«الراي» تنشر مقترحاتها لـ «فريق المحافظ»

«الغرفة» تقترح إيجاد كيان قانوني لإدارة الأصول العائدة للدولة بعد تدخلها في الشركات المتعثرة

تصغير
تكبير
|كتب رضا السناري|
اقترحت غرفة تجارة وصناعة الكويت على محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبد العزيز الصباح، بصفته رئيس فريق العمل الاقتصادي لمواجهة آثار انعكاسات الازمة العالمية على الاقتصاد الكويتي، أن يعمد الفريق إلى «التوصية» بـ «حزمة متكاملة من السياسات والإجراءات والقرارات التنفيذية، يعلن عنها في إطار خطة واحدة واضحة، وذات جدول زمني»، بدلاً من اتخاذ «إجراءات متتالية ومتفرقة يعلن عن كل منها على حدة».
ورأت «الغرفة» في كتاب وجهته إلى محافظ «المركزي»، حصلت «الراي» على نسخة منه، ضرورة «رصد المبالغ الكافية لتوفير السيولة»، طالما أن «الأزمة في جوهرها المادي أزمة سيولة». لكنها شددت على أهمية «ايجاد مخرج يحول دون مكافأة المتسبب في حدوث الازمة المالية في الكويت من جهة، ويحفظ لغير المخطئ حقوقه من جهة أخرى».

واقترحت «الغرفة» إيجاد كيان قانوني (شركة، مؤسسة، برنامج) لإدارة الاصول التي ستؤول إلى الدولة نتيجة تدخلها لحماية حقوق المتعاملين مع الشركات المتعثرة.
وأكدت «الغرفة» ان المسؤولية الاقتصادية والسياسية لادارة الأزمة تبقى مسؤولية الحكومة. والنجاح في هذه الإدارة يبقى رهن تعاون مجلس الامة.
ودعا كتاب «الغرفة» إلى التدخل الجريء والسريع لاعادة الاستقرار إلى سوق الكويت للاوراق المالية، مبينة انها لا تقصد من وراء ذلك ابدا عودة الاسعار إلى مستوياتها القياسية السابقة، بل تقصد وقف نزيفها غير المبرر، مضيفة انها لا تهدف من وراء ذلك إلى انقاذ أشخاص او مجموعات او حتى شركات معينة، بل تهدف إلى حماية ملاءة وحدات الاقتصاد الوطني بكل قطاعاته، كي تكون مؤهلة للحصول على الائتمان الكافي والسيولة اللازمة، مشددة على ضرورة ان يرصد فريق العمل مبالغ كافية لتوفير السيولة القادرة على معالجة الأزمة، على اساس ان مثل هذا الاجراء اثبت نجاحه في الدول الآخرى.
ويشار هنا إلى أن كتاب «الغرفة» وجه بتاريخ 17 الجاري، أي إن قرارات لاحقة قد تبعته، ما يفسر إشارة الكتاب إلى «عدم اتخاذ إجراءات لدعم استقرار سوق الأوراق المالية»، وإشارته إلى عدم مناقشة تأثيرات الأزمة على القطاعات غير المالية، وغير ذلك من الوقائع التي طالتها مستجدات لاحقة، ومع ذلك، فإن «الراي» ترى فائدة في نشر الكتاب، كونه يضيء على طبيعة المناقشات في «فريق المحافظ». وفي ما يلي نص كتاب «الغرفة» إلى المحافظ كاملاً:
«تتابع غرفة تجارة وصناعة الكويت بكل تقدير واعجاب جهودكم لمعالجة آثار انعكاسات الازمة المالية العالمية على الاقتصاد الكويتي. كما تقدر شجاعتكم في التصدي لهذه المهمة سواء بحكم موقعكم القيادي في الادارة الاقتصادية للبلاد، او بحكم رئاستكم لفريق العمل الاقتصادي الذي اوكلت اليه مهمة متابعة ومعالجة انعكاسات هذه الازمة وتداعياتها، وهي مهمة تستند إلى ثقة اجماعية جاءت في مكانها، كما تستند إلى مصداقية مهنية شهدت بها المحافل الدولية المختصة، ولمستها الكويت في نجاحات سياستها النقدية على مدى ربع قرن.
ومن واقع البيانات الصحافية التي صدرت عنكم بعيد اجتماعات الفريق المشار اليه، رصدت الغرفة انه منذ اول اجتماعات الفريق يوم 30 اكتوبر 2008، وحتى الآن، حققتم اربع خطوات اساسية وفي الاتجاه الصحيح:
اولاها: تأكيدكم الواثق والمتواصل على متانة الوضع الاقتصادي في البلاد، وقدرته على تجاوز الازمة واحتواء آثارها بفضل الله، وبسبب دعائمه المالية والانتاجية ودور الانفاق العام فيه.
ثانيها: اعتبار القطاع المصرفي بكل وحداته خطا احمر لا يكون المساس بقوته وسلامته وكفاءة ادائه، وتأكيد الاهتمام الجاد بالوحدات الوطنية في قطاعات التجارة والصناعة والانشاء والعقار وغيرها لكي لا تواجه صدمة تقليص الائتمان.
ثالثها: اقرار الاسس العامة لتمويل شركات الاستثمار المحتاجة لذلك والمؤهلة له، بهدف سداد التزاماتها الخارجية على وجه التحديد.
ورابعها: اقرار مقترح انشاء محفظة تقدم لشركات الاستثمار، من خلال آلية واضحة، التمويل الذي يساعدها على سداد التزاماتها تجاه المصارف والشركات المالية المحلية. وذلك إلى جانب التمويل المبين في الخطوة الثالثة اعلاه.
والغرفة، التي تثني على جهود الفريق، وتعرب عن تقديرها الكامل لخبرة ومهنية ومصداقية كل اعضائه، ترى ان هذه الخطوات الاربع، على اهميتها وضرورتها، وعلى ما كرسته من اطمئنان كامل إلى قوة وسلامة الجهاز المصرفي، لم تسجل حتى الآن نتائج ملموسة على ارض الواقع. فالتمويل المقرر لشركات الاستثمار ما زال- بشقيه المصرفي والمحفظي- قيد استكمال البحث في الشروط والمعايير. والثقة بمستقبل نمو واداء الوحدات العاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية ما زالت تتعرض لضغوط شديدة من عدم اليقين، كما يبدو واضحا من الانخفاض الخطير والمتواصل في مؤشرات سوق الكويت للاوراق المالية. كما ان البحث في تدارك آثار الازمة على القطاعات غير المالية لم يبدأ بعد ومن هذا المنطلق، وجدت غرفة تجارة وصناعة الكويت ان من واجبها ان تطرح عليكم الافكار والتصورات التالية، على امل تدارسها والتشاور بشأنها:
-1 استنادا لقاعدة البيانات المتوافرة لدى بنك الكويت المركزي، يمكن للبنك - بالتعاون مع فريق العمل- ان يحدد منظورا عاما للازمة والمبالغ التقديرية (ولا نقول التكاليف) لمواجهتها. فطالما ان الازمة في جوهرها المادي- وابجماع الرأي- ازمة سيولة، فإن من المتعذر معالجتها بسرعة وكفاءة دون رصد المبالغ الكافية لتوفير السيولة. وهذا ما تؤكده تجارب واجراءات الدول الاخرى.
-2 يبدو لنا من تجارب الدول الاخرى ايضا، ان معالجة ازمة بهذا الحجم والعمق والمباغتة، لا يمكن ان تنجح من خلال اجراءات متتالية ومتفرقة يعلن عن كل منها على حدة. بل لا بد لمعالجتها من حزمة متكاملة من السياسات والاجراءات والقرارات التنفيذية، يعلن عنها في اطار خطة واحدة واضحة، وذات جدول زمني.
-3 رغم «الصفة التنفيذية» التي اعطيت لفريق العمل في قرار تشكيله، فاننا نعتقد ان مهمة فريق العمل مهنية بحثية استشارية. لان الخطة الواضحة او الحزمة المتكاملة التي تحدثنا عنها لا يمكن ان تنتقل من حيز التوصية إلى حيز التنفيذ الا من خلال السلطة التنفيذية، وبالتعاون مع السلطة التشريعية أيضا، فالمسؤولية الاقتصادية والسياسية لادارة الازمة تبقى مسؤولية الحكومة، والنجاح في هذه الادارة يبقى رهن تعاون مجلس الامة، خصوصا اذا احتاجت خطة المعالجة إلى تشريعات جديدة، وبالتالي، فإن مهمة فريق العمل هي ان يرفع إلى مجلس الوزراء توصية «بالحزمة المتكاملة» من السياسات والاجراءات المقترحة استنادا إلى دراسة اقتصادية فنية بحته، ولمجلس الوزراء ان يتبنى هذه التوصية او يعدلها، وله ان ينظر في مدى حاجتها الى قرار تشريعي يصدر عن مجلس الامة، وربما كان من المفيد ان يبقى فريق العمل - بعد ذلك - كفريق طوارئ لمعالجة الثغرات والصعوبات، وتقديم الرأي في الحالات ذات الظروف او الطبيعة الخاصة.
4 - يلاحظ ان «فريق العمل الاقتصادي» لم يتطرق حتى الان إلى موضوع اعادة الاستقرار لسوق الكويت للأوراق المالية، رغم الاهمية الكبيرة لهذا الموضوع والتي تنبثق من حقيقتين اثنتين: اولاهما: ان الازمة في جوهرها النفسي والاجتماعي - وباجماع الرأي أيضا - هي ازمة ثقة بمدى قدرة الوحدات الاقتصادية في القطاعات المختلفة على تجاوز الازمة وتحقيق معدلات مقبولة من النمو والربح، ومؤشرات سوق الاوراق المالية هي المقياس الحقيقي لهذه الثقة، اما الحقيقة الثانية، فهي ان اسعار الاوراق المالية تمثل عاملا بالغ التأثير في تحديد ملاءة الشركات في كافة القطاعات، وبالتالي، في تحديد المبالغ واختيار الادوات والسياسات اللازمة لمعالجة الأزمة، وهنا تتفق الغرفة مع ما يذهب اليه كثيرون من ان تأخر الاعلان عن خطة واضحة او حزمة متكاملة لمعالجة الازمة قد أدى إلى انخفاض مؤشرات سوق الكويت للأوراق المالية، وبالتالي تدني قيم الاصول إلى مستويات تجاوزت كل التوقعات، واثرت إلى درجة خطيرة على سيولة وملاءة معظم الشركات عموما، والمالية منها على وجه الخصوص، وهذا الرأي يجد سنده في القاعدة العامة التي تقول ان التكلفة المالية والاقتصادية والاجتماعية لمثل هذه الازمات تزداد مع استمرار تأخر القرار.
5 - يدور جدل مثير حول الشركات التي يعود فقدان ملاءتها إلى اخطاء ادارتها، وليس إلى انعكاس الازمة المالية العالمية عليها، فليس من السهل استخدام المال العام لانقاذ ادارة ومساهمي مثل هذه الشركات.
وليس من المقبول - في الوقت ذاته - ان نسمح بالاساءة الى سمعة الكويت بسبب انهيار هذه الشركات وضياع حقوق الاطراف المتعاملة معها، وبالتالي، لابد من ايجاد مخرج يحول دون مكافأة المخطئ من جهة، ويحفظ لغير المخطئ حقوقه من جهة اخرى، ومخرج مثل هذا، سيقتضي - بالضرورة - ايجاد كيان قانوني (شركة، مؤسسة، برنامج) لادارة الاصول التي ستؤول الى الدولة نتيجة تدخلها لتوفير ائتمان لبعض الشركات، او نتيجة تدخلها لحماية حقوق المتعاملين مع الشركات المتعثرة.
6 - ان الغرفة عندما تدعو الى التدخل الجرئ والسريع لاعادة الاستقرار إلى سوق الكويت للأوراق المالية، لا تقصد ابدا عودة الاسعار إلى مستوياتها القياسية السابقة، بل تقصد وقف نزيفها غير المبرر، كما ان الغرفة لا تهدف من ذلك الى انقاذ اشخاص او مجموعات او حتى شركات معينة، بل تهدف الى حماية ملاءة وحدات الاقتصاد الوطني بكل قطاعاته، لكي تكون مؤهلة للحصول على الائتمان الكافي والسيولة اللازمة، وهنا تدعو الغرفة إلى التعاون في البحث الجاد عن آلية واضحة وعادلة يمكنها ان تساهم في استعادة استقرار سوق الكويت للأوراق المالية، في اطار معايير وضوابط تحول دون استغلال هذه الآلية لغير ما تهدف اليه، علما انه سبق للكويت في مطلع ثمانينات القرن الماضي ان جربت آليات مختلفة، استطاعت - رغم ما شابها من اخطاء كثيرة - ان تساعد في تجاوز ازمات اصعب، وان تحقق للمال العام مكاسب كبيرة.
7 - مع الاقرار بأن التشريعات الكويتية الحالية، وبسبب ما تعانيه من ضعف المرونة وغياب النصوص الحديثة، تحد كثيرا من الخيارات المتاحة للمعالجة السريعة.
ومع الاقرار - ايضا - بأهمية الابعاد السياسية والاجتماعية لمعالجة الازمة، وبعدم وجود حلول حقيقية لا تترتب عليها - بشكل او بآخر وبمقدار - تكلفة اقتصادية واجتماعية.
ثمة اجماع كامل على ان الخروج من الازمة يحتاج إلى تعبئة وطنية، تتضافر في اطارها جهود السلطتين، وتلتف حولها مواقف مختلف التيارات السياسية، وثقتنا كبيرة بأن حزمة علاجية متكاملة، ذات منظور فني اقتصادي واضح وعادل، ستنج في حشد مثل هذه التعبئة، وستحظى تشريعاتها واجراءاتها بتأييد مجلس الامة، الذي يعيش هموم الوطن واهتمامات المواطن.
واخيرا: نأسف فعلا لأننا آثرنا الوقوف عند الخطوط العريضة دون الدخول في التفاصيل، وعذرنا في ذلك افتقارنا للبيانات والمؤشرات الموثوقة والموثقة.
ولكننا نتطلع فعلا إلى ان تولوا كتابنا هذا اهتمامكم، وان تتدارسوا مضمونة في ضوء ما يتوفر لكم، كجهة اشرافية ورقابية، من بيانات ومؤشرات، ذلك ان نجاحنا في احتواء الازمة وتجاوزها رهن بسرعة معالجتها، وتكامل حلولها، وشمول منظورها».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي