أصبوحة

لدينا حُلم

تصغير
تكبير

لديّ حُلم، كما قالها مارتن لوثر كينغ ذات زمان، وأصبحت شعاراً للأميركيين من أصل أفريقي، ولكن حلم مارتن لوثر يختلف عن حلمي وإن كانا يتقاطعان، فقد كان يحلم بالحقوق المدنية والإنسانية للأميركي الأسود، وأنا أحلم بأن يتم الالتفات بجدية للثقافة بمفهومها الشامل في الكويت.
لقد تابعت باهتمام العرض الذي قدمه النائب الأول وزير الدفاع الشيخ ناصر الصباح، وقدمته كذلك مجموعة «درر» التطوعية، حول مشروع تطوير الجزر الكويتية، وشمال الكويت أو ما يعرف بمدينة الحرير.
وقد كان هذا هو حلم الشيخ ناصر الصباح، الذي كان يحلم به منذ سنوات، وحلم معه الكويتيون أيضاً بدولة منتجة ومتقدمة، من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية والقطاع الخاص، وتوفير مئات الآلاف من الوظائف، وإعادة الاعتبار لتاريخ الكويت التجاري، والدخول إلى حقبة اقتصادية مزدهرة، وتعزيز الناتج المحلي بمصدر آخر غير النفط.


بالطبع فإن هذا المشروع يحتاج إلى مستوى مختلف من التعامل، في جوانبه السياسية والتشريعية والإدارية، كما يحتاج إلى متطلبات أساسية غير متوافرة في الوقت الحالي، وأهمها محاربة والقضاء على الفساد، وتخليص البلد والمجتمع من آفاته، ومن أهم المتطلبات أيضاً نظام تعليمي متطور، وتغيير ثقافة المجتمع واستعداده للتغيير، وتحصينه بالمعرفة العلمية والتكنولوجية والثقافة البيئية، وكذلك انتهاج الإصلاح السياسي وإتاحة الحريات في المجتمع، وسن تشريع لعمل الأحزاب السياسية على أسس وطنية، وتغيير النظام الانتخابي المقيد للتطور الديموقراطي، وتشكيل الوزارة بما يتواءم مع العدالة وتكافؤ الفرص، بدلاً من التوزير السياسي ونظام المحاصصة، وإلغاء بعض الوزارات المترهلة مثل وزارة الإعلام، وإنشاء وزارة للثقافة تضع استراتيجية ثقافية للمجتمع، بالتعاون مع وزارات وجهات أخرى.
وما تقدم يعني بوضوح إعادة الاعتبار لمشروع بناء الدولة المدنية الحديثة، ما يعني التخلي عن نهج الانفراد بالسلطة، وفرض سلطة القانون على الجميع وتعزيز مؤسسات المجتمع المدني والنقابات، واستثمار الإنسان الذي يعتبر جوهر التنمية، وأساس وضمان المستقبل المزهر.
وأيضاً خلق البيئة الآمنة من خلال الاستمرار بالسياسة الخارجية المتوازنة، والمضي بسياسة حسن الجوار والنأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية والدولية، والتمسك بالسيادة والاستقلال الوطنيين.
ويبقى حلمي المشروع بتغيير الموقف من الثقافة، واعتبارها ركناً أساسياً من أركان بناء الدولة المدنية الحديثة، والتوقف عن اعتبارها أمراً ثانوياً وديكوراً مكملاً، وتخصيص موازنات تليق بمكانتها وأهميتها للمجتمع.
ويمكن تحقيق هذه الأحلام بوجود الإرادة السياسية والمجتمعية، فالمشروع الثقافي هو في الأساس مشروع دولة، وليس مشروع النخب الثقافية، وهو لا يتحقق تلقائياً بل يجب أن يكون موجهاً باتجاه التقدم والحداثة.

osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي