قدمتها «تياترو» في أولى عروض المهرجان العربي لمسرح الطفل
«مملكة الأسود»... زرعت الثقة بالنفس ونبذت الحقد
«إن لم تثق بنفسك، لن تكون لك حياة»...
هذه هي المقولة التي وثّقها مخرج المسرحية على «البروشور» الخاص بمسرحية «مملكة الأسود»، راغباً إيصالها للجمهور من خلال ما تم تقديمه فوق خشبة مسرح الدسمة مساء أمس الأول، حين انطلقت أولى العروض المنافسة ضمن فعاليات المهرجان العربي لمسرح الطفل في دورته السادسة.
قدمت فرقة «تياترو» عرضاً مسرحياً يحمل عنوان «مملكة الأسود»، من تأليف إبراهيم نيروز وإخراج شملان هاني النصار ومن بطولة بدر الشعيبي، مشاري المجيبل، محمد الأنصاري، ميثم الحسيني، أريج العطار، عبدالرحمن الفهد، إبراهيم العلي، سارة التمتامي، عبدالله الهويدري، محمد المنصوري، فرح الحجلي مع ظهور خاص للفنانة سماح وأيضاً الفنان يعقوب عبدالله.
«مملكة الأسود» عرض مسرحي حمل في طياته العديد من الرسائل الإيجابية للطفل، مثل الحث على التعاون ومسامحة الآخرين عند الاستطاعة، مع ضرورة التمسك بالأمل وعدم اليأس عندما تضيق بنا السبل، إلى جانب زرع الثقة بالنفس، وذلك كله جاء من خلال قصة دارت رحاها في مدينة ما يعيش بها بطل معروف برياضة التسلق يدعى غضنفر (محمد الأنصاري) مع والدته (سماح)، التي كانت داعمة له على الدوام، حيث كان مسيطراً على هذا اللقب كما كان جده أيضاً (يعقوب عبدالله)، لكن هذا الوضع لم يعجب ليث (بدر الشعيبي) وهو أحد سكان المدينة، إذ بدأت الغيرة تتسلل إلى قلبه رغبة منه في سحب الأضواء والبساط من تحتهما ليكون البطل المسيطر لهذه اللعبة، حينها بدأ بحيلة لتنفيذ مآربه مع أصدقائه الأشرار وهم ليثاء (أريج العطار) وجسّاس (إبراهيم العلي) إلى جانب شخصية ثالثة جسد دورها عبدالرحمن الفهد، حتى حقق مراده من خلال خداع غضنفر خلال المنافسة بعدما قاموا بدفعه، ليقوم ليث وأصدقاؤه الأشرار بطرده خارج المدينة والذهاب إلى مدينة أخرى.
وعندما وصل غضنفر إلى المدينة الجديدة التي كان يعيش فيها الطباخ (ميثم الحسيني) وبائع الورد (محمد المنصوري) وحامي المدينة (مشاري المجيبل) والممرضة (سارة التمتامي) والجد (عبدالله الهويدي) وشبلا المدينة (فرح الحجلي وعلي العبدالله)، فشاهد بعينه أموراً كان يفتقد رؤيتها مثل روح التعاون بين أفراد الشعب ونشرهم للحب بين بعضهم البعض وأيضاً لمس فيهم حب التعاون، وعندما أخبرهم بقصته كاملة وما حصل له مع منافسه ليث، أخبروه أن ما قام به أمر خاطئ، وأن عليه العودة مجدداً إلى مدينته لتصحيح ما اقترفه، كما طلبوا منه مواجهة من خدعه (ليث) وعدم السكوت عن الظلم الواقع عليه أبداً، وفعلاً نفذ غضنفر ما سمعه وحصل على لقبه من جديد، كما أنه سامح ليث وكل من ساعده على فعلته لأن المسامحة هي من قيم الأبطال.
من خلال ما سبق سرده من قصة جميلة، نجح الكاتب نيروز في صياغة مجموعة من الجمل التي من شأنها أن تعزز القيم في نفوس الأطفال، مثل «الأرض تصنع الأبطال، والجميع يستطيع أن يكون بطلاً، والأرض لا تحتاج إلى بطل واحد بل إلى عدّة أبطال، كل ما في الأمر أن يتحلى المرء بالشجاعة والنزاهة، ويبتعد عن الحقد والكره والخداع، حينها ستصبح بطلاً في أعين الجميع». كما استطاع المخرج الشاب شملان ترجمة ذلك من خلال رؤيته الإخراجية البسيطة التي حملت فكراً جميلاً، ساهم في إيصالها مجموعة الفنانين الذين جسدوا شخصياتهم بكل احترافية، وطبعاً لا ننسى بقية العناصر المهمة في صناعة أي عمل مسرحي خاص بالطفل كالإضاءة المتلونة التي تولاها عبدالله النصار، فكانت أحد أبطال العمل، والموسيقى المتماشية مع الحالة المسرحية التي صممها عبدالعزيز القديري، وكذلك الأغاني النابعة من لبّ القصة والتي كتب كلماتها الشاعر محمد الشريدة ولحنها هادي الخميس وولاء الصراف ووزعها منظر الزاير بقيادة مهندس الصوت علي دشتي.
أيضاً، هناك الديكور الضخم الذي عبّر عن المكان والذي صممه محمد الرباح، إلى جانب الأزياء التي تماشت مع كل شخصية والتي صممتها منيرة الحساوي ونفذتها هنوف الفيلكاوي. وهنا لابد من الإشادة أيضاً بالمكياج الذي أعطى بعداً لكل شخصية والذي وضع بأنامل استقلال مال الله، وجاء ذلك كله بمتابعة وتنسيق سفانه الشواف التي حرصت على أن يكون كل شيء متقناً إلى النهاية.
في الختام يمكن القول إن «مملكة الأسود» تعتبر بداية موفقة للمهرجان على أمل أن تكون بقية العروض على المستوى نفسه وأفضل.