صدى
الأخلاق... والجينات الوراثية
تتداخل وتتفاعل الظروف الخارجيّة المادية منها والاجتماعية، مع العوامل الداخلية النفسية منها والجسمية المرتبطة بالعناصر الوراثية والمتغيرات البيئية، لتشكل السلوك الإنساني، ويبدو أنها تظهر على شكل سلوكيات كريمة أو ذميمة، لأن النفس قابلة للاتصاف بالمكارم والفضائل إذا كان الإنسان ينحدر من أصول متصف بها، وكذا الحال في من ينحدر من أصول عرفت بالرذائل والمفاسد، فإنه يرثها أو يكون قابلاً للاتصاف بها، فحسن الأخلاق كاشف عن جودة العروق والأُصول. وبإدراك هذه الحقيقة يمكن تعليل تأثر البعض بنوع من الفلسفة لا يتأثر بسواها وبذلك يتم التخلص من إشكالات متعددة .
بات من الواضح علمياً ما لقانون الوراثة من أثر في نقل الصفات عبر الجينات الوراثية، إذ إن قانون الوراثة يفعل فعله في نقل الصفات الباطنية الداخلية ذات الطابع المعنوي والأخلاقي. فالوراثة تلعب دوراً محورياً في تشكيل الشخصية والسلوك والسمات الفردية، حيث إن الإنسان لا يرث الجسد فقط بل السلوك والشخصية أيضاً فهذه الجينات مثلما تتكفل التحكم بنقل الصفات الجسمية والشكلية الظاهرية للإنسان، فإنها تنقل الصفات المعنوية والأخلاقية أيضاً.
لقد أثبتت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون أميركيون في جامعة بافلو، أن الجينات الوراثية تتحكم في سلوك وشخصية وطباع الإنسان، وقال الباحثون القائمون على الدراسة التي نشرتها مجلة العلوم النفسية، إن الإنسان لا يكتسب الطباع الحميدة كالسلوك الحسن والقلب الطيب أو الطباع الخبيثة كالكذب والكره والأنانية من الأشخاص المحيطين به أو البيئة التي نشأ بها، إنما هي خصال ولد بها واكتسبها عبر الجينات الوراثية.
إن الوراثة كما تؤثر في تحديد أغلب خصائص وصفات الشخصية؛ فهي تخلق في النفس الاستعداد والقابلية للاتصاف بهذه الصفة أوبتلك، تظهر وتخرج من الذات إلى الموضوع، أو من القوة إلى الفعل، أو من النظرية إلى التطبيق، حسب البيئة المحيطة والظروف المعيشية المواتية المتوافرة لها.
حيث إن هناك العديد من صفات الإنسان تعتمد على الاستعداد الجيني تنمو وتترعرع بالاتجاه المناسب لها، لكنه يستطيع استئصال السلوكيات السلبية فيه وتحفيز الإيجابي منها من خلال الإرادة والعزم وبالتدريب والتربية المستمرة لنفسه، لإبطال مفعولها وتخليص النفس من شوائبها، بل وتحويلها إلى النقيض، لا شك أنها عملية صعبة وشاقة تقتضي الإرادة والصبر والتدريب المستمر.
إن دور الأسرة يحدد سلوك ومقومات الشخصية الفكرية والعاطفية والنفسية؛ حيث ينعكس التعامل مع الأبناء على اتزانهم النفسي والانفعالي، ولهذا يختلف الوضع النفسي من فرد إلى آخر في الأسرة الواحدة أو في أسر متعددة، تبعاً لنوع المعاملة معه من حيث الرعاية أو الإهمال. لذا من الضرورة خلق محيط تربوي مناسب لإصلاح النفس الإنسانية التي بدورها تنعكس إيجاباً على إصلاح المجتمع الإنساني.
إنستغرام/ suhaila.g.h
تويتر/ suhailagh1
إيميل/ suhaila.g.h@hotmai