الفكرة الملغومة

u064au0639u0642u0648u0628 u0627u062du0645u062f u0627u0644u0634u0631u0627u062d
يعقوب احمد الشراح
تصغير
تكبير

ثمة أسباب عديدة للاختلافات الفكرية بين الناس

ينبغي الحرص على حماية الشباب من الأفكار الملغومة والمؤذية للذات والآخرين

اعوجاج الفكر تقع مسؤوليته بالدرجة الأولى على الأسرة والتربية والإعلام


تتباين الأفكار عند الناس حسب توجهاتهم ومعتقداتهم وما تعلموه في حياتهم لدرجة صعوبة إيجاد اتفاق على فكرة واحدة أو تعميم لمعتقد أو انطباع أو رأي عند مجاميع الناس دون حدوث شيء من الخلافات والاختلافات... فمتى ما قبلت الفكرة أو الأفكار عند مجموعة من الناس فإن هناك آخرين لهم وجهة نظر معارضة أيضاً. لذلك انتشرت ظاهرة الأخذ برأي الأغلبية. فما الذي يجعل هذه الأفكار أو الأيديولوجيات عند الناس لا تسير على وتيرة واحدة ونسق عام متفق عليها بين الفئة الواحدة؟ وما الذي يجعل الاختلاف شائعا في كل مكان في الفكرة أو الأفكار حتى في الأسرة الواحدة، بين الاخوة، الأب وابنه، والأم وابنتها وغير ذلك؟ فهل السر في الاختلاف الفكري يعود إلى اختلاف الناس وتباين الأفكار في عقولهم، وتعـــدد خلفياتهم الاجتماعية والثقافية أم أن السر يكمن في طبيعة الأفكار ذاتها؟
 تشير الدراسات أن هناك أسبابا عديدة للاختلافات الفكرية بين الناس تعود بعضها إلى البيئة والتربية، وبعضها إلى الأحوال الاجتماعية والسياسية التي يعيش في أجوائها الأفراد، أو إلى طبيعة المفاهيم المتداولة بين الناس وما إذا كانت معتقدية أو سياسية أو تاريخية... لكن في كل الأحوال فإن الخلفية البيئية والاجتماعية لها انعكاسات شديدة على الأفكار وطرق التفكير عند الناس. فالفرد الذي عاش في النظام الشيوعي وتربى على أيديولوجياتها وتبنى أفكار هذا النظام فإنه يعارض كل من يعارض الشيوعية، تماماً كما يحدث عند الإنسان الذي عاش في أجواء الرأسمالية أو الإنسان الذي تربى على مفاهيم دينية أو علمانية وغيرها.
 ولكن هذه الاختلافات الفكرية، كما يراها الناس، لا تشكل مشكلة في عالم أساسه مبني على التناقضات والمفارقات العجيبة والغريبة... كما أن هذا الاختلاف عند الناس أمر يراه كثيرون بأنه ضروري للتوصل إلى تفاهم ترضى به الغالبية، ويبعد حساسية الصراعات عن حياة الناس... ومع ذلك، فقد تبرز من بين الاختلافات الفكرية بعض الأفكار المتطرفة، وربما الهدامة أو الملغومة التي إذا ما انفجرت فإنها تدمر صاحبها ومن يتواجد حولها.
 إن الفكرة الملغومة هي الفكرة المتطرفة غير المقبولة عامة والتي إما أن تكون خفية سرعان ما تنفجر وإما معلنة تهدف إلى التأثير الشديد في الناس، خصوصاً التأثير في العقول اليانعة عند الشباب فتلغم أفكارهم بمفاهيم متطرفة ومؤذية... فالجماعات الإرهابية مثلاً تحمل أفكارا ملغومة، وتبث سمومها في الشباب بنشر تعاليم خاطئة غير مقبولة عند العامة، والمجرم ينشر أفكاراً ملغومة بأن يغري ويستميل البعض للاشتراك في الجريمة مقابل مال، وتاجر المخدرات يحمل أفكاراً ملغومة فيؤثر في الأفراد ليتعاطوا المخدرات ليقعوا بعد ذلك في الآفة دون خلاص... ولأن الفكرة الملغومة تشمل مساحات كبيرة من النشاطات العقلية للأفراد، فإننا نجدها غالبا ما تؤدي إلى النزاعات والتقاتل وتدهور المجتمع... لا شك أن اعوجاج الفكر تقع مسؤوليته بالدرجة الأولى على الأسرة والتربية والإعلام مع عدم تقليل أهمية التأثيرات البيئية الأخرى المحيطة بالفرد.
 لهذا ينبغي الحرص على حماية الشباب من الأفكار الملغومة والمؤذية للذات والآخرين وذلك بالتشديد على مفاهيم الرعاية والتنشئة السليمة، خصوصاً التركيز على الأدوار المهمة للتربية والتعليم والأسرة والإعلام والمسجد. فهذه الجهات وغيرها تقع على عاتقها واجبات العناية بالشباب وإبعادهم عن الغلو في الفكر وتقبل الآخر، وأن الاختلاف ضرورة للعيش المشترك والإخاء بين كل الناس.

yaqub44@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي