وفود عربية وإسلامية كسرت حاجز قرار ترامب وزارت القدس للمشاركة في احتفاليتها «عاصمة للشباب الإسلامي»
لأجلكِ يا مدينة الصلاة... نصلّي
أريحا أقدم مدينة على وجه الأرض وتاريخها يعود إلى عشرة آلاف سنة
بيت لحم تعود إلى ما قبل الميلاد وأول من سكنها الكنعانيون
موقع رام الله يتوسط فلسطين التاريخية وتتمتع بمناخ متوسطي دافئ ويسكنها قرابة 40 ألف نسمة
إنها مدينة الصلاة، أولى القبلتين وثالث الحرمين، لن تستطيع قوة في الأرض أن تنزع قدسيتها من قلوب وأرواح العرب والمسلمين، الذين يتابعون مشاهدها عبر شاشات التلفاز، ويرددون نشيد فيروز الخالد «لأجلك يا مدينة الصلاة أصلّي» فيما ترحل القلوب والعيون إليها كل يوم، إنها مدينة القدس ومهبط الوحي ومسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومهد المسيح عليه السلام، مدينة الرسالات والأنبياء التي يحاول الغاصبون تغيير تاريخها وهويتها، وأنى لهم ذلك؟!
القدس تعيش هذا العام احتفالية كبيرة، بتسميتها «عاصمة للشباب الإسلامي» لتربط هذه المدينة الخالدة بعمقها العربي والإسلامي ولتصفع كل محاولات بني صهيون الذين يحاولون عبثا تغيير ملامحها وطمس هويتها.
وفيما تتسارع الخطى لتنفيذ القرار المشؤوم للرئيس الاميركي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى مدينة القدس في مايو المقبل، كسرت وفود عربية وإسلامية قيد «زهرة المدائن» ورفعت راية الحق الفلسطينية ورددوا بصوت واحد: القدس لنا.
المدينة التي تكسوها الحجار القديمة وتعلوها المآذن والكنائس وتشعُّ نورا وسلاما، ويفوح من عبقها قصص حضارات وشعوبا تعاقبوا عليها منذ آلاف السنين ورسائل ربانية هبطت على أرضها تملؤها بركة تدور في سفوحها ومرتفعاتها تنشر راح البال للزائرين.
مدينة القدس، بمكانة عظيمة في التاريخ، تربط بين قارات العالم، ومرت على أرضها العديد من الحضارات، والشعوب وحلت بها أصعب حروب أثرت على المدينة إلا ظلت صامدة شامخة تتحفظ بعبق التاريخ والاصالة وفي كل مرة كانت تنهض أعظم وأقوى وأكثر رسوخا منذ بداياتها الاولى قبل نحو 6000 سنة، وحتى يومنا هذا.
رحلة الوفود الاعلامية، ضمت ممثلين عن الكويت وقطر ومصر والاردن وتركيا والمغرب وتونس والجزائر وليبيا وأذربيجان ونيجيريا، للمشاركة في فعالية إعلان عاصمة للشباب الإسلامي للعام 2018، في احتفالية عربية وعالمية كبرى، للتأكيد على أهمية القدس بالنسبة لكل شباب العالم العربي والإسلامي. وجاءت المشاركة في الفعاليات بقرار من منتدى شباب المؤتمر الإسلامي للحوار والتعاون، الذراع الشبابية لمنظمة «التعاون الإسلامي»، دفاعا عن المدينة ومقدساتها.
المحطة الاولى للوفد المشاركة كانت في العاصمة عمان، حيث بات الوفد ليلة واحد في منطقة دير غبار وفي صباح اليوم التالي، توجهت الوفود عبر حافلة أردنية إلى المنفذ الحدودي في منطقة الشونة وهو معبر جسر الملك حسين الذي يوصل إلى المعبر الاسرائيلي منفذ النبي والذي يربط الضفة الغربية بالأردن، وبعد إنهاء الاجراءات الخاصة بالسفر من الجانبين الاردني والاسرائيلي، توجهنا إلى مدينة أريحا التي تعتبر أهم مدينة فلسطينية، كونها أقدم مدينة على وجه الأرض وتاريخها يعود إلى عشرة آلاف سنة،ومرت عليها حضارات كثيرة، وهي أول مدينة وصل إليها الوفد بعد منفذي جسر الملك حسين الاردني ومنفذ النبي الاسرائيلي، وتتشابه إلى حد كبير مع أجواء منطقة الشونة الاردنية إلا أنها تمتاز بالتسامح الديني وفيها خليط مشترك بين المسلمين والمسحيين،ويفضل الاهالي لقضاء وقت الشتاء فيها بسبب اعتدال أجوائها.
وكانت مدينة رام الله محل إقامة الوفود الزائرة، حيث زارت الوفود ضريح الرئيس الفلسطيني الرحل ياسر عرفات، وزاروا متحفه الخاص، وتجولوا في مرافقه التي تعرض حكاية الحركة الوطنية الفلسطينية، وسيرة الشهيد عرفات، وتبعد عن مدينة القدس نحو 15 كيلو مترا، كونها المدينة السياسية لفلسطين وتضم وزارات الحكومة ومقر الرئاسة ويتوسط موقع رام الله فلسطين التاريخية، وتتمتع بمناخ متوسطي ودافئ إلى معتدل في الشتاء ويسكنها قرابة 40 ألف نسمة، وبالرغم من أنها كانت مدينة صغيرة، إلا أنها تحولت إلى مركز إداري للسلطة، لاسيما بعد العام 1994 بعد توقيع اتفاقية أوسلو للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، أصبحت المدينة خاضعة للسلطة الوطنية، وتحولت لمقر لها بعد رفض الكيان الصهيوني أن تكون القدس هي المقام مما زاد من عدد السكان من مدن أخرى، وتعتبر المدينة تاريخيا منطقة مسيحية، إلا أن معظم سكانها اليوم هم من المسلمين، مع وجود قوي لأقلية مسيحية.
وقد خاض سكان رام الله معارك شرسة ضد الاحتلال قبل توقيع اتفاقية السلام، ولم يتغير الحال كثيرا بعد أوسلو، حيث إن الحكم الذاتي الذي منح للفلسطينيين في الضفة إثر اتفاقية أوسلو 1993، لم يكن كافيا لمنع الهجمات والاضطهاد الإسرائيلي.
وتمتاز رام الله بكثرة الانشطة الثقافية، والمهرجانات والندوات والمؤتمرات واتساع هامش الحرية،ومن المؤسسات العاملة في مجال الثقافة في مدينة رام الله، مركز الفن الشعبي، ومعهد إدوارد سعيد للموسيقى، ومسرح وسينما القصبة، والقصر الثقافي التابع لبلدية المدينة، ومركز بلدنا الثقافي، ورواق وشاشات ومسرح عشتار، ومركز خليل السكاكيني الثقافي، والمؤسسة الفلسطينية للفن المعاصر، والمركز الثقافي الفرنسي الألماني.
وبعد قضاء يومين في مدينة رام الله توجهت الوفود المشاركة والشوق يحملها إلى مدينة القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ليكون المسجد الأقصى قبلة الزوار، وهو يتألف من عدة مبان، ويشمل كلا من قبة الصخرة تبلغ مساحة المسجد الأقصى حيث أدت الوفود صلاة الظهر في المسجد كما شملت الجولة زيارة لكنيسة القيامة التي تقع داخل أسوار البلدة القديمة في القدس، وتعتبر الكنائس المسيحية وأكثرها أهمية، واطلعت الوفود على مسجد عمر بن الخطاب والاسواق القديمة في القدس وأهم معالمها التاريخية.
وتوجهت بعد ذلك الوفود إلى مدينة الخليل التي تقع إلى الجنوب من مدينة القدس، وهي أكبر المدن الفلسطينية من ناحية عدد السكان والمساحة وأكبرها معاناة وعذاب نتيجة الحصار الصهيوني عليها وعلى معالهما الدينية والتاريخية بشكل كبير، تعتبر الخليل أكبر مركر تجاري واقتصادي في الضفة الغربية، ولها أهمية دينية كبيرة بسبب وجود الحرم الإبراهيمي الشريف في وسطها، وهو المكان الذي يوجد فيه مقامات الأنبياء إبراهيم ويعقوب وإسحق وزوجاتهم عليهم السلام وهو الاخر يعاني من الحصار الصهيوني.
وتقسم مدينة الخليل إلى البلدة القديمة والحديثة، وتدير شؤونها بلدية الخليل التي تأسست العام 1972، وتقع البلدة القديمة منها بالقرب من الحرم الإبراهيمي الشريف وهي عبارة عن سوق، ودكاكين، ومحلات وأزقة قديمة، ويسيطر الجيش الإسرائيلي تسمية مدينة الخليل سميت الخليل بهذا الاسم نسبةً إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام. وزارت الوفود مدينة بيت لحم وهي من المدن الفلسطينية المشهورة التي لها مكانة مهمة عند المسيحيين، جنوب مدينة القدس وهي من أقدم المدن وتضم العديد من الكنائس القديمة، وتعاقبت على هذه المدينة الكثير من الحضارات القديمة مثل الكنعانيين، الآشوريين، الآراميين، والسّريانيين.
ومكانة بيت لحم التّاريخية يعود تاريخ بيت لحم إلى ما قبل الميلاد، وكان أول من سكنها هم الكنعانيون، وسُميت بيت لحم بهذا الاسم نسبة إلى آلهة الكنعانيين لحمو التي ترمز إلى الخصوبة، وتحتل مدينة بيت لحم مكانةً تاريخيةً مهمةً بسبب الاعتقاد السّائد بأن المسيح عيسى عليه السلام وُلد فيها، ولهذا السّبب اشتهرت مدينة بيت لحم منذ ذلك الوقت بمكانتها عند المسيحيين، حيث تحتضن الكهف الذي ولد فيه عيسى عليه السلام، وواجهت مدينة بيت لحم هي الاخرى الكثير من الاعتداءات.
واللافت في الزيارة التوسع الكبير للاستيطان الصهيوني في فلسطين بشكل كبير، حيث يتم جلب المستوطنين من كل بقاع الدنيا لتأمين بيوت ومساكن لهم يتم اغتصابها من الاراضي الفلسطينية، وفي المقابل تتم معاملة السكان الاصليين بطريقة عنصرية فجة تقوم على العداء والصراع، وتلخصها ظاهرة معاداة السامية فمشكلة اليهود إن هذه الارض تتمثل في أرض الميعاد.
من الرحلة
عرفان فلسطيني
أقام نادي شباب عسكر الرياضي في مدينة نابلس جدارية لسمو الامير وأخرى لرئيس مجلس الامة مرزوق الغانم لمواقفهما المشهودة في دعم القضية الفلسطينية.
وأهدى رئيس النادي ناصرأبو العز فوز النادي وتصدره ترتيب الدوري العام على مستوى الضفة الغربية لرئيس مجلس الامة مرزوق الغانم متمنيا أن تكون هناك توأمة مشتركة بين نادي الكويت ونادي شباب عسكر وتنظيم مباراة ودية بين فريقي الناديين في القريب العاجل.
حقوق... واهية.
استندت البرامج الاستيطانية الصهيونية لإقامة المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية، إلى حقيقة تاريخية واهية، مفادها أن هناك حقوقاً تاريخية ودينية يهودية على أرض فلسطين، وأن هذه الحقوق هي التي وعد بها الرب الشعب اليهودي. وتطورهذا المفهوم في ما بعد، فجعل إقامة المستوطنات أداة لتعزيز أمن دولة إسرائيل بعد قيامها عام 1948، فالاستيطان الإسرائيلي هو التطبيق العملي للفكر الديني الاستراتيجي الصهيوني، الذي انتهج فلسفة أساسها الاستيلاء على الأرض الفلسطينية، بعد طرد سكانها الفلسطينيين بشتى الوسائل بحجج وادعاءات دينية وتاريخية باطلة، وترويج مقولة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، فوفدت أعداد كبيرة من اليهود من مختلف أنحاء العالم ومن دول عربية أحيانا، لتحل محل العرب الفلسطينيين.
الاستيطان حجر الزاوية
خرجت الرحلة بحقيقة مفادها أن الاستيطان على الأرض الفلسطينية، يمثل حجر الزاوية في الأيديولوجية الصهيونية؛ وذلك للأهمية العظمى التي تعلقها الحركة الصهيونية على الاستيطان، والتي تكمن في عدة أغراض ديموغرافية وأمنية وسياسية واقتصادية ومائية وطائفية؛ فالاستيطان يعمل على جلب المزيد من المهاجرين اليهود، وتهجير المواطنين الفلسطينيين، وبالتالي، تهويد الأرض الفلسطينية، بقلب الميزان الديموغرافي فيها. كما يعني السيطرة على المناطق الإستراتيجية والموارد المائية، بالإضافة إلى السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الخصبة.كما أن الاستيطان يمثل خطوة على الأرض، وورقة ضاغطة يمكن استخدامها في مراحل المفاوضات المختلفة.