العلاقة مع الله عزّ وجل

No Image
تصغير
تكبير

أعظم وأصدق وأجمل حب على وجه الأرض هو حب الله عزّ وجل، والانشغال بمسألة حب الله تجلب السعادة والارتياح النفسي الذي يحقق عنصر التوازن والاستقرار في حياة الإنسان.
بلا شك يدرك الجميع أن الحراك النفسي الداخلي في الإنسان ينقسم إلى نوعين: الجسدي والروحي، فالذين يهتمون بمتطلبات الجسد بشكل مكثف وعميق يستغربون ويستنكرون انشغال الروحانيين في مسألة خلق أجواء روحانية في حياتهم مضيئة بنور الخالق.
ما يلفت انتباهي هو اهتمام أكثر المدربين ممن يعملون في مجال التنمية الذاتية بالعناية بمتطلبات الجسد، والاهتمام بتأسيس مسألة اكتشاف الذات وأسس العلاقة المثالية مع الآخرين، وهذا أمر جميل ولكن تفتقد منهجياتهم للجانب الروحي المتصل بإيقاظ القلب، وعمق العلاقة مع الخالق، فيزرعون في عقول المتدربين فكرة قدرة الإنسان على صنع قدره وحياته منفردا بذلك بغير حاجة لله عزّ وجل! ظنا منهم أن الحياة تسير بطريقة آلية وفق قدرة وإرادة الانسان فقط بعيداً عن مشيئة الخالق تعالى وتَقدّس، هذا ويجهل هؤلاء أنّ العلاقة بالله هي العلاقة المهمة والمحورية في حياتنا إن اردنا أن نعيش حياة سعيدة مليئة بالمسرات، وإن شئنا أن نحصد مغانم الآخرة، ونفوز بالفردوس الأعلى في الجنة.
 لنبدأ بتوضيح مهم يؤكد على أنّ الحياة في محورها قائمة على معرفة الله عزّ وجل في كل شيء، وتذكره في كل اللحظات، حيث تستيقظ بصيرة القلب، وتتعاظم مواطن الحدس بشكل فائق ومثير ولافت للنظر. وكيف يتحقق ذلك؟ الجواب: الحرص على تعميق صلتنا بالله عزّ وجل، ونبدأها بعقد النية السليمة لوجهه سبحانه وتعالى، وأن نتوكل عليه في كل صغيرة وكبيرة، وأن نُحسن الظن به، فهو من يُحقق أحلامنا، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِن اللَّهَ جلَّ وَعَلا يقول: أَنا عند ظَنِّ عبدي بِي، إن ظنَّ خْيرًا فَلَهُ، وإن ظَنَّ شرًّا فله» وهو من يستطيع إصلاح الخلل في حياتنا بكل اصنافه بالرجوع إليه، ففي الذنب يأتي الاستغفار وتكون التوبة الخالصة.
 وإن كانت لدينا قائمة من الرغبات القلبية والأحلام، يأتي الدعاء والتضرع إليه وطلبه بيقين الاستجابة فالدعاء وسيلة إعجازية مبهرة. ولنرجع إلى تلك العلاقة بين الله عزّ وجل وعبده، فنقول: إنّ الحب فعل وليس قولا، ونعني أنه لا يكون الحب بالقول دون الفعل، فيكون في ظل غفلة عن الذكر، وهجر للقرآن، ومعاصي وذنوب! لنعقد النية في بدء علاقة مع الله عزّ وجل أولى خطواتها لسان رطب بذكر الله عزّ وجل، وقلب متعلق به في كل لحظة، فندعوه ونستعين به، ونتوكل عليه.
 هنا رحلة الحب الجميلة التي لا تود أن تفقد ثانية منها، أما من يحب الله قولا لا فعلا.. فهو أمرٌ مستنكر! إنّ أبرز علامات الحب أن تبدأ يومك حين تستيقظ فتجد لسانك يردد: «الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النشور».وتستكملها بطاعة الخالق تعالى وتقدس، وفعل ما يرضيه..يقول الله عز وجل: «الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، ويتفكرون في خلق السموات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار». فمن ذكر الله ذكره الله عزّ وجل، ونرى ذلك بقوله تعالى: «فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولاتكفرون». ما أجمل أن نتذكر ربنا العفو الرحيم الكريم الوهاب الرزاق فيتذكرنا، وما أبشع أن نغفل عنه فنندم، ونكون من الخاسرين. لننظر إلى قوله تعالى: «ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لِمَ حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى».
 ولابد أن ندرك أننا لن نحصل على السعادة والسكينة بعلاقة مع الله متمثلة في أداء العبادات والفرائض فقط فهي أمور واجبة، لكن أساس العلاقة هي حب الله عزّ وجل، وبالتالي علينا أن نطرح على أنفسنا هذه الأسئلة: ما مقدار حبي لله عزّ وجل؟ وكيف أضاعف هذا الحب؟ وماذا أفعل لأستشعر هذا الحب الأعظم؟ وهو حب الخالق.
الأمر يحتاج إلى إصلاح داخلي جذري، فمن أبرز علامات ضعف الصلة بالله قسوة القلب التي تظهر في كثرة النوم والأكل والكلام والغفلة عن الذكر في القول والفعل، وقد يصل الإنسان في قسوته إلى مرحلة خلو القلب من حب الله عز وجل. ما أسعدنا حين نصل لمرحلة يحبنا فيها الله تعالى وتقدس، وماذا نرغب في أكثر من ذلك؟! ومما لاشك فيه أنه لايخلو قلب مؤمن من حب الله، ولكن تتفاوت درجات الحب بين الناس.. ولانغفل هنا عن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونستدل هنا بقوله تعالى: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، والله غفور رحيم». فمن يدعي محبة الله ولا يطيع نبيه، فحبه منقوص! اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل ما يقربنا لحبك، اللهم وارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم.

[email protected]
Twitter: haifaalsanousi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي