتبار أن هوامش أرباح التاجر معلنة بوضوح؟»، لافتاً إلى أن استمرار الدولة في تطبيق هذا الإجراء سيؤدي إلى زيادة الوضع التجاري المحلي سوءا، وأن بعض البضائع قد تنقطع بسبب ذلك، خصوصاً التي لا تستطيع تحمل كلفة هذه السياسات، ما سينعكس في نهاية المطاف سلباً على المستهلك الذي سيكون الخاسر الأكبر من هذه القرارات.
وقال المطوع إن «تجربة السجائر الأخيرة، ومعارضة الوزارة لزيادة أسعارها أثبتت ضعف الموقف القانوني للوزارة وعدم مقدرتها على التحكم بالأسعار، ونأمل ألا يصل الوضع في الكويت لانقطاع البضائع ولنا العظة في ما يحدث في دول فنزويلا، وكوريا، وكوبا التي لا نتمنى أن تحتذي الكويت بها، وأن تعي أكثر دورها الرقابي والتجاري وليس السياسي الموجه لإرضاء من لا يفقهون في العمل التجاري»، متسائلاً هل تستمر «التجارة» في محاربة «التجارة» والتجار في الكويت؟
من ناحيته، قال مدير عام غرفة التجارة والصناعة، رباح الرباح، إن تدخل الدولة في تحديد أسعار السلع، يعاكس السير العالمي، ويضر بلا شك توجهات الكويت كدولة اقتصاد حر، مبيناً أن حركة الأسعار الطبيعية يتعين أن تحدد من قبل قوى السوق، وليس من خلال كبحها.
وأضاف الرباح في تصريحات خاصة لـ «الراي» أن القانون الذي تستند إليه وزارة التجارة والصناعة رقم (10/79) في خصوص تحديد الأسعار، يعطي الوزير الحق في تحديد الأسعار لكن ما نراه على أرض الواقع هو تعطيل لحركة الأسعار في دولة مستوردة لغالبية سلعها، ما يتعارض مع المنطق.
وقال «هل يمكن لتجار الكويت أن يتحكّموا في أسعار بلد المنشأ، بالطبع لا، ومن ثم لا يمكن أن نفرض على التجار تحديد أسعارهم وفقا لتصوراتنا المحلية، وليس بناء على كلفتها الحقيقية، كما أن تحديد الأسعار يتعيّن أن يكون وفقاً لآلية العرض والطلب».
وأوضح الرباح أن أي سلعة في السوق المحلي لها منافسون، ببدائل مختلفة، ومن ثم ليست احتكارية، وهذا ينسحب على السلع الغذائية والصناعية وغيرها من المنتجات الاستهلاكية، ما يؤكد أن السوق المحلي مفتوح، وفي دولة حضارية مثل الكويت تتبنى سياسة السوق المفتوح لا يمكن أن تنجح سياسة السيطرة على الأسعار.
بدوره، دعا عضو مجلس إدارة «الغرفة» مقرر لجنة التجارة والنقل، عبدالله الملا «التجارة» إلى التخلي عن سياسة التدخل في تحديد أسعار السلع، لصالح التمسك بالقاعدة الاقتصادية السليمة، التي تعتمد على ترك قوى السوق في تحديد الأسعار، بما يسهم في تعزيز انفتاح السوق والمنافسة.
وأضاف الملا في تصريحات لـ «الراي» أن المستهلك الواعي يدرك تماماً فرق الأسعار، إن وجدت، وكذلك جودتها، وبالتالي هو من يقرر اقتناء هذه السلعة أو التوجه إلى بديل عنها، لافتاً إلى أن ما يؤكد صحة هذا الطرح ما يشهده سوق السيارات منذ فترة من عروض غير تقليدية، وصعوبات استدعت من الوكلاء مواجهتها عبر المنافسة من باب تخفيض الأسعار في مسعى لاستقطاب الزبون، مبيناً أن هذا التوجه انعكس إيجاباً على الأسعار التي تراجعت بفضل المنافسة، وليس بسبب لجنة تحديد الأسعار.
ونوه الملا إلى أن تطبيق مثل هذه الضرائب وسياسة تدخل الدولة في تحديد الأسعار تأتي ضد مبادئ الاقتصاد الحر، كما أن هذه الخطوة سلبية في عملية خلق اقتصاد حقيقي يشجع القطاع الخاص، ويؤدي إلى تكبيله والتعامل معه بشكل سلبي في مثل هذه القضايا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي