تساقطت أقنعة بعض النواب وبانت الطائفية والفئوية والقبلية وكلٌّ فزع لوزيره، أو أيّد نائبه، وغاب الحديث عن الإصلاح ومحاربة الفساد والملايين المتطايرة، وتغيرت المواقف نتيجة التنازلات والمقايضات، كلٌّ لدعم صاحبه، وجُدّدت الثقة - كما قلت في مقال سابق - بالدكتور بخيت الرشيدي، وزير النفط وزير الكهرباء والماء، بأصوات القبائل، إذ لم يطالب بطرح الثقة فيه إلا 11 نائباً، وتكرر منح الثقة للمرة الرابعة بالسيدة هند الصبيح وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية، بأصوات العوائل، ولم يطالب بطرح الثقة فيها إلا 12 نائباً، و4 نواب من هؤلاء اعتادوا على طرح الثقة بكل وزير ما لم يكن من أبناء العمومة.
بل وللمرة الأولى نرى بعض من وقّعوا على كتاب طرح الثقة يسحبون أسماءهم ويضطر آخرون لملء فراغهم، فالنائب علي الدقباسي، وبعد أن اطمأن على موقف د.بخيت، سحب اسمه من الأسماء العشرة المطالبة بطرح الثقة في الصبيح وحلَّ محله النائب خالد الشطي، وظهر اصطفاف شيعي للمرة الأولى لجميع نوابهم في تأييد صالح عاشور ضد الصبيح، وهو أمر غير مسبوق.
وتبين للمتابع أن هذين الاستجوابين نوع من استعراض القوة مع نهاية دور الانعقاد الحالي وهو قبل الأخير، وفرصة للعب دور البطولة استعداداً للانتخابات المقبلة، بل طفت على سطح هذين الاستجوابين أرقام قياسية جديدة... فللمرة الأولى يجتاز وزير أربعة استجوابات، اثنان منها بطرح الثقة. وتدنت أرقام الذين يطالبون بطرح الثقة إلى 11 صوتاً وهذا أمر غير مسبوق. ونتذكر استجواب د. أحمد الربعي عام 1992 إذ إن بوقتيبة - رحمه الله - لم ينج إلا بصوت واحد، عندما كانت الديموقراطية ديموقراطية.