معالجة نفسية

المرأة أسيرة الرجل

تصغير
تكبير

بسبب شغفي بالروايات التاريخية، كنت اقرأ قبل أيام احدى هذه الروايات لمؤلف صاحب مكانة أدبية عالية في المجتمع الثقافي والادبي وحائز على جوائز متعددة. بدأت الرواية والتي كانت حول فترة تاريخية اهتم بها وهي فترة تفتيش العقائد في اسبانيا. بغض النظر عن ان الجزء المتعلق بهذه الفترة لم يكن سوى بضع صفحات واغلب الكتاب عبارة عن حشو ادبي زائد، استوقفتني جملة في الرواية جعلتني استرجع كل تاريخ المرأة، شرح الكاتب كيف وصلت الحبيبة الى حبيبها بعد طول معاناة وهجران وهما كانا مخطوبين لكن لم تسمح لهما الظروف بالزواج والان حين تلتقي به بعد سنين من الفراق لا ينتظران ان يتم الزواج الشرعي او القانوني.
ويعلل الكاتب ذلك بهذا الحوار بينهما: تقول الفتاة: اعطيتك جسدي وقلبي كما اشتهيتَ. فيجيبها: ليس مهماً ما دام قلبي في كفك. الأديان ليست في النهاية إلا ظلالاً هاربة لأشياء عميقة فينا، يتقاسمها الحب والكراهية. الناس هم من جعلها مقياسا، وضوابط للقسوة والعزلة. لا عاش دين يفصلني عن قلبي وعن احاسيسي العميقة.
ما ان قرأت هذه الجملة مرت امام عيني جميع الحالات التي راجعتني للاستشارة، سواء في الكويت او خارجها، من فتيات سلمن جسدهن وقلبهن وهن يتصورن ان ذلك لا بد عليهن ما دامت في علاقة قلبية مع شخص اخر لكن... بعد فترة انتهت العلاقة لأي سبب كان، فبقيت لوحدها تلملم ألمها وشعورها بالغُبن والخسران، او تلك التي تزوجت منه لأنها رأت  لا بد من ذلك بعد ما حصل وهي تعلم ان هذا الزواج لا يُسعدها وتورطت لسنوات طويلة في زواج لا ترغبه بسبب تلك اللحظة.


ثم تذكرت تاريخ المرأة بشكل عام وكيف كانت تعيش حسب قوانين يطلقها الرجل لمصلحته، ففي قرون متعاقبة فكر الرجل بأن جهل المرأة هو ما يسعده فحبس المرأة في البيت وحتى تعليم القرآن اخترع أحاديث حولها بأن المرأة يكره لها ان تتعلم سورة كذا ويجب ان تتعلم من القرآن فقط سورة كذا وان القراءة والكتابة تفسد المرأة لأنها تجعلها تغازل بذلك الرجال وكأن الرجال طوال التاريخ لم يكونوا يغازلون النساء.
ثم فجأة قبل 200 عام، اكتشف الرجل ان المرأة افضل وسيلة إعلامية يستطيع بها ان يحقق أعلى قدر من النجاح والمال والسلطة، فقرر ان المرأة يجب ان تخرج ويجب ان تلبس ويجب ان تتعرى... وفي الدول الإسلامية يجب ان تخلع الحجاب لان الحجاب لن يجعلها تستخدم سلعه ومنتجاته كما يشاء، ويجب ان تعلق صورها في كل الشوارع وتحت أي اعلان حتى اعلان السجائر. ويجب ان تسلم نفسها لمعشوقها متى شاء ومن دون الحاجة الى القوانين الدينية، كي لا تتعب نفسيته لا سمح الله ويتوقف عن الإنتاج، وبذلك تتضرر منافع التاجر اللامتناهية. ويجب ان تغني وترقص وترفه عن الرجل كي يغوص في لذة الجسد ولا يفكر والعياذ بالله بما يجري حوله وما يحاك له، ولا بأس ان يخلط ذلك بالمخدرات كي تكتمل الحفلات واللذات والسبات العميق والنهب السحيق.
أخواتي أمهاتي بناتي... متى نريد ان نخطط لأنفسنا حسب فطرتنا ومصلحتنا وسعادتنا وليس مصلحة عبيد اللذة والمصلحة؟!

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي