صبخٌ وثمار

تصغير
تكبير

بعيداً جداً عن وجهات النظر العاطفية والمباشرة تجاه مسألة الدعم الكويتي للعراق وتبني إعادة إعماره رغم ما اقترفه بحق الكويت، وبعيداً جداً عن محترفي «توتير» الأجواء، خصوصاً من الطرف العراقي الساعين إلى إذكاء النيران وتذكير الكويتيين بـ «الأفعال الشائنة» متمثلة بالغزو العراقي للكويت وما رافقه من سلب ونهب وسفك للدماء والأعراض والكرامات، وصولاً إلى تحرير العراق نفسه من براثن حزب البعث والمقبور غير المأسوف عليه صدام حسين والنكران العراقي لأهمية الدور الكويتي المحوري المهم في إسقاط هذا الديكتاتور، والذي بفضل سقوطه طالت ألسن ما كان لها أن تطول وارتفعت هامات ما كان لها أن ترتفع وجهرت أصوات ما كان لها إلا أن تهمس بنبرات مرتجفة ونظرات مضطربة وأنفاس خائفة... لكن المؤسف أن كثيراً من هذه الألسن والهامات والأصوات بدلاً من أن تستغل بلاغتها اللغوية في شكر الكويت، وجدناها صوبت الكويت بسلاطة لسانها ورداءة أفكارها وفجور خصومتها وكأنها تتعمد ترسيخ قناعة لدى الكويتيين بأن «الصبخ» أو الأرض السبخة لا ينمو فيها زرع مهما اعتنيت فيه، فهي بيئة غير خصبة ولا تفعل غير افساد كل ما يبذر فيها من خير وحب وسلام.
بعيداً عن هذه النتيجة التي يراد إيصالنا إليها، بل بعيداً عن العراق نفسه وهذا الاستفزاز المتعمد الذي لا يتم لجمه عراقياً... هناك مكاسب أخرى للكويت رأيتها تتجلى مع تصريح عضوة مجلس اللوردات البريطاني المبعوثة التجارية لرئيسة الوزراء البريطانية البارونة إيما نيكلسون التي قالت: «إن الكويت حجر زاوية في أمن المنطقة واستقرارها».
عندما نسمع ونقرأ مثل هذه التصريحات والمواقف، يمكن لنا أن ندرك الأبعاد التي يعرفها صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وهو أستاذ الديبلوماسية الكويتية ومهندسها الأول.


فلو كانت بعض الأراضي التي نبذر فيها الخير «صبخة» لا تقبل الزرع، فهناك مناطق أخرى في العالم أكثر أهمية من العراق، بل هي دول يرجع إليها القرار الأول في حفظ السلم والأمن الدوليين، تتقبل ما نبذره وينمو ويورق فيها حتى يثمر. وثمارنا الحقيقية هي هذه الشهادات العالمية المهمة في حق الكويت ودورها الذي لا يمكن القفز عليه أو تجاوزه في المنطقة.
ليس هذا فحسب، بل يكفيك ككويتي اليوم أنك مرحّب بك أينما يممت شطر وجهك، اذهب إلى إيران أو العراق أو اليمن أو سورية أو لبنان أو تونس أو مصر... اذهب إلى روسيا أو أميركا... إلى بريطانيا أو فرنسا... إلى دول الخليج التي قاطعت قطر أو إلى قطر... أينما حللت حللت أهلاً وأينما رحلت رحلت سهلاً، وهذا بالتأكيد ليس نتاج صدفة، بل هو نتاج رؤى ديبلوماسية متزنة وضعها معلم الديبلوماسية الأول الشيخ صباح الأحمد حفظه الله... ولهذا تحققت المعادلة العجيبة... ابذر في العراق... تجني ثمارك في العالم كله.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي