خلال معرض رسم لوحاته صلاح قطب وافتتحه محمد السنعوسي
«الكويت حاضرة في عيون الفن»... توثيق تشكيلي لتاريخ من البذل والعطاء
حينما تتجول ريشة الفنان- عبر الزمن- بين الماضي والحاضر، فإن المحصلة حزمة من اللوحات التشكيلية تعكس في مضامينها ومحتوياتها رؤى متوهجة لتاريخ طويل من العمل والجد، والمثابرة، من أجل استلهام الحلم في أبهى صوره.
وحينما يكون هذا التجوال في الزمن القديم والحاضر لبلد مثل الكويت، فإن الصور التي تتلاحق ستكون أكثر بهاء وجمالا، لأن منظومة الماضي والحاضر- في هذه الحالة- ستتضمن شخصيات عظيمة لها مكانتها السياسية والاجتماعية محليا وإقليميا وعالميا، ولها أثرها الفاعل في الواقع الذي نراه الآن.
هكذا تجولت ريشة الفنان التشكيلي صلاح قطب برشاقة وحميمية في أعماق التاريخ الكويتي، مستكشفة ما تتضمنه من شخصيات أسهمت في نهضة الكويت ووصلها إلى المستوى الراقي الذي نشاهده الآن، بالإضافة إلى تجوله في الحاضر بشخصياته التي حملت مسؤولية السير قدما نحو المستقبل، عبر ممرات آمنة، وطرق مستقيمة مرصوفة بالحب والإنسانية والآمان.
هذه المنظومة التشكيلية المتوهجة بالألوان والحلم... قدمها قطب في معرض عنوانه «الكويت حاضرة في عيون الفن»... افتتحه وزير الإعلام السابق الإعلامي القدير محمد السنعوسي نيابة عن الوكيل المساعد لشؤون الإذاعة في وزارة الإعلام الشيخ فهد المبارك الصباح في قاعتي «الفنون» و«أحمد العدواني»، بتنظيم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
وتوازت البورتريهات لشخصيات كويتية قديمة وحديثة، مع الخطوط العربية من خلال الكلمات المأثورة والقصائد الشعرية... في مسلك تشكيلي متناغم مع الجمال تكفت عناصره الفنية في جاذبية واتقان، وبمدلولات تشي بمشاهد تشكيلية معبرة، وذات رمزية فنية متحركة في اتجاهات زمنية عدة.
ورصدت ريشة قطب- في ما رصدت- بورتريهات لحكام الكويت القدامى- رحمهم الله- مستشهدا ببعض أقوالهم المأثورة أو بقصائد كتبها شعراء كبار، ومن ثم مزج هذه البورتريهات بالخطوط العربية في تكنيك فني متواصل مع الوجدان الوطني العام، ما أوجد حالات استثنائية ومغايرة لمشاهدات تشكيلية عدة، تلك التي بدت أنساقها التاريخية متضامنة مع الواقع في توهجه وحضوره.
كما رصدت ريشة قطب بورتريهات متنوعة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، في تضامن حسي مع كلمات سموه الحكيمة، بالإضافة إلى قصائد شعرية مدح فيها كبار الشعراء شخصه الذي اتسم بالإنسانية والحكمة.
إنها رحلة عبر الزمن أخذنا إليها قطب من خلال أكثر من مئة عمل فني تناول بالرسم أول عهد الشيخ مبارك الصباح وصولا إلى أمير الإنسانية الشيخ صباح الأحمد.
وأعلنت الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في تقديمها للمعرض: «يحفظ لنا تاريخ الفن في سجلاته أجمل وأفخم ما أنتجه الفنانون الكبار المشتغلون بفن التصوير، عندما بذلوا كل ما في وسعهم ليجسدوا لنا واقع ووجوه شخوصهم في لوحات تغص بها المتاحف حول العالم... لقد استطاع الفنان المصري صلاح قطب- خلال إقامته الممتدة في الكويت لأكثر من 30 سنة- أن ينتج هذه اللوحات التي آثر فيها أن يرسم على ورق البردي لإعطائها زخمها التاريخي».
وأضافت «إن اللوحات المقدمة في المعرض أقل من أن توفي شيوخنا من آل الصباح الكرام حقهم، فذكراهم العطرة خالدة خلود إنجازاتهم الكبيرة داخل وخارج الكويت، التي يصعب حصرها في مسيرة التنمية والبناء والرفاة».
واستطردت الأمانة العامة للمجلس الوطني في وصفها للمعرض: «المعرض... مبادرة تشكيلية جمع فيها قطب صورا ملونة لبعض أبرز القادة وخيرة الرجال أصحاب الرؤية النافذة والسياسة الحكيمة، ممن كرسوا حياتهم لخدمة بلدهم وإعلاء سمعته على النطاق العالمي، وإكمالا للفائدة والبناء أضاف الفنان إلى تلك الصور محورا مهما هو كلمات وأشعار مأثورة بخط عربي رصين، ما يجعلها لوحات متكاملة لها أثرها الإيجابي».
والمعرض- الذي أراده الفنان أن يتزامن مع احتفالات الكويت بأعيادها الوطنية وعيد التحرير احتوى على تنوع لافت في مجال استخدام الألوان ورسم البورتريهات بإتقان، إلى جانب تضمين اللوحات برؤى تشكيلية تتوافق مع ما تتطلبه الحالة من استحضار واستمرار من دون انقطاع، بالإضافة إلى القصائد الشعرية المنتقاة من قصائد لكبار الشعراء، مدحوا فيها بقصائدهم حكام الكويت قديما وحديثا.
وفي لوحة أخرى «جدارية» كتب الفنان بخط بديع دستور الكويت، إلى جانب ملامح تشكيلية مؤثرة، أسهمت في إيجاد أجواء وطنية في مختلف لوحات المعرض.
وقصيدة «آخر السيوف» للشاعرة الدكتورة سعاد الصباح كانت من ضمن ما احتواه المعرض في أعماله، بكل ما تحمله من وفاء وإخلاص.
وحظيت اللوحات التي تضمنت قصائد مديح لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بتوهج واضح لنقرأ قصيدة «رمز الكويت» للشاعر الشيخ دعيج الخليفة، و»أمير الإنسانية» لمسلم البحري، و»هامة المجد» للشاعر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
وقصائد في رثاء الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد - رحمه الله - للشاعر عبدالعزيز سعود البابطين، والشاعر شريدة المعوشرجي، وغير ذلك من القصائد التي تظهر الوفاء لأمير أحبه الناس بفضل ما كان يتمتع به من حكمة وطيبة.