كنت قبل أيام في القصيم، وصادفت هذه المرة زيارة لأحد الزملاء الدكاترة من بريدة الذي جمعتنا به حالة من التوافق في الكيمياء الشخصية، حيث كان هناك تطابق في وجهات النظر حول التعليم في بلادنا والثقافة التي ميزت مجتمعاتنا.
وبما إننا قد انتهينا من إجازة مناسبة طيبة على قلوبنا جميعا، وهي إجازة يومي الاستقلال والتحرير? فندعو المولى عز شأنه أن يمد ولي الأمر حضرة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد، بموفور من الصحة والعافية وأن يهبهما البطانة الصالحة.
هناك نجاحات على أرض الواقع حققتها الكويت في العمل الخيري الذي غطى بقاع الأرض ومساعدتها لجميع الدول يشهد لها القاصي والداني، وهي بعد الله مصدر لتربعها على عرش العمل الإنساني والحمد لله.
واليوم سنتحدث من قلوب محبة لهذا الوطن عن موضوعين يرتبطان ببعضهما البعض: الثقافة وعلاقتها بالمسؤولية الاجتماعية ومفهوم النجاح على الصعيد المحلي.
الثقافة حددها هوفستيد في دراساته حيث أظهرت النتائج مع دراسة جلوب Globe Study إن مجتمعاتنا العربية صنفت ثقافيا بالنسبة لاتخاذ القرار، بأنها مجتمعات تبعد المسافة بين متخذي القرار والتابعين له أسفل الهرم الإداري High Power Distance.
ولو أمعنا النظر في الثابت من الأمور إن المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتق أصحاب القرار تتطلب طواعية فهم الهواجس/المخاطر التي يتحدث عنها العموم والمثبتة في تقارير عالمية أبرزت مستوى الكويت في مرتبة متدنية بالنسبة للتعليم والشفافية والخدمات الصحية وخلافها من الخدمات.
إن ما نعانيه من تدنٍ في مستوى خريجي الجامعات والكليات التطبيقية إنما هو محصلة لمستوى التعليم العام? وإن ما نشهده من تردي مستوى الخدمات الصحية وبقية الخدمات بما فيها الطرق وبطء المنظومة الإدارية إنما يعود سببه لضعف مستوى القياديين القائمين عليها... والنجاح الذي يتغنى به البعض إنما هو صورة من صور النجاحات الوهمية التي لا تحقق توقعات المواطن والمقيم.
نعلم إن الكويت في السنوات الماضية شهدت تنفيذ كثير من المشاريع من مبانٍ? جسور وطرق أغلبها يقع في المنتصف جغرافيا: فهل المباني والجسور والطرق تحقق النجاح المراد بلوغه؟
لذلك? نود أن نعرض النجاحات الفعلية من منظور المواطن البسيط وهي كالآتي:
ـ النجاح الفعلي يبدأ من الاهتمام بالعنصر البشري وذلك من خلال بناء نظام تعليمي سليم يبدأ من مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الإبتدائية حتى مرحلة الثانوية العامة وبعدها جودة التعليم العالي... فنحن أحوج إلى نظام تعليمي متكامل يهتم بصناعة القدوة في المعلم ويدخل مادة دراسية تعني بالأخلاق ومفهوم المواطنة الصالحة.
ـ النجاح الحقيقي على المستوى المؤسساتي يبدأ من رسم رؤية واضحة وقابلة للتطبيق ومنسجمة مع ثقافة المجتمع وهذا لن يتحقق إلا عبر تنصيب قيادات على قدر من المسؤولية والكفاءة... فالتعليم وعلاقته بالمناصب القيادية وثقافة المجتمع أركان مترابطة لا يفهمها أصحاب النجاحات الوهمية.
ـ النجاح على المستوى الاجتماعي يتطلب رسم خارطة طريق للتعامل مع المجتمع ومكوناته والطبقة المثقفة منه من حيث تحديد مساحة الحرية المسؤولة? مكافحة الفساد? وفهم احتياجات المواطن البسيط، وهذا بحد ذاته يحتاج إلى أن «ننفض الغبار» عن طريقة العمل لدينا والتي تعتمد على حسابات سياسية أو مفاضلة على أسس غير احترافية... فمن سيتولى رسم خارطة الطريق وبحث جوانبها وصياغتها بشكل واقعي فعال يحاكي واقع تطلعات الجموع من كبار وصغار? أصحاء ومرضى يجب أن يكون متسلحا بالكفاءة والمعرفة والخبرة والرشد وأن يكون قريبا من مكونات المجتمع ليفهم تطلعاته.
الزبدة:
إنها رسالة شفافة نرفعها لأصحاب القرار ومن يهمه الأمر. وللتحقق من صحة ما عرضناه يحتاج أصحاب القرار إلى رصد توقعات أفراد المجتمع بكل أطيافه ومكوناته عبر استبيان يصمم من قبل مختصين محايدين ويوزع على الموظفين وأولياء الأمور حول مستوى القياديين الحاليين وجودة التعليم والصحة والخدمات المقدمة.
نحتاج في مختصر القول إلى إعادة صياغة ثقافة المجتمع الكويتي لنعلم بعدها الفرق بين النجاحات الوهمية والفعلية كما يراه الجميع... الله المستعان.
[email protected] Twitter: @Terki_ALazmi