ماذا لو...؟

في التأمل سعادة!

No Image
تصغير
تكبير

من الطبيعي أن يسعى كل إنسان إلى بلوغ توازنه وتحقيق استقراره النفسي حتى ينعم بطعم السعادة، فهو دائم التفكير في الطرق المُثلى التي تعينه على بلوغ هذا التوازن وتحقيق الطمأنينة الداخلية.
إن ماهية الإنسان الحقيقية روحانية في البدء، لذا فهي التي ستدوم وكل ما هو مادي مآله إلى زوال، فما السبيل الذي بإمكانه أن يساهم في ضبط توازننا الروحي والإنساني؟
لقد أجريت دراسة بالولايات المتحدة على مجموعة من الأفراد شاركوا في جلسات التأمل الذهني لمدة شهرين وأثبتت أن دقائق معدودة من ممارسة التأمل يوميا تكفي للشعور بالهدوء والرضا، وأنه يمكننا تغيير أفكارنا بواسطة التأمل، ذلك التأمل الذي يغوص فيه الإنسان في أعماق روحه، محاولا الاقتراب من الفضائل الإلهية والإنسانية التي تقربه من حِكمة الوجود وسره في هذا الكون.
وأشارت بعض الدراسات إلى أن الممارسة المستمرة للتأمل تؤدي إلى تغيير في نشاط المخ بالمراكز المتحكمة في الانتباه والذاكرة والتعلم، والإدراك. ويؤكد عدد من الباحثين أهمية ممارسة التأمل في علاج بعض الأمراض العضوية، خاصة الحالات التي يساهم التوتر في جعلها أكثر سوءا، مثل الاكتئاب واضطرابات النوم وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسرطان.
والتأمل من العادات التي تساعد على التركيز وصفاء الذهن وزيادة الانتباه، كما إنه يعطي شعورا بالهدوء والسلام الداخلي ويوصل للسعادة، والوصول للسعادة ليس الهدف الوحيد من التأمل، فهناك فوائد عدة يمكن تحقيقها من خلال جعل التأمل عادة يومية، كالاسترخاء، التخلص من التوتر والقلق، زيادة القدرة على التركيز والتفكير بشكل أوضح، والقدرة على مواجهة ضغوط الحياة المختلفة، والتغلب على الشعور بالحزن.
تلك الحالة من الاسترخاء التي يخلقها التأمل لا تزول بانتهائه، فهو يجعلنا أكثر هدوءاً مما يحقق سلاما داخليا يكون بمثابة الحصن الذي يحمينا، ويحملنا إلى راحة العقل واستحضار حالة السكينة المفقودة في صخب حياتنا اليومية.
يؤكد الكاتب العالمي ماثيو ريكارد أهمية التأمل، وأن «السعادة لا تولد معنا، ومن هنا، فإن تربيتنا تؤثر فينا». وكشف أن «بإمكاننا أن نغير إرثنا الجيني، حيث أثبتت الدراسات أن ثماني ساعات من التأمل يمكنها التأثير في جيناتنا».
وقال: «كلما سعينا إلى إسعاد الآخرين، تخلصنا من مسببات القلق، وهناك طرق عدة للتخلص من المشاعر السلبية، ولا بد لنا من العمل بطريقة ذكية للوصول إلى السعادة».
 ثمة مفتاحان للسعادة: التأمل ومساعدة الاخرين, الأول تواصل عميق مع الذات وانصات لها ومساعدتها للتعبير عما في أعماقها، والثاني تواصل عميق مع الآخرين واهتمام بهم, الأمر الذي يخلصنا من المشاعر السلبية ويكسبنا مشاعر ايجابية.
ماذا لو منحنا أنفسنا فرصة للتأمل من حين لآخر ليتسنى لنا اكتشاف دواخلنا ومعرفة ما نريد حقيقة وكيفية الوصول إليه؟
ماذا لو منحنا الآخرين وقتا للتعرف إليهم عن كثب ومساعدتهم حتى نمد جسورا من التفاهم بين أرواحنا؟ فللسعادة جناحان: تواصلنا مع الذات وتواصلنا مع الآخرين، ولن تكتمل تلك السعادة إلا بالانفتاح بحب على جوهرنا الإنساني الكامن في ذواتنا، وفي امتدادنا الإنساني الكامن في الآخرين.

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي