علي محمد الفيروز / إطلالة / أوباما... و«غوانتانامو»
28 نوفمبر 2008
12:00 ص
1075
بعد أن فاز المرشح الديموقراطي باراك حسين أوباما في الانتخابات الرئاسية الأميركية تجدد الأمل لدى منظمة العفو الدولية، والناشطين السياسيين بإغلاق معسكر غوانتانامو المثير للجدل، بعد ما كرر الرئيس الأميركي المنتخب عزمه على إغلاق هذا المعتقل الواقع في كوبا، وأكد في أول ظهور إعلامي له بعد الفوز الساحق على التزامه العميق بتنفيذ ما وعد بتحقيقه وقال: «قلت مراراً إني أريد إغلاق غوانتانامو وسأتمسك بذلك».
كما أكد على وقف التعذيب فيه باعتباره وسيلة يستخدمها الجيش الأميركي في استجواباتهم، مؤكداً على ان أميركا لا تمارس التعذيب، وقال: «أريد التأكد من أننا لا نمارس التعذيب»! بلا شك كان معتقل غوانتانامو من أبرز الملفات التي سيعمل الرئيس أوباما على انجازها خلال فترة وجوده في البيت الأبيض ومن خلال طرحه لهذه القضايا الحساسة نال أوباما ثقة الشعب الأميركي فيه وشعاره «التغيير» هنا تعني التغيير في السياسة الأميركية من جذورها.
يبدو لنا أن برنامج الرئيس المنتخب الجديد مبني بالدرجة الأولى على الاقتصاد ثم على الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من العراق، ثم الاتجاه إلى اغلاق سجن «غوانتانامو» في كوبا، وبهذه التعهدات شدد الرئيس أوباما كذلك على ضرورة التصدي للمشكلات الاقليمية حتى ولو تفاقم لديه عجز الموازنة العامة، لقد انتعشت آمال المعتقلين في «غوانتانامو» وتجددت فرصهم للخروج من هذا المعتقل على الرغم من حالة الغموض الكبيرة التي تحيط بهم خلال الأعوام السبعة الأخيرة، هذا وقد رحبت الجمعيات والمنظمات الدولية التي تهتم بحقوق الإنسان، وتندد بظروف الاعتقال للسجناء، بانتخاب الرئيس «الديموقراطي» الجديد باراك أوباما ورأت في ذلك خطوة لضمان العودة إلى احترام الدستور، وفرصة لتطبيق الوعد الذي قطعه على نفسه بإغلاق معتقل «غوانتانامو»، في حين رفع جميع السجناء في هذا المعتقل وعددهم 255 معتقلاً من جميع بلدان العالم قضايا، اعتراضاً على احتجازهم منذ يونيو الماضي، أمام المحكمة الفيديرالية بعدما تبين ان 60 معتقلاً منهم اعتبرتهم «البنتاغون» إرهابيين غير خطرين، ويمكن تسليمهم إلى بلدانهم الأصلية، أو في حال الرفض يتم تحويلهم إلى بلدان أخرى! ان الإدارة الأميركية مستمرة في رفض مشروع نقل المعتقلين إلى سجون اخرى عسكرية خشية احتمال فرار هؤلاء إلى أماكن قريبة من السكان، على اعتبار انهم تحت مسمى إرهابيين خطرين والولايات المتحدة أساساً تحظر احتجاز مقاتلين أعداء إلى جانب سجناء الحق العام، والسؤال هنا لماذا تستمر المحاكم الاستثنائية الأميركية في اداء عملها المشبوه رغم انتخاب الرئيس الجديد المعروف بمعارضته الشديدة لها، ألا يعتبر ذلك استمراراً لانتهاك حقوق الإنسان ولحقوق الدفاع؟ ان فريق الرئيس أوباما الانتقالي مطالب بانشاء محاكم جديدة للأمن القومي ليكون أفضل حالاً من الوضع الحالي، ولكننا لا نريد أن نسبق الأحداث كونها أكثر المواضيع غموضاً الآن، كما ان هناك اخباراً تشير الى ان مستشاري الرئيس المنتخب الجديد عازمون على إعداد اقتراح لنقل العشرات من المعتقلين المسجونين للاشتباه في تورطهم بقضايا الإرهاب إلى الولايات المتحدة لمواجهة محاكمات جنائية ولكنها تتطلب تأسيس نظام قضائي منفصل ومستقل، كما ان من ضمن الخطط المعدة هي إطلاق سراح بعض السجناء ومحاكمة كثيرين آخرين أمام المحاكم الجنائية الأميركية، أما بالنسبة للواقعين تحت مسمى «إرهابيين خطرين» فهم مجموعة قد يتعين مثولهم أمام محكمة خاصة جديدة تؤسس للتعامل مع قضايا الأمن القومي الحساسة، تلك هي مقترحات اعدت تحت نظر المستشارين «الديموقراطيين» للرئيس أوباما، وظيفتهم البحث عن فرصة لترميم الحقوق الدستورية والتقدم نحو المزيد من الحريات.
كذلك ناشدت «الجمعية الأميركية للدفاع عن الحريات الفردية»، و«جمعية هيومن رايتس فيرست» الرئيس أوباما العمل على طي صفحة سياسات التعذيب وغيرها من التجاوزات التي حرمت الولايات المتحدة من تحسين صورتها أمام أعين دول العالم، وخصوصاً في مجال حقوق الإنسان.
إن الاجراءات التي سمحت بها المحكمة العليا في 12 يونيو الماضي حول اعتراض نحو 255 معتقلاً في غوانتانامو على شروط اعتقالهم، أمر غير مسبوق، كما تتطلب عشرات الجلسات لتحديد القواعد المشتركة بين الطرفين، حيث تنص هذه القواعد على انه يعود للحكومة ان تبرر عن سجن الرجال المعنيين والموزعين على 113 ملفاً، وتنص ايضاً على انه يتوجب على الحكومة ان توفر للدفاع الاتهامات التي توجهها اليهم، فضلاً من امكان القاضي ان يقبل أدلة غير مباشرة في حال اعتبرتها «ذات صلة».
انتقد محامو المتهمين على نوعية الاجراءات التي يتعرض لها موكلوهم منذ سبعة أعوام فالمحامون يتنوعون بين مدنيين وعسكريين، ومنهم من يتقاضى اجراً ومن يعمل من دون مقابل وهم لا يريدون شيئاً سوى رفع الظلم عنهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة ان كانوا متهمين، وان كانوا غير ذلك فهم يستحقون التعويض، يقول المحامي ديفيس ريميس وهو أحد محامي الدفاع عن معتقلي غوانتانامو ان ما قامت به ادارة الرئيس جورج بوش خلال الأعوام الستة الأخيرة غير قابل للدفاع عنه حيث تم تجاوز محاذير دستورية، فالأضرار المترتبة على الدستور الأميركي ستشكل جرحاً عميقاً سيعاني منها ويتحملها الشعب الأميركي خلال العقود المقبلة، والسؤال الذي حير العالم هنا، كيف يحتجز مئات الرجال في قاعدة «غوانتانامو» العسكرية منذ عام 2002 من دون محاكمة او من دون توجيه اي اتهام يذكر؟
وهذا ما أثار غضب هؤلاء المحامين الذين تطوعوا مجاناً خدمة لهم وللدفاع عنهم بكل الوسائل القانونية، فالبعض منهم يملك خبرة، وآخرون هم أساتذة في القانون، والبعض الآخر يعمل في مكاتب معروفة لا يهمهم شيء سوى التعويض النفسي والتعويض الجسدي لهم، والدفاع ايضاً عن الدستور وعن الأسس التي قامت عليها الدولة وليس هنا مجال لتحقيق الأرباح التي تبلغ عشرات الملايين من الدولارات، والصدمة الأخرى قد بدأت حينما زار عدد من المحامين لهذا المعتقل فرأوا العجائب للوهلة الأولى حين مواجهتهم عددا هائلا من القيود والقوانين المعقدة داخل المعتقل، في حين يرى الكثير منهم ان المعتقلين هناك لا يمثلون اي ارهاب سواء بالشكل او بالتعامل مع الآخرين، وهناك اختلاف كبير في مفهوم رؤية الحكومة والواقع.
بعد هذا كله نستطيع القول ان محامي معتقلي غوانتانامو متفانون ولا يحبطهم شيء سوى الاجماع على هدف واحد وهو «التعويض عن خيارات سيئة قامت بها الحكومة الأميركية سابقاً، والان اصبحت تجني ثمارها!»
إذاً... تعهد الرئيس الديموقراطي المنتخب باراك اوباما بإغلاق معتقل «غوانتانامو» هو قيد انتظار العالم بأسره لأنه لم يقدم أي إطار زمني لإغلاقه، ولم يقدم اي تفاصيل حول كيفية اغلاقه، ولكن في الوقت نفسه أكد على انه سيأمر بمراجعة لحالات وقضايا المعتقلين، وهذه الخطوة الايجابية قد تكون خطوة حاسمة لإغلاق ملفات المعتقلين ولإغلاق المعتقل المشبوه إلى الأبد. ولكل حادث حديث.
علي محمد الفيروز
كاتب وناشط سياسي
[email protected]
كما أكد على وقف التعذيب فيه باعتباره وسيلة يستخدمها الجيش الأميركي في استجواباتهم، مؤكداً على ان أميركا لا تمارس التعذيب، وقال: «أريد التأكد من أننا لا نمارس التعذيب»! بلا شك كان معتقل غوانتانامو من أبرز الملفات التي سيعمل الرئيس أوباما على انجازها خلال فترة وجوده في البيت الأبيض ومن خلال طرحه لهذه القضايا الحساسة نال أوباما ثقة الشعب الأميركي فيه وشعاره «التغيير» هنا تعني التغيير في السياسة الأميركية من جذورها.
يبدو لنا أن برنامج الرئيس المنتخب الجديد مبني بالدرجة الأولى على الاقتصاد ثم على الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من العراق، ثم الاتجاه إلى اغلاق سجن «غوانتانامو» في كوبا، وبهذه التعهدات شدد الرئيس أوباما كذلك على ضرورة التصدي للمشكلات الاقليمية حتى ولو تفاقم لديه عجز الموازنة العامة، لقد انتعشت آمال المعتقلين في «غوانتانامو» وتجددت فرصهم للخروج من هذا المعتقل على الرغم من حالة الغموض الكبيرة التي تحيط بهم خلال الأعوام السبعة الأخيرة، هذا وقد رحبت الجمعيات والمنظمات الدولية التي تهتم بحقوق الإنسان، وتندد بظروف الاعتقال للسجناء، بانتخاب الرئيس «الديموقراطي» الجديد باراك أوباما ورأت في ذلك خطوة لضمان العودة إلى احترام الدستور، وفرصة لتطبيق الوعد الذي قطعه على نفسه بإغلاق معتقل «غوانتانامو»، في حين رفع جميع السجناء في هذا المعتقل وعددهم 255 معتقلاً من جميع بلدان العالم قضايا، اعتراضاً على احتجازهم منذ يونيو الماضي، أمام المحكمة الفيديرالية بعدما تبين ان 60 معتقلاً منهم اعتبرتهم «البنتاغون» إرهابيين غير خطرين، ويمكن تسليمهم إلى بلدانهم الأصلية، أو في حال الرفض يتم تحويلهم إلى بلدان أخرى! ان الإدارة الأميركية مستمرة في رفض مشروع نقل المعتقلين إلى سجون اخرى عسكرية خشية احتمال فرار هؤلاء إلى أماكن قريبة من السكان، على اعتبار انهم تحت مسمى إرهابيين خطرين والولايات المتحدة أساساً تحظر احتجاز مقاتلين أعداء إلى جانب سجناء الحق العام، والسؤال هنا لماذا تستمر المحاكم الاستثنائية الأميركية في اداء عملها المشبوه رغم انتخاب الرئيس الجديد المعروف بمعارضته الشديدة لها، ألا يعتبر ذلك استمراراً لانتهاك حقوق الإنسان ولحقوق الدفاع؟ ان فريق الرئيس أوباما الانتقالي مطالب بانشاء محاكم جديدة للأمن القومي ليكون أفضل حالاً من الوضع الحالي، ولكننا لا نريد أن نسبق الأحداث كونها أكثر المواضيع غموضاً الآن، كما ان هناك اخباراً تشير الى ان مستشاري الرئيس المنتخب الجديد عازمون على إعداد اقتراح لنقل العشرات من المعتقلين المسجونين للاشتباه في تورطهم بقضايا الإرهاب إلى الولايات المتحدة لمواجهة محاكمات جنائية ولكنها تتطلب تأسيس نظام قضائي منفصل ومستقل، كما ان من ضمن الخطط المعدة هي إطلاق سراح بعض السجناء ومحاكمة كثيرين آخرين أمام المحاكم الجنائية الأميركية، أما بالنسبة للواقعين تحت مسمى «إرهابيين خطرين» فهم مجموعة قد يتعين مثولهم أمام محكمة خاصة جديدة تؤسس للتعامل مع قضايا الأمن القومي الحساسة، تلك هي مقترحات اعدت تحت نظر المستشارين «الديموقراطيين» للرئيس أوباما، وظيفتهم البحث عن فرصة لترميم الحقوق الدستورية والتقدم نحو المزيد من الحريات.
منذ 23 ساعة
كذلك ناشدت «الجمعية الأميركية للدفاع عن الحريات الفردية»، و«جمعية هيومن رايتس فيرست» الرئيس أوباما العمل على طي صفحة سياسات التعذيب وغيرها من التجاوزات التي حرمت الولايات المتحدة من تحسين صورتها أمام أعين دول العالم، وخصوصاً في مجال حقوق الإنسان.
إن الاجراءات التي سمحت بها المحكمة العليا في 12 يونيو الماضي حول اعتراض نحو 255 معتقلاً في غوانتانامو على شروط اعتقالهم، أمر غير مسبوق، كما تتطلب عشرات الجلسات لتحديد القواعد المشتركة بين الطرفين، حيث تنص هذه القواعد على انه يعود للحكومة ان تبرر عن سجن الرجال المعنيين والموزعين على 113 ملفاً، وتنص ايضاً على انه يتوجب على الحكومة ان توفر للدفاع الاتهامات التي توجهها اليهم، فضلاً من امكان القاضي ان يقبل أدلة غير مباشرة في حال اعتبرتها «ذات صلة».
انتقد محامو المتهمين على نوعية الاجراءات التي يتعرض لها موكلوهم منذ سبعة أعوام فالمحامون يتنوعون بين مدنيين وعسكريين، ومنهم من يتقاضى اجراً ومن يعمل من دون مقابل وهم لا يريدون شيئاً سوى رفع الظلم عنهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة ان كانوا متهمين، وان كانوا غير ذلك فهم يستحقون التعويض، يقول المحامي ديفيس ريميس وهو أحد محامي الدفاع عن معتقلي غوانتانامو ان ما قامت به ادارة الرئيس جورج بوش خلال الأعوام الستة الأخيرة غير قابل للدفاع عنه حيث تم تجاوز محاذير دستورية، فالأضرار المترتبة على الدستور الأميركي ستشكل جرحاً عميقاً سيعاني منها ويتحملها الشعب الأميركي خلال العقود المقبلة، والسؤال الذي حير العالم هنا، كيف يحتجز مئات الرجال في قاعدة «غوانتانامو» العسكرية منذ عام 2002 من دون محاكمة او من دون توجيه اي اتهام يذكر؟
وهذا ما أثار غضب هؤلاء المحامين الذين تطوعوا مجاناً خدمة لهم وللدفاع عنهم بكل الوسائل القانونية، فالبعض منهم يملك خبرة، وآخرون هم أساتذة في القانون، والبعض الآخر يعمل في مكاتب معروفة لا يهمهم شيء سوى التعويض النفسي والتعويض الجسدي لهم، والدفاع ايضاً عن الدستور وعن الأسس التي قامت عليها الدولة وليس هنا مجال لتحقيق الأرباح التي تبلغ عشرات الملايين من الدولارات، والصدمة الأخرى قد بدأت حينما زار عدد من المحامين لهذا المعتقل فرأوا العجائب للوهلة الأولى حين مواجهتهم عددا هائلا من القيود والقوانين المعقدة داخل المعتقل، في حين يرى الكثير منهم ان المعتقلين هناك لا يمثلون اي ارهاب سواء بالشكل او بالتعامل مع الآخرين، وهناك اختلاف كبير في مفهوم رؤية الحكومة والواقع.
بعد هذا كله نستطيع القول ان محامي معتقلي غوانتانامو متفانون ولا يحبطهم شيء سوى الاجماع على هدف واحد وهو «التعويض عن خيارات سيئة قامت بها الحكومة الأميركية سابقاً، والان اصبحت تجني ثمارها!»
إذاً... تعهد الرئيس الديموقراطي المنتخب باراك اوباما بإغلاق معتقل «غوانتانامو» هو قيد انتظار العالم بأسره لأنه لم يقدم أي إطار زمني لإغلاقه، ولم يقدم اي تفاصيل حول كيفية اغلاقه، ولكن في الوقت نفسه أكد على انه سيأمر بمراجعة لحالات وقضايا المعتقلين، وهذه الخطوة الايجابية قد تكون خطوة حاسمة لإغلاق ملفات المعتقلين ولإغلاق المعتقل المشبوه إلى الأبد. ولكل حادث حديث.
علي محمد الفيروز
كاتب وناشط سياسي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي