حوار / «أتحدى أي فنان يجرؤ على القول إن أجره لم ينخفض»

محمد القفاص لـ «الراي»: لا خلاف مع سعاد عبدالله... بل اختلاف!

u0645u062du0645u062f u0627u0644u0642u0641u0627u0635
محمد القفاص
تصغير
تكبير
  • بين إرهاصة وأخرى يُولد عمل كل بضع سنوات... نطلق عليه «طفرة» 
  • لا بد أن يتعامل المخرج في «اللوكيشن» كالقائد العسكري بالميدان 
  • الدخلاء تسللوا إلى الوسط الفني عبر الشبابيك... فخلقوا حالة من الفوضى

 «إن وُجد خلاف بيني وبين سعاد عبدالله فهو (راقٍ)، ومع ذلك لا يعدو الأمر كونَه اختلافاً في وجهات النظر، لا ولن يُفسد للود بيننا قضية».
 بهذه العبارة، قطع المخرج البحريني محمد القفاص الشك باليقين، بشأن ما يتردد عن علاقته بالفنانة الكبيرة «أم طلال»، لافتاً إلى أنها من أكبر القامات الفنية في الوسط الفني الخليجي!
 «الراي» تحاورت مع القفاص، فكشف اللثام، عن أنه فرغ أخيراً من تصوير كل المشاهد الخاصة بمسلسله الجديد «عطر الروح»، الذي سيخوض المنافسة الدرامية التي تتجدد كل عام مع حلول شهر رمضان، متطرقاً إلى الحديث عن مشاريعه الفنية المقبلة، ومن بينها مسلسلا «العد التنازلي» و«معشر الرجال». وتطرق إلى أنه يهوى العمل في الإخراج على غرار القائد العسكري في الميدان، مشدداً على أن المخرج لا بد أن يتعامل بكل قوة وحزم لضبط زمام الأمور في بلاتوهات التصوير.
 القفاص تنقل بين نقاط ورُؤى متعددة لامس فيها قضايا فنية ومجتمعية، وتعقب في حديثه الخيط الذي يربط بينهما... أما التفاصيل فتأتي في هذه السطور:

• انتهيتَ قبل فترة من تصوير مسلسل «عطر الروح» مع الفنانة هدى حسين، حدثنا عن هذه التجربة؟
- إنها تجربة جديدة كلياً بالنسبة إليَّ، وهي تغاير الأعمال التي توليت إخراجها في السابق، لاسيما أنني وجدتُ في «عطر الروح» صعوبة بالغة لناحية تسارع إيقاع العمل والأحداث المتلاحقة، التي جعلتني ألهث وراء كل حدث من دون أن ألتقط أنفاسي، أو أستعرض بعض المشاهد الصامتة أو أستعين بقطعة طويلة من الموسيقى التصويرية بين مشهد وآخر كدأب الأعمال الماضية، لكن في هذا المسلسل كانت الأحداث تتعاقب بكثافة، كقطار يمضي على السكة بسرعة عالية.
• وماذا عن الرسالة التي يحملها العمل؟
- المسلسل يحمل في ثناياه رسائل عدة وقصصاً كثيرة ومتشعبة، من بينها الجشع وحب المال والانتقام، لكنه يطرح هذه القضايا برؤية مختلفة ومن منظور مغاير، خصوصاً عندما نشاهد كيف يُفضي الانتقام إلى انتقام أكبر منه، مع العلم أن الشر لا يُغلب بالشر والجريمة لا تُعالج بجريمة مضادة، كما أن الإنسان الطمّاع لا يجني من زرعه سوى الحصاد المر، وفي النهاية لا يدوم سوى الخير، أما الشر فهو زائل لا محالة، هذه طبيعة الحياة، وهكذا تدور أحداث العمل.
• لأعمالك التلفزيونية بصمة خاصة، تميزك عن غيرك من المخرجين، فما السر الذي يخبئه محمد القفاص خلف الكاميرات؟
- لا أدعي أنني أخبئ أسراراً خاصة خلف الكاميرات في أعمالي، بل إنني أحمل حصيلة سنوات طويلة من الخبرة، بالإضافة إلى الشعور الكبير بالخوف والقلق من الإخفاق أو الفشل في عمل ما، أو فقدان القدرة على منافسة الآخرين بشراسة. فأنا وأبناء جيلي من المخرجين، عندما دخلنا هذا المجال اشتغلنا منذ البداية على إثبات وجودنا كشباب لدينا رؤى وأفكار معاصرة، وقد عملنا بكل حماسة على اجتياز كل الحواجز والعراقيل التي كانت تعترض طريقنا وقتذاك، حتى نجحنا في وضع بصمتنا في الساحة الفنية. لكن بالرغم من ذلك فإن الشعور بالخوف أصبح الآن أكثر من قبل، بل لعله يتعاظم في كل مرة، لأن الخطأ حين يأتي من مخرج كبير فإنه لا يُغتفر، على عكس ما إذا صدر من مخرج صغير وقليل الخبرة، فالأخير سيجد له ألف عذر ليقدمه إلى المشاهدين.
• بالرغم من سمعتك الطيبة في الوسط الفني، ومهارتك العالية في إدارة دفة الإخراج، فإن منجزك الفني في السنة لا يتجاوز عملين؟
- في بداية مشواري دأبت على إخراج عمل واحد في السنة، لكن خلال الأعوام الأربعة الأخيرة أصبحت أخرج عملين في كل عام، أحدهما يشارك في السباق الدرامي لشهر رمضان. لكنني عدتُ هذا العام إلى نقطة البداية، بعدما اكتفيت بإخراج مسلسل وحيد هو «عطر الروح»، وهذا يجعلني أشعر بأريحية أكبر، خصوصاً أن تركيزي سيكون منصباً في عمل واحد فقط.
• يقال - والعهدة على الراوي - إنك تتعامل أحياناً مع الفنانين في «اللوكيشن» كقائد عسكري وليس كمخرج؟
- ومن قال إن مخرج العمل ليس قائداً عسكرياً! المشكلة أنه في هذا الزمن صار الشذوذ أمراً طبيعياً، وانقلب الطبيعي شذوذاً، فالمخرج الحقيقي لا بد أن يتعامل بكل قوة وحزم لضبط زمام الأمور في «اللوكيشن»، لأن الساعة محسوبة بفلوس، أي أن الوقت لا يمضي هباءً. لكن الدخلاء من مخرجين ومديري إنتاج وفنانين وفنانات ممن تسللوا إلى الوسط الفني عبر «الشبابيك» خلقوا حالة من الفوضى في بلاتوهات التصوير، من خلال المزاح الزائد على حده و«الغشمرة» المبالغ فيها، لذلك فهم لا يحبون محمد القفاص، لأنه لا يجامل على حساب عمله، وبالمناسبة أنا لا أطلب الحب من أحد لذاتي، بل سأشعر بسعادة غامرة إن أحب الناس عملي.
• وهل ينبغي على الفنانين أن يقضوا أوقاتهم في أجواء «تراجيدية» حتى إن كانوا خلف الكواليس؟ ألا ترى أن لهم الحق في الترويح بين تصوير مشهد ومشهد آخر؟!
- أنا لستُ ضد الضحك والمزاح في «اللوكيشن»، ولكن يجب ألا يخرج ذلك عن حدود المعقول. بعض الفنانين اعتادوا تحويل الكواليس إلى مسرح كوميدي من خلال تعاملهم مع نوعية بعينها من المخرجين، ممن ليست لديهم مهنة أخرى سوى الإخراج، وبالتالي فإن الأخيرين هم عادة ما يبدون لطفاء مع فريق العمل، لكي لا يتم استبعادهم في أعمال تالية، ومن ثم ينقطع مصدر رزقهم الوحيد.
 • تشهد الساحة الفنية في مملكة البحرين حَراكاً خجولاً إلى حد ما، لكن ما دوركم كرواد في دفع عجلة الإنتاج هناك؟
- في البحرين أنا لستُ رائداً، ولا حتى نصف رائد، ولو كنت كذلك - كما تقول - لما اضطررتُ في كل أعمالي التي أصورها خارج المملكة إلى طلب إجازة من دون راتب من مقر عملي الأساسي، إذ كان الأولَى بالمجلس النيابي في بلادي أن يقر قانوناً ينصف فيه الفنان البحريني، علماً أن الساحة البحرينية تحفل بالعشرات من الرواد والمبدعين في مجالات فنية شتى، وبينهم فنانون وفنيون وكتّاب ومخرجون وغيرهم، وبإمكان البحرين أن تكون المصدر الأول للمخرجين في الخليج بأكمله، غير أن مشكلتنا لا تكمن بكفاءة العاملين في الوسط الفني، بل لشح الدعم المادي ولعدم اهتمام الجهات الحكومية بالثقافة والفنون، لذلك فإن الفن لدينا متدحرج جداً وهو لا ينمو بشكل طبيعي على الإطلاق، وإنما بين إرهاصة وإرهاصة يولد عمل فني كل بضع سنوات نطلق عليه «طفرة».
