اتفاق «جنتلمان» يقضي بمعاقبة الجهات غير الملتزمة
«المركزي» للبنوك: يكفيكم ثُمن نقطة ... أرباحاً بين أسعار الودائع و«الريبو»
اعتقاد مصرفي بأن تماثل رفع الفائدة يلتهم عوائد «الريبو»... وأكثر
«المركزي» يدفع بالتوازن بين تكلفة البنوك وعوائدها المتعددة
كشفت مصادر مطلعة لـ «الراي»، أن بنك الكويت المركزي أكد على البنوك ألّا يتجاوز هامش ربحيتها المسجل بين عوائدها على عمليات إعادة الشراء «الريبو»، ومعدل فائدتها على الودائع، ثُمن نقطة كحد أعلى.
وبيَّنت المصادر أنه بعد قرار «المركزي» رفع سعر فائدة «الريبو» ربع نقطة، في ديسمبر الماضي، كان يفترض رقابياً أن يقابل ذلك رفع مماثل من المصارف على عوائد الودائع الجديدة أو المتجددة، فوق أسعارها المعلنة قبل القرار، إلا أن ذلك على ما يبدو لم يتحقق على صعيد البنوك جميعها.
وأفادت المصادر بأن بعض البنوك لم تتفاعل بالدرجة نفسها مع القرار، عبر تحسين هيكل أسعارها على الودائع بالمعدل الجديد الذي ستحققه على «الريبو»، إذ جاءت الأسعار المصرفية المقدمة في هذا الخصوص متفاوتة.
وفي هذا الخصوص، لفتت المصادر إلى أن «المركزي» ذكر البنوك «شفوياً» باتفاق الـ «جنتلمان» بينهما، والذي يقضي بألّا يتجاوز هامش ربحية البنوك المسجل بين عوائد الودائع وفوائد «الريبو» عن ثُمن نقطة كحد أعلى، ملمحاً إلى إمكانية قيامه بعدم تنفيذ أي عمليات إعادة شراء لسندات الدين العام مستقبلاً من البنوك المخالفة كإجراء عقابي.
تجدر الإشارة إلى أن المقصود بـ «الريبو» هنا، السعر الذي يستخدمه «المركزي» ضمن اتفاقية إعادة شراء الأوراق المالية الحكومية من البنوك التجارية، للسيطرة على المعروض النقدي، حيث تعد هذه الآلية بمثابة عقد يقوم من خلاله الناظم الرقابي بشراء إصدارات أدوات الدين العام نيابة عن الحكومة، على أن تقوم الأخيرة بإعادة شرائها مرة أخرى، في مسعى من صانع السياسة النقدية لتمكين البنوك من التغلب على أزمات نقص السيولة المتاحة لديها.
وفي رصد أجرته «الراي» على أسعار الودائع المتداولة في الوقت الحالي، لحظ أن أقل الأسعار المقدمة على فترة السنة تقارب 2 في المئة، في حين تصل في بعض البنوك إلى نحو 2.4 في المئة.
من ناحيتها، ترى مصادر مصرفية، أن الفائدة المقدمة على ودائع العملاء تختلف من مصرف لآخر، وأن المحدد الرئيس في هذا الشأن يتعلق بمدى احتياج كل بنك للأموال، وقدرته على تنظيم سلم استحقاقاته، مشيرة إلى أن بعضها سعى إلى استقطاب مزيد من السيولة في الأشهر الماضية، ما دفعها إلى التحرك على تحسين سلم عوائدها على الودائع من باب تحفيز العملاء على الإيداع لديها، ما ضيق حاجتها الفعلية بعد القرار لاستيفاء توجيهات «المركزي».
علاوة على ذلك، هناك اعتقاد سائد، بأن رفع عوائد الودائع ربع نقطة استقامة مع التعديل الذي طرأ على فائدة «الريبو»، يؤثر على أرباح المصارف، وما يغذي هذه القناعة أكثر أن قيمة تعاملات «الريبو» لا تضاهي الودائع التي تقارب نحو 42 مليار دينار، مع الأخذ بعين الاعتبار متوسط النمو السنوي للودائع الذي يصل إلى نحو 2.5 في المئة.
وبيَّنت المصادر أنه سيترتب على الفجوة الواسعة بين القيمتين، أن كلفة الودائع ستلتهم العوائد المحققة من رفع فوائد «الريبو» وأكثر بكثير، كما أن آجال «الريبو» قصيرة، بعكس ودائع العملاء المتجددة يومياً، والممتدة لفترات طويلة.
وترى المصارف أنها تتمتع بفوائض مالية عالية، في حين أن شيئاً ما لم يتغير على صعيد بيئة الأعمال الاقتصادية المحلية، سواء لجهة زيادة الإنفاق الحكومي، أو من ناحية تعافي الشركات، بزيادة أعمالها التشغيلية، التي تتطلب توسعها ائتمانيا.
وأشارت المصادر إلى أن وضعية سيولة المصارف المرتفعة تقلل شهية البعض على استقطاب مزيد من الأموال، بكلفة غير مريحة، لا سيما التي تأتي في شكل ودائع ساخنة، أو بمعدلات منخفضة، مثل التي يقدمها العملاء الأفراد التقليديين، موضحة أن التركيز المصرفي ودفع كلفة أعلى دائما ما يوجه إلى الودائع الكبيرة المستقرة، وفي مقدمتها الحكومية، التي يتم التسابق إليها أحياناً عبر مزادات.
ويقتنع كثيراً من المصرفيين أن رفع أسعار الودائع بالمعدل الممنوح على «الريبو» مع تثبيت سعر «الفائدة»، يخفض سقف ربحية محفظة القروض.
من جهتها، ترى مصادر نقدية أن «المركزي» معني بترتيب أسعار الفوائد، من خلال توفير معادلة، تضمن تحقيق التوزان بين ما يحصله العملاء من عوائد، وما تسجله البنوك من أرباح على التعاملات التي تنفذها مع «المركزي»، مبينة أن ذلك يتطلب أن يكون هامش الربحية المحقق في محصلة هذه الدورة مقبولاً.
ويقتنع «المركزي» بأن جهوده المبذولة في المساهمة بترتيب سلم استحقاقات البنوك، وتنظيم حاجتها للسيولة، تصنّف على أنها عوائد إضافية لا يتعين تجاهلها، فمجرد المساهمة رقابياً في رفع القدرة المصرفية على امتصاص فوائض السيولة، يستحق أن يقابله تفهم من البنوك على قبول فكرة تحقيق عوائد معقولة بين تكلفة أموالها وما تحققه من عوائد مباشرة وغير مباشرة على تعاملاتها مع «المركزي».
ويعزز أصحاب هذا الرأي موقفهم، بإقبال البنوك على الاكتتاب في سندات الدين العام المحلية التي صدّرتها الكويت العام الماضي، رغم انخفاض عوائدها نسبياً، منوهين إلى أن هذا الإقبال جاء مدعوماً بأكثر من اعتبار، من ضمنها ضعف مخاطر هذه الأدوات، وأهميتها في ترتيب سلم الاستحقاقات، وهذه مزايا تنسحب على تعاملات «الريبو» التي يجب ألّا ينظر إليها من باب معدل العائد المباشر فقط.
وبالنسبة لتعاملات سوق فيما بين البنوك أو ما يعرف بـ «الانتربنك» وتأثرها برفع فوائد «الريبو» والودائع، لفتت المصادر إلى التسعير في هذه السوق محكوم بآلية العرض والطلب.