أعترف بأنه من أسخف المواضيع هو مقارنة النفس بالآخرين، أو سياسة جلد الذات، لأن المقارنة كثيراً ما تكون غير متكافئة، لكنني لم أملك نفسي من المقارنة عندما انتقلنا - خلال ساعة وربع الساعة - من مطار دبي الذي تم تصميمه على أحدث طراز، وسرنا فيه أكثر من نصف ساعة حتى وصلنا إلى بوابة الطائرة وسط الأسواق الحرة والممرات الكثيرة والتنظيم الكبير!
وسرعان ما قفز إلى ذاكرتي حجم المأساة التي تعيشها الكويت في مطارها المتهالك الذي اصطف أمام كل بوابة من بواباته عشرات المسافرين الذين ينتظرون الدور لصعود الطائرة، أما الأحزمة المعدة لتنزيل الحقائب، فلا يعمل منها إلا حزامان، يقف مقابل كل حزام عشرات الركاب ينتظرون بلهفة وصول شنطهم ليخرجوا بعدها إلى قاعة صغيرة محاطة بمحلات ومطاعم كثيرة، وقد تعود أهل الكويت عدم التكدس في المطار لاستقبال الأحباب، ربما لعدم كفاية المطار أو لأن الناس قد اعتادوا على السفر ولا يحتاجون إلى مودعين أو مستقبلين!
والسؤال الذي يقفز إلى الذاكرة مباشرة هو: لماذا تطوّر غيرنا هذا التطور بينما تردينا إلى آخر سلم التأخر؟!
فنحن نملك المليارات من الدولارات وننفق المليارات على كل شيء، وهل كان في بال حكومتنا أن نعاني من الحرمان والتأخر بينما يتطور غيرنا ويتقدم؟
لقد شاهدت مطار دبي ومطار أبو ظبي ومطار الدوحة، وكلهم قد طوّروا مطاراتهم وأنفقوا عليها المليارات، حتى أصبحت معالم من المعالم المهمة في البلاد. والعملية لا تتطلب جهداً ذاتياً من الدولة، بل مجرد عقود مع شركات عالمية لتتكفل تلك الشركات ببناء المطلوب!
ألوم نفسي لأنني عاتبت الدكتور علي العمير - عندما كان وزيراً للأشغال- وطلبت منه عدم توقيع مناقصة المطار الجديد محتجاً بتقرير ديوان المحاسبة الذي رفض المشروع مرات عدة، بحجة المبالغة في تقدير التكلفة، ولم أدر بأننا قد خرجنا من دائرة الزمن بالإبقاء على مطارنا الحالي، وإذا كان المطار يمثل الواجهة الحضارية لأي دولة، فإننا نعيش اليوم خارج الحضارة الإنسانية.
يحتج البعض بأن الكويت قد شيدت الكثير من المشاريع الرائدة في المنطقة مثل دار الأوبرا للنشاط الثقافي ومركز عبدالله السالم الذي يضاهي المتحف التاريخي في لندن وحديقة الشهيد رقم 1 ورقم 2 وذلك صحيح، لكنه لا يغني عن إنشاء مطار جديد بدلاً من هذه المطارات الصغيرة المتفرقة والتي تفتقر إلى أبسط الخدمات ولا تبرز الوجه الحضاري لدولة الكويت.
بل ويحتج البعض بأن المساعدات الكويتية التي تقدمها للخارج تصل إلى المليارات من الدولارات، فهل يعقل أن تحرم الكويت شعبها من أبسط الخدمات؟! نحن بانتظار أن يتم افتتاح المطار الموقت قريباً ثم المطار الجديد بإذن الله، لكي تنحل إحدى العقد التي نعاني منها، ولكن وحتى حدوث تلك المعجزة فلا تلومونا على التحسر على ديرتنا وعقد المقارنات مع الآخرين!