• لديك بعض التغريدات السياسية على حسابك في تويتر...أأنت فنان أم سياسي؟
-«أنا لا فنان ولا سياسي»، لأن لقب فنان لا يُمنح إلا لمن اجتاز من العمر والتجربة والخبرة الشيء الكثير، كما أنني لست سياسياً بقدر ما أنا إنسان يُجيد الفصل بين الأسود والأبيض، وليس كل من ينتقد الحكومة يطلق عليه سياسي.
• أيضاً، لديك كتابات وانتقادات ضد جهات مختلفة، فلماذا لا تترجم هذه الأمور في أعمالك بشكل فني؟
- بعد توقف مسلسلي «الحلال والحرام» عن العرض في إحدى القنوات العربية الكبيرة، واختصار حلقاته من 30 إلى 13 حلقة، أُصبتُ بحالة من الاكتئاب في التأليف، وعلى إثر ذلك، كلما أمسكت القلم لأكتب من جديد، تذكرتُ أن أجمل مسلسل تشاركت في تأليفه مع زميلي أحمد الفردان تقرر إيقافه، فأضع القلم ليغفو قليلاً على صدر الأوراق.
 • حسناً، يشكو بعض الفنانين من قلة العروض، فأين يكمن الخلل في رأيك؟
- هذه إشكالية كبيرة تخضع لأسباب عدة، من بينها القسمة والنصيب، والشللية في الوسط الفني، إلى جانب أن هناك أنصاف فنانين يتسوَّلون المنتجين للمشاركة في عمل ما، في حين أن المواهب الحقيقية جالسة في بيوتها أو تنتظر في الطابور، الموضوع معقد جداً ومتشعب للغاية.
• لا يخفى أن الوسط الفني الخليجي أصبح يعيش الآن في أزمة اقتصادية كبيرة، فهل للمنتجين دور في تلك الأزمة؟
- لا علاقة للمنتجين بها. هناك أزمات متفرعة لا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي الذي هو انعكاس للأزمة العالمية التي أطلت برأسها قبل سنوات، ولكن إذا نظرنا إلى الأزمات الفنية فهي غزيرة مثل أزمة النصوص الفنية، حيث إن نصف الكتّاب الموجودين هم في الأساس متطفلون على التأليف الدرامي.
•هل تؤيد خفض الأجور لبعض الفنانين، لاسيما أن هناك من يتقاضى أجوراً فلكية؟
- شئنا أم أبينا، تمضي أجور الفنانين على خط متدنٍ، فمن لا يقبل الآن بالتنازل عن جزء من أجره فسيواجه صعوبة بالغة في الحصول على أعمال في السنوات المقبلة، وأنا أتحدى أي فنان يقول إن أجره المادي لم ينخفض. ربما يكون انخفاض أجور الفنانين فألَ خير لازدهار مستقبلي في الدراما الخليجية.
• في أحد البرامج التلفزيونية، وجهتَ رسالة واضحة إلى من وصفتَهم بـ «المنافقين في الوسط الفني»، مستشهداً بكلام الفنانة سعاد عبدالله عنهم... فمَن هؤلاء المنافقون برأيك؟
- المنافقون كثر، وفي كل مجالات الحياة هناك مطبلون ومزمرون، وهناك من يبتسم في وجهك، ثم يطعنك في ظهرك، لا أقصد أحداً بعينه بل هي رسالة جماعية.
• ولماذا استشهدت بما قالته الفنانة سعاد عبدالله، برغم خلافك معها؟
- حتى إن كان بيني وبين سعاد عبدالله خلاف فهو خلاف راقٍ، لكن مع ذلك ليس بيننا شيء من هذا القبيل، بل الأمر لا يتجاوز كونه اختلافاً في وجهات النظر لا يفسد للود بيني وبينها قضية، كما أن «أم طلال» غير متطفلة على الفن، بل هي من كبرى القامات الفنية في الخليج، وإذا لم أستشهد بكلامها، فبمن أستشهد إذاً؟!
• أخيراً... ماذا تحضر للمشاهدين من أعمال جديدة؟
- لديّ مشاريع عدة، منها مسلسل «العد التنازلي» من تأليف الكاتبة مريم نصير، عطفاً على مسلسل آخر بعنوان «معشر الرجال»، من تأليف الأخوين علي ومحمد شمس، وهو من الأعمال التي أتبناها وأعتز بها كثيراً، كما أعكف حالياً على قراءة عدد من النصوص مع الفنانة هدى حسين لاختيار الأنسب منها، تأهباً للبدء في تصويره بعد شهر رمضان المبارك.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي