الفرد الذي يقبل رشوة لتمرير معاملة ناقصة، الفرد الذي يقبل الهدية «الصوغة»، الرشوة المبطنة سواء عينية أو مالية أو أي تسهيل آخر، الفرد الذي يحيط بجماعته التي تحميه، الفرد الذي لا يمسح الدمعة عن البؤساء الضعفاء، الفرد الذي يرفع صوت حنجرته على الآخرين، وإلى آخره من الأمثلة، لن تنفع الدولة ولا النظام.
هذا بالنسبة للأفراد، ولو قسنا الأمثلة المذكورة بإيجاز على المسؤولين وغيرهم من أصحاب القرار بمن فيهم النواب لوجدنا الضالة التي يبحث عنها أولياء الأمور القائمين على شؤون هذا البلد.
إن الكويت وبعد مشاهدات عدة يتضح الأمر بعدها، لو سمحنا للعقل في استخراج الذاكرة إلى زاوية التعقل، والتدبر حول معطيات ودواعي كل المشاهدات التي قد تكون الظروف أو بعض الظروف أجبرت البعض في ممارستها ولكن الوضع الآن اختلف... اختلف بعد تفشي تلك المشاهدات وأصبحت عرفاً يتبعه البعض.
إذاً نحن في ورطة؟
نعم نحن في «حارة كل يدني النار صوب قرصه» وهي ظاهرة لها صور عدة لغياب آلية النظام في معالجة الظواهر الدخيلة على المستوى التشغيلي للدولة، وعلى الصعيد السياسي المحلي.
نقول للمعنيين بالأمر دون تسميتهم أن المسألة قد تعقدت وصارت الأمور تدار من قبل أفراد وغاب النظام المؤسسي وأصبحت المسألة منحصرة في معادلة «نكون أو لا نكون»!
إن أردنا معالجة القضايا العالقة والتخبط السياسي فيجب أن نراجع سلوكنا السياسي والقيادي ونقارنه بما هو متبع في الدول المتطورة.
إن الـــدول العظمى حطت الممارسات الأخلاقيـــة في عزلة ونبذتها وأزاحت كل منفرد في سلوكه خارج الإطار المؤسسي من سدة المسؤولية... إنها دول آمنـــت بالنظـــام المؤسسي ولو أخذنا على سبيل المثال الولايات المتحدة أو بريطانـــيا أو أي دولة متـــطورة وتابعنا المنهجية المتبعة لديها لوجدنا متانة في الخطط الاستراتيجية التي تمتد إلى عشرات الأعوام ولا يستطيع الحاكم أو المسؤول الخروج عن الخط المرسوم.
لا تـــوجـــد لـــديهم فـــرديـــة تخـــضـــع للمزاج الشخصي، ولا توجد «واســـطة» إلا على شـــكـــل تزكيـــة للكفاءة والقدرة المتمـــيزة، فهناك تأخذ الكفاءات نصيبها وتلقى الخطط التنفيذ والمراجعة الحقة وفق جدول زمني.
ما تقدم، نستطــيع القول ان الكـــويت بحاجـــة إلى نفض الغبار عنـــها وإزاحة كل فـــرد يتميز بإحدى الصفات ـ
الأمثلة التي ذكرناها في بداية المقال وعمل صيانة فورية للأنظمة المعمول بها، وإيجاد سبل لقياس الإنتاجية، وتفعيل نظام العقاب والثواب، ولا شك بأن اقتراح «من أين لك هذا» واجب تطبيقه على جميع النواب والوزراء والمسؤولين الكبار!
إنها دولة الكويت التي نستبشر خيراً في رجالاتها المخلصين الغائبين عن الساحة.
إننا نملك قدرة مالية وكفاءات بشرية نستطيع تحقيق الأحلام لو سمح لها بوضع أفكارها على خطط الدولة.
هذا هو المدخل الإصلاحى لدولة الكويت المركز المالي والتجاري العالمي، دولة مدينة الحرير، دولة جسر جابر، دولة الرخاء... والباقي على متخذي القرار. والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]