«لأن نموذج عملها قائم على المشاركة بين المساهم والمودع»
البنوك الإسلامية تفضفض لـ «المركزي»: المعالجة الرقابية لمعيار «9» مخالفة شرعاً
- المصارف ترغب بتبويب الفوائض بالأرباح والخسائر و«المركزي» متمسك بتعزيز رأس المال
- نقاشات شفهية للتوصل إلى صيغة محاسبية معتمدة للفترات المالية المقبلة
أكدت مصادر مطلعة لـ «الراي» أن بنوكاً محلية تواجه بعض التحديات، فى تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية (IFRS 9)، وفقاً للمعالجة الرقابية المقترحة للمخصصات المحاسبية عن الربع الأول، حيث تدفع هذه البنوك بأن استمرار التزامها بتطبيق هذه التوجيهات يعرضها للمخالفة الشرعية.
وعمّم بنك الكويت المركزي على البنوك في أبريل الماضي، التوجيهات الخاصة بالتطبيق الموازي لمعيار المحاسب الدولي (9)، حيث وجّه بتطبيق هذه التعليمات على محافظ استثماراتها، واستثناء محافظ قروضها عن الربع الأول، وهنا بدأت القصة.
فبحكم الطبقات المتتالية التي كونتها البنوك المحلية، من المخصصات الاحترازية منذ العام 2008، بفضل السياسة الرقابية المتحفظة، تراهن غالبيتها على أن يؤدي تطبيق المعيار «9» على محافظها الائتمانية محاسبياً، إلى تحقيق فوائض من هذه المبالغ «المحبوسة» في دفاترها، وأنها أحق بتسييلها، وإعادة توجيهها إلى حساب الأرباح والخسائر، وهو الإجراء المحاسبي الذي تفضله المصارف، على اعتبارأنه يستقيم مع المعايير العالمية.
لكن «المركزي» يعارض فكرة تسييل أي مستويات من المخصصات الاحترازية من حيث المبدأ، ويصرعلى الاستمرار بربط حزام الأمان، وفي سبيل ذلك أصدر توجيهات مشددة تضمن تخفيف مستويات الفوائض الناتجة عن هذا المعيار إن وجدت، وفي حال توافرها سيكون على البنوك امتصاصها في حساب رأس المال.
وأمام ذلك فتحت نقاشات شفهية بين «المركزي» والبنوك، أبدت فيها المصارف وتحديداً الإسلامية مخاوفها من أنها لا تستطيع امتصاص فوائض السيولة التي يمكن أن تسجلها من تطبيق معيار (9) في تعزيز رأسمالها، وذلك لأسباب شرعية.
وبيّنت المصادر أن نموذج عملها قائم على أساس المشاركة بين المساهم والمودع، وفي حال تبويب فوائض معيار (9) ضمن متطلبات رأس المال، فإن ذلك يعني شرعاً أن المودع الشريك سيتحمل كلفة لا تعنيه، كذلك سيحرم المساهم الذي قبل ببناء هذه المخصصات فترة الأزمة من هذه الاستحقاقات وقت الفوائض، في الوقت الذي لا يستبعد فيه أن يبيع مساهمته في أي وقت.
أما على صعيد البنوك التقليدية، فلا تخفي رغبتها في فك حزام الأمان ولو قليلاً بتسييل بعض من المخصصات التي كونتها فترة الأزمة، مع الأخذ بالاعتبار أن المعيار الجديد، يتطلب احتساب مخصصات للديون بناء على التوقعات بحدوث تعثر أو عدم السداد من جانب المقترض.
ولفتت المصادر إلى أن البنوك استثنت محاسبياً محافظها التمويلية من بيانات الربع الأول، لكنها تخشى أن يتحول ذلك إلى سلوك رقابي معتمد للفترات المالية المقبلة، مؤكدة أن جميع البنوك تعترف بحصافة «المركزي» في توجيه البنوك خلال السنوات الماضية باتجاه الاستمرار في بناء مزيد من المخصصات الاحترازية، وأن هذه السياسة ساعدت في رفع كفاءة المصدات المالية، وتعزيز قدراتها وبأعلى المعايير الحمائية المالية في مواجهة الأزمات، حتى مع افتراض أسوأ السيناريوات، لكن تطبيق المعيار المحاسبي الجديد بهذه الصيغة سيوقع البنوك الاسلامية في مخالفة شرعية.
وأشارت المصادر إلى أن البنوك فى سعيها نحو تطبيق المعيار«9» ستواجه تحديات أخرى، لكنها مقبولة مصرفياً، تتمثل فى ضرورة تعزيز التنسيق بين الوحدات المتخصصة «إدارات المخاطر والائتمان والمالية والالتزام وتكنولوجيا المعلومات»، وضرورة تحقيق التكامل والتوافق بين البيانات المالية والمخاطر، بالإضافة إلى تحديات جمع وحفظ البيانات التاريخية الضرورية لوضع النماذج الخاصة بالخسائر المتوقعة.
كما تبرز تحديات البنية التحتية وأنظمتها ومنهجيات وأدلة عمل وتقنيات تقييم المخاطر والسياسات المحاسبية، الأمر الذى يتطلب رفع قدرات العاملين ومهاراتهم ومواكبتهم لمستجدات العمل المصرفى على المستوى الدولي، وكذلك تدعيم دور إدارات البحوث للوقوف على السيناريوات الاقتصادية المستقبلية تمهيداً لإعداد نماذج خسائر الائتمان المتوقعة.
ورقابياً يعتمد «المركزي» في تحديد المخاطر الناشئة من المحفظة الائتمانية، على اختبارات ضغط، تتميز بالكثير من التفاصيل المالية، وذلك بأسوأ السيناريوات الممكنة، وبصورة أشد من الاختبارات المطبقة سابقاً، ما يبرر قناعته بمواصلة التحوط بوضع المزيد من المخصصات، وهذا مؤشرعلى أنه لا يزال يعتقد أن الأزمة لم تنته بعد، أقله خارج الكويت.
ووفقاً للمعيار «9» يكون الحد الأدنى للخسائر المتوقعة في حالة التعثر في السداد لعمليات التمويل غير المضمونة (LGD) بنسبة 50 في المئة للمديونيات ذات الأولوية الأعلى (Senior Debt)، وبنسبة 75 في المئة للديون الأولوية الأقل (Subordianted Debt).
كما يتعيّن على كل بنك أن تكون لديه لجنة متخصصة على مستوى الإدارة التنفيذية العليا، يكون من ضمن أعضائها مسؤول الائتمان، والمسؤول المالي، ومسؤول إدارة المخاطر، ويدخل ضمن مسؤوليتها وضع خطة تفصيلية ودراسة الأثر المتوقع لتطبيق المعيار رقم (9) من الناحية المالية، ووضع تصور لقياس الخسائر الائتمانية المتوقعة (EGCL)، ويجب أن تخضع لموافقة اللجنة عمليات التصنيف على النحو سالف الذكر، وإعادة التصنيف بين المراحل الثلاث، وكذلك تحديد المخصصات على أساس خسائر الائتمان المتوقعة